سأل سائل عن شخص مات ابنه وترك أربعة أولاد، فتنازل لهم جدهم عن نصيبه في ميراث ابنه المقدر بالسدس، ثم أوصى بتنزيلهم منزلة أبيهم، وبعد وفاته أراد أبناؤه إبطال وصيةِ تنزيل أحفاده؛ بحجة أنهم لا تتوفر فيهم شروط التنزيل المنصوص عليها في المادة 171 من قانون الأسرة الجزئري، والتي من جملتها: (أن لا يكون جدهم قد أعطاهم في حياته بلا عوض).
والجواب:
أن الوصية صحيحة إجماعا؛ لأنها وصية لغير ورثة، ولأنها لم تتجاوز ثلث التركة بل هي أقل من الثلث، وهي واجبة التنفيذ، وليس لأحد إبطالها بعد موت الموصي ما توفرت شروطها، لكونها من العقود اللازمة بالموت؛ وقد عرفها فقهاء المذهب المالكي بأنها: (عَقْدٌ يُوجِبُ حَقًّا فِي ثُلُثِ عَاقِدِهِ يَلْزَمُ بِمَوْتِهِ). أو هي: (تمليك مضاف إلى ما بعد الموت).
والهبة المذكورة في السؤال لا تبطل الوصية؛ لاختلاف متعلّقهما، فهو وهب نصيبه في ميراث ابنه لأحفاده، وأوصى لهم في ماله وصية شرعية مشكورة، قد رفع بها حرج التنزيل القانوني.
وأعمام الأحفاد الذين أرادوا إبطال الوصية؛ لكونها غير مستحقة في نظرهم، قد التبس عليهم فهم المادة 171 من قانون الأسرة الجزائري، ونصها:
(لا يستحق هؤلاء الأحفاد التنزيل إن كانوا وارثين للأصل جدا كان أو جدة، أو كان قد أوصى لهم، أو أعطاهم في حياته بلا عوض مقدار ما تستحق بهذه الوصية...).
فنص المادة: (أو أعطاهم في حياته بلا عوض) خاص بالتنزيل بلا وصية، أي إذا مات جدهم ولم يوص لهم؛ بدليل نصها الآخر: (أو كان قد أوصى لهم) فهو واضح الدلالة في أن الشروط المذكورة هي في التنزيل من غير إيصاء.
أما إذا أوصى لهم فيجب تنفيذ وصيته حتى ولو وهب لهم في حياته بلا عوض، فالهبة لا تبطل الوصية للأحفاد أو غيرهم باتفاق المذاهب، بل تثبت لهم الوصية شرعا، كما تثبت لهم الهبة أيضا بشرط إن يكونوا قد حازوها في حياة الواهب.
والله تعالى أعلى وأعلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق