سأل سائل عن حكم شراء أرض موقوفة؟
الوقف نوعان:
2- منقولات: كالسيارات والثياب والحيوان.
فهذه يحرم بيعها وشراؤها مطلقا في المذهب، حتى ولو تعطلت منافعها، جاء في الرسالة لابن أبي زيد القيرواني: (وَلَا يُبَاعُ الْحُبُسُ وَإِنْ خَرِبَ).
#والأصل في عدم جواز بيع الوقف ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم:
(إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُنِي بِهِ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا. قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ، أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلَا يُبْتَاعُ)[1].
#واحتج المالكية لعدم جواز بيع العقار الموقوف وإن تعطلت منفعته بأمرين:
1- عمل أهل المدينة الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال الإمام مالك رحمه الله: (لَا يُبَاعُ الْعَقَارُ الْحُبُسُ وَلَوْ خَرِبَ، وَبَقَاءُ أَحْبَاسِ السَّلَفِ دَائِرَةً دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ)[2].
2- قاعدة: (سد الذرائع). قال النفرواي - معللا منع بيع الوقف ولو خرب -: (لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ التَّطَرُّقِ إلَى بَيْعِ الْأَوْقَافِ بِدَعْوَى الْخَرَابِ، وَالْإِمَامُ بَنَى مَذْهَبَهُ عَلَى سَدِّ الذَّرَائِعِ)[3].
#ويُستثنى مما تقدم بيع العقار الموقوف لأجل توسعة مسجد الجمعة؛ فيجوز بيعه لأنه مصلحة عامة، هي أكثر نفعا من الوقف، ولا تنافي غرض الواقف من رجاء ثواب الصدقة الجارية.
قال خليل: (إلَّا لِتَوْسِيعٍ كَمَسْجِدٍ وَلَوْ جَبْرًا)
وأدخل بحرف التشبيه في قوله : (كَــ مَسْجِدٍ) ما كان مثل المسجد في عموم المصلحة، كتوسعة طريق المسلمين ومقبرتهم ومدارسهم ومستشفياتهم...
#وإذا بيع العقار الموقوف لتوسعة ما ذُكر وجب أن يُشترى بثمنه عقار يُجعل وقفا كالوقف الأول[4].
قال خليل: (وَأُمِرُوا بِجَعْلِ ثَمَنِهِ لِغَيْرِهِ).
#ثانيا_المنقولات: كالسيارات والآلات والزرابي الموقوفة.. فهذه يجوز بيعها إذا تعطلت منافعها.
قال ابن أبي زيد القيرواني:
(وَيُبَاعُ الْفَرَسُ الْحُبُسُ يُكْلَبُ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ أَوْ يُعَانُ بِهِ فِيهِ).
والكلب داء كالجنون يصيب الخيل وغيرَها..
والمعنى: أن الفرس الموقوف إذا أصيب بهذا الداء، جاز بيعه، ويشترى بثمنه فرس آخر يُجعل مكانه.
(أَوْ يُعَانُ بِهِ فِيهِ) يعني: إذا لم يكف ثمنه لشراء فرس آخر، فإنه يُضاف إلى ما يكفي لشراء الفرس، وقس على الفرس ما أشبهه كالبقرة والجمل والسيارة والثياب..
ويجوز أن يُتصدق بثمنه في الجهاد[5] كأن يُتبرع به لأهل غـ زة عجل الله بنصرهم.
- يحرم بيع العقار الموقوف ولو خرب، وإذا بيع وجب فسخه.
- يجوز بيع العقار الموقوف لتوسعة مسجد الجمعة ونحوه كالطريق والمستشفى، وإذا بيع وجب ان يُشترى بثمنه عقار يجعل مكانه.
- لا يجوز بيع العقار المنقول إذا كانت منفعته قائمة، فإن تعطلت جاز بيعه، ويشترى بثمنه ما يماثله، أو يُتصدق به في الجهاد في سبيل الله.
الهوامش:
1- رواه مسلم في صحيحه رقم 1632
2- النَّوادر والزِّيادات لابن أبي زيد القيرواني 82/12
3-الفواكه الدواني.. 164/2
4- يُنظر: شرح مختصر خليل للخَرَشي 95/7
5- يُنظر: كفاية الطالب الرباني.. 269/2
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق