هل يجب الحج على المرأة إذا لم تجد محرما تسافر معه؟
الحج كما يجب على الر جل يجب على المرأة أيضا، إذا توفرت فيها شروط الحج، كالعقل والبلوغ والاستطاعة، ويشترط في وجوب الحج عليها زيادة على ذلك: (وجود الولي) من زوج أو محرم تسافر معه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:
والمحرم: يشمل كل من يحرم عليه نكاحها على التأبيد، كأخيها وابن أخيها، وعمها وخالها، وزج ابنتها، وأخيها من الرضاعة..
وكره مالك خروجها مع ربيبها؛ لفساد الزمان، وذلك في زمانه هو، فأولى زماننا؟
ولا يشترط في المحرم البلوغ، بل يكفي أن يكون مميزا.
فإذا عدمت المرأة الزوج أو المحرم، أو امتنعا أو عجزا عن الخروج معها، ووجدت رفقة مأمونة، وكانت المرأة مأمونة في نفسها، وجب عليها الخروج معها إلى الفرض، كحجة الإسلام والحج المنذور، لا في حج التطوع أو العمرة على المشهور في مذهب مالك، وقيل: بل تسافر مع الرفقة المأمونة مطلقا. [2].
واختُلف [في المذهب] في الرفقة المأمونة، فقيل: هي مجموعة من النساء والرجال، وقيل: يكفي جمع من النساء، وقيل: بل يجوز لها الخروج حتى مع جمع من الرجال المأمونين.
وفي مواهب الجليل للحطاب:
(إذَا كَانَتْ فِي رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ، ذَاتِ عَدَدٍ وَعُدَدٍ .. فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ سَفَرِهَا مِنْ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ فِي جَمِيعِ الْأَسْفَارِ، الْوَاجِبِ مِنْهَا وَالْمَنْدُوبِ وَالْمُبَاحِ)[3].
وما ذكره الحطاب ينطبق تماما على بعثات الحج والعمرة في عصرنا، المتألفة من أعداد كبيرة من الرجال والنساء، تحت رقابة وإشراف المرشدين، فلا إشكال - إذن - في جواز خروج المرأة معها للحج أو العمرة، كبيرة كانت أو صغيرة؛ لدوران الأحكام مع عللها.
وذهب أبو حنيفة وابن حنبل وآخرون إلى أن وجودَ الزوج أو المحرم شرطٌ في وجوب الحج على المرأة، فإن لم تجده فلا يجب عليها الحج، ولا يجوز لها الخروج مع الرفقة المأمونة، واستدلوا بحديث:
(لاَ تُسَافِرِ المَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلاَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ) فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الحَجَّ، فَقَالَ: (اخْرُجْ مَعَهَا)[4].
وقالوا أن في هذا الحديث دليلا على أن السائل فهم أن السفر المذكور هو سفر الحج؛ لذلك قال ما قال.
وفي أمر النبي صلى الله عليه وسلم السائلَ بترك الغزو، والخروج مع زوجته للحج، دليل على أنها لا يجوز لها الخروج إلا مع ذي محرم.[5]
وأجيب:
- بأن الحديث معارض بعموم قوله تعالى: (مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا) فمن وجدت الرفقة المأمونة فقد استطاعت إلى الحج سبيلا.
- وما ذُكر من أمر السائل محمول على غلبة الخوف، أو على حج التطوع لا الفريضة.
- القياس على وجوب هجرة المرأة من دار الكفر إلى دار الإسلام مع رفقة مأومنة- الذي لا يخالف فيه الحنفية- يقتضي وجوب خروجها إلى فريضة الحج، مع رفقة مأمونة إذا عُدم المحرم[6].
والله أعلم
1- رواه مالك في الموطأ رقم: 3588/ 806
2- انظر: مواهب الجليل .. 2 / 523
3- نفسه 2 / 523
4- رواه البخاري في صحيحه رقم 1862
5- انظر: المبسوط للسرخسي .. 4 / 111
6- انظر: الذخيرة للقرافي2 / 524
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق