سأل إمام عن إمام تذكر صلاة الصبح وهو في صلاة الجمعة؟
والجواب:المشهور في المذهب أنه يقطع ولا يستخلف، وتبطل صلاته وصلاة مأموميه، وهو ما بينه شراح مختصر سيدي خليل عند قوله:
(وَإِنْ ذَكَرَ الْيَسِيرَ فِي صَلَاةٍ وَلَوْ جُمُعَةً قَطَعَ فَذٌّ، وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ، وَإِمَامٌ وَمَأْمُومُهُ لَا مُؤْتَمٌّ، فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ جُمُعَةً).
ويقابل المشهور قولان:
1- يقطع ويستخلف من يتم بهم، قاله أشهب وهو رواية عن مالك.
2- يتمادى في صلاته ولا يقطع، عزاه المواق لابن الحاج[1].
وعلى المشهور يقطع الصلاة ويعلم المأمومين فيقطعون معه، ما لم يعقد ركوع الركعة الثانية وإلا شفعها وسلم من اثنتين[2].
لكن ماذا يفعل الإمام ومأموموه بعد القطع؟ هل ينتظرونه حتى يصلي الصبح ثم يصلي بهم الجمعة؟ أم يقدمون أحدا يصليها بهم؟ أم يعيدونها ظهرا؟
هذا ما أغفله أئمة المذهب كما فعلوا في زكاة المرهون.
لكن كلامهم يعتبر كالقواعد التي يفهم غيرها منها، والمفهوم من كلامهم في هذه المسألة أنه
يقضي الصبح ثم يصلي بهم الجمعة؛ ولا يعيد الخطبة قبلها؛
قال مالك رضي الله عنه:
(لَوْ ذَكَرَ بَعْدَ خُطْبَتِهِ مَنْسِيَّةً فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا ثُمَّ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ بَعْدَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ)[3].
ولا فرق في ذلك بين أن يذكر المنسية بعد الفراغ من الخطبة وقبل الشروع في الصلاة، وبين أن يذكرها أثناء الصلاة.
وقال أيضا:
(وَلَوْ خَطَبَ بِهِمْ قَبْلَ الزَّوَالِ وَصَلَّى بَعْدَهُ لَمْ يُجْزِهِمْ وَيُعِيدُونَ الْجُمُعَةَ بِخُطْبَةٍ مَا لَمْ تَغْرُبُ الشَّمْسُ)[4].
فأفاد بهذ النص فائدتين:
1- أن الجمعة إذا بطلت أعيدت ما لم يخرج وقتها.
2- أن الخطبة لا تعاد إذا وقعت في وقتها أي بعد الزوال، ولكن ذلك مقيد بأن لا يطول الفصل؛ ففي الفواكه الدواني للنفراوي: (وَيُغْتَفَرُ الْفَصْلُ الْيَسِيرُ دُونَ الْكَثِيرِ فَتُعَادُ لِأَجْلِهِ الْخُطْبَةُ) ومثل لليسير بقضاء المنسية[5].
ويجب على المأمومين أن ينتظروه حتى يصلي الصبح ويعود إليهم؛ جاء في المختصر: (وَوَجَبَ انْتِظَارُهُ - أي الخطيب - لِعُذْرٍ قَرُبَ عَلَى الْأَصَحِّ). ويندرج في العذر القريب قضاء المنسية.
تلك هي أهم الجزئيات المتعلقة بالمسألة على المشهور.
لكن يبدو أن الأخذ برأي أشهب أنسب لهذه المسألة؛ حفظا لمصلحة نظام صلاة الجمعة، ودرءا لمفسدة الفوضى، لا سيما في هذا الزمان الذي عم فيه الجهل.
وهو أحوط من القول بالتمادي؛ لاحتمال أن يكون القول ببطلانها هو الحق في حكم الشارع.
والله تعالى أعلى وأعلم
الهوامش:
1- يُنظر: التاج والإكليل لمواق279/2
2- يثنظر: العدوى على الخرشي302/1
3- الفواكه الدواني 261/1
4- يُنظر: المنتقى للباجي 134/1
5- يُنظر: الفواكه الدواني 261/1
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق