مقدمة
الحمد لله حق
حمده، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد نبيه وعبده، وآله وصحبه من بعده.
أيها الجمع الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعدُ: فمن الحقائق المقررة لدى علماء الأصول، أن كل ما جاءت به الشريعة الإسلامية من تكاليف، يرمي إلى هدف واحد وغاية واحدة، هي صيانة الضروريات الخمس (الدين، و النفس، والعقل، و النسل، و المال).
لأنها هذه الضروريات هي الدعائم الأساسية، لقيام نظام العالم وصلاحه،
واستمرار النوع الإنساني واستقامة حاله، فلا تستقيم حياة البشر من دونها، وحديثنا في هذه
المداخلة يقتصر على ضرورة العقل، فالعقل هو مناط التكليف، وجوهر إنسانية الإنسان، ومعيار تفضيله على غيره من المخلوقات، لقوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)[1].
قال العلامة شمس الدين القرطبي المالكي: (وَالصَّحِيحُ الَّذِي يُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّ التَّفْضِيلَ إِنَّمَا
كَانَ بِالْعَقْلِ الَّذِي هُوَ عُمْدَةُ التَّكْلِيفِ)[2].
والعقل هو الركيزة الأساسية في التقدم الإنساني والحضاري، فأي خطوة يخطوها الإنسان في هذا المضمار، هي نتاج نشاطه الذهني وتفكيره الدؤوب، المنبثق عن نعمة العقل التي تكرم الله بها على عباده.
وبناء على ذلك فإن
العَبَثَ بالعقل وإفسادَهُ يعدُّ من أفظع الجرائم، وهو في الدين من أكبر الكبائر.
ومن أخطر
الوسائل التي تُفسِدُ العقلَ وتعطل دوره، وتلحق صاحبه بزمرة الحيوانات المتوحشة: تعاطي
المخدرات؛ وحديثنا في هذه المداخلة يتمحور حول مخاطرها، وحكم تعاطيها، وحكم
التدواي بها، ثم أسباب انتشارها، وسبل معالجتها.
أولا: مخاطر المخدرات
أما مخاطرها فبالإضافة
إلى إفسادها للعقل كما تقدم، فهي تشتمل على أضرار جسيمة، ومن أضرارها التي بينها الأطباء والخبراء:
1- حدوث اضطرابات في القلب، وارتفاع الضغط الدموي،
الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى انفجار الشرايين.
2- التعرض لنوبات الصرع إذا توقف الجسم عن تعاطي
المخدر فجأة.
3- حدوث التهابات في المخ، تؤدي إلى
الشعور بالهلوسة، وأحيانًا إلى فقدان الذاكرة.
4- اضطرابات الجهاز الهضمي وفقدان
الشهية، مما يؤدي إلى الهزال والشعور بعدم الاتزان.
5- التأثير السلبي على النشاط الجنسي.
6- ضعف الجهاز المناعي والصداع
المزمن، وفي حالة الحمل قد تتعرض المرأة الحامل لحدوث فقر الدم وإجهاض الجنين، وقد
يمتد الأمر لحدوث تشوهات خِلقية للأجنة.
7- حدوث تغيير في تركيبة المخ،
بالإضافة إلى حدوث خلل في الطريقة التي يعمل بها.
8- ظهور العديد من السلوكيات السلبية
على متعاطي المخدرات مثل سرعة الاضطراب والشعور الدائم بالقلق.
9- السلوك العدواني تجاه الآخرين.
وبالإضافة إلى
أضرار المخدرات الجسمية والعقلية والنفسية، فهناك العديد من الأضرار الأخرى، التي تتعدى
إلى المجتمع برمته، كحوادث الطرقات، ولجوء المدمن إلي السرقة والغصب، وربما إلى
القتل أحيانًا، وكم من مدمنين قد قتلوا أمهاتهم لأجل الحصول على ثمن المهلوسات،
بالإضافة إلى الأذى الذي يلحقه المدمن بنفسه، فقد يصل الأمر به أحيانًا إلى إقباله
على الانتحار، وقد حدث ذلك في مرات عديدة.
وبالجملة فإن
المخدرات مضرة بالأمن الاجتماعي، وبالصحة الجسدية، وبالسلامة النفسية والعقلية، فبتعاطيها
ينحدر الشخص من مستوى الإنسانية إلى مستوى البهيمية.
والمسلم يجتنب
هذه الآفة إرضاء لله تعالى أولا؛ لأنها معصية كبيرة موجبة لغضب الله ولدخول النار،
ثم يتجنبها لما يترتب عليها من أضرار بليغة.
ثانيا: حكم المخدرات
أما حكمها
الشرعي: فإننا عند التأمل نجد أن المخدرات أولى بالتحريم من الخمر؛ بالنظر إلى مفاسدها
ومخاطرها التي تقدم ذكرها.
وقد جاءت نصوصُ
الشرعِ بتحريم كلِّ مُسكِرٍ، فقال تعالى: (يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ
وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ)[3].
وقال تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ
الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ
ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)[4].
وقال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا
إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا)[5].
واالمخدرات
بمختلف أنواعها وأشكالها داخلة قطعا في عموم هذه النصوص، لاشتمال على علة اسكار العقل
وتخميره، ففي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (َكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ)[6].
وكل من ألفاظ
العموم، فيشمل هذا الحديث بعمومه كل أنواع المسكرات..
وفي راية عند أبي
داود: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ»[7].
والمفتِّر أو
المفتْر – يجوز فيه الوجهان - هو كل شراب يورث الفتور أي الضعف وؤيدي إلى تخدير
أعضاء الجسد، فهو مقدمة السكر.
وقد ورد الوعيد
الرهيب لمتعاطي المسكرات بمختلف أشكالها، في العديد من النصوص الشرعية، من ذلك:
قوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ
الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ». قَالُوا يَا رَسُولَ
اللَّهِ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: «عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ، أَو عُصَارَةُ
أَهْلِ النَّارِ)[8].
وسمى الرسول
صلى الله عليه وسلم المسكرات بأمَّ الخبائث، فمن تعاطى المسكرات فقد جمع في شخصه
الخبائث كلها، ولن يتورع حينئذ عن ارتكاب الكبائر كلها.
ثالثا: حكم التداوي بالمخدرات
وهذه مسألة كتب
فيها الكثير من البحوث، وقدمت حولها العديد من الأطروحات، وصدرت فيها العديد من
الفتاوي، والخلاصة فيها: أنه لا يجوز شرعًا تناول المخدر بقصد التداوي والعلاج، إلا إذا تعيّن العلاج بهذه المواد المخدرة، بإشراف طبيب ثقة، وذلك وفق ضوابط أربعة بينها أهل العلم:
1-
أن تبلغ حاجة
المريض للعقار المخدر مبلغ الضرورة أو الحاجة
الشديدة .
2- أن يشهد طبيب
ثقة على أن
هذا العقار المخدر
فيه منفعة للمريض.
3-
أن يقتصر استعمال العقار
على القدر الذي
تندفع به الضرورة .
4-
أن لا يسبب
هذا العقار للمريض
ضرراً أكبر أو
مساويا للضرر الذي
استخدمه لأجله .
رابعا: أسباب الوقوع في المخدرات
أما أسباب
الوقوع في المخدرا فكثيرة، وحسبنا منها في هذه المقام خمسة:
1- ضَعفُ الإيمان: أو ضَعفُ الوازع الدينيِّ؛ لقوله صلى
الله عليه وسلم: (وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ
يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ)[9]. يعني: وهو مستكمل للإيمان.
2- رفقاء السوء:
وما اكثرهم في زماننا، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (الْمَرْءُ
عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ) [10]. وجاء في الأثر (الصاحب
ساحب). يعني: يصحب صاحبه إلى ما هو عليه، من صلاح أو فساد، فأثر الصديق فى
صديقه عميق، ومن ثم كان لزاما على المرء أن ينتقى رفقاءه، وأن يبلو حقائقهم حتى
يطمئن إلى معدنها.
3- التسيب الأسري: فكثير من الآباء والأمهات تجدهم
يهتمون اهتمام كبيرأ بمطعم أولادهم وملبسهم، وحمايتهم من الأضرار والأمراض البدنية،
ولكنهم قلما يهتمون برعايتهم رعاية إيمانية ورعاية روحية، تجعل منهم أفرادا صالحين
في أنفسهم وفي مجتمعهم... وتكون حصنا لهم من الآفات التي تعترض سبيلهم، في هذا
الزمان الذي كثرت فيه الانحرافات، وتفشت فيه مظاهر الإجرام، التي تهدد سلامة
الناشئة، فكريا ونفسيا وخلقيا.
فكثير من الآباء والأمهات يغفلون قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) [11]. ولا يفقهون الحقيقة التي عبر عنها سيدنا أَبِي الْفَتْحِ الْبُسْتِيِّ بقوله:
يَاخَادِمَ الجسممِ كَمْ تَشْقَى بِخِدْمَتِهِ
لِتَطْلُبَ الرِّبْحَ مِمَّا فِيهِ خُسْــرَانُ
قْبِلْ عَلَى النَّفْسِ فاسْتَكْمِلْ فَضَائِلَهَا
فَأَنْتَ بِالروح لَا بِالْجِسْمِ إنْسَانُ
4- الفراغ: فالفراغ آفة خطيرة، في أحضانها تتولد أمهات
الرذائل، ومن أصدق ما رواه الشافعى فى أسس التربية هذه الكلمة الرائعة : (إذا لم تشغل نفسك بالحق شغلتك بالباطل). فالنفس إذا
لم تشغل بعمل نافع لم تلبث أن تنهبها الأفكار الطائشة.
5- قلة الوعي: فلو أدرك المتعاطي للمخدرات مخاطرها
وآثارها السلبية، على عقله ونفسيته وماله ورجولته.. لما وقع في أوحالها، وبعض
شبابنا قد يلجأ إلى المخدرات بحجة الظروف الاجتماعية.. وهذا جهل وخطأ في التصور،
فحينما تهرب من الواقع المؤلم إلى المخدرات أو الانتحار أو التطرف.. فإنك بذلك لم ولن تحل مشكلة، وإنما تجلبت لنفسك
مشكلة أكبر من مشكلة واقعك التي تتعلل بها.. قال الله عز وجل: (وَلَعَذَابُ
الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى) [12]. ولذلك فعلى المؤمن أن يهرب إلى الله، كما قال
تعالى: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ
مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) [13]. ولو هرب شبابنا إلى الله لوجد الأفق أوسع،
والسعادة أوفر، والمسحيل ممكنا..
وإن كثيرا من شبابنا لضآلة وعيهم لا يعلمون أن المخدرات قد باتت اليوم من جملة الحرب المعلنة علينا، من طرف أعداء الإسلام، وأعداء الإنسانية، وأن المتعاطي لها أو المتاجر فيها هو منفذ لمؤامرات الأعداء على نفسه وعلى بني وطنه..
خامسا: سبل معالجة المخدرات
ويمكننا أن نلخص
سبل معالجتها في أربع أمور أساسية، ينبغي أن تتظافر جهود الجميع على تحقيقها في الواقع والحياة؛ من أجل إيجاد جيل سليم فكريا ونفسيا واجتماعيا، خال من كل المظاهر السلبية، والآفات الاجتماعية.
1- الوازع الديني:
وهو عبارة عن رقابة ذاتية، وزواجر قلبية، تحمل النفس على عدم مخالفة الشرع، وهذا خاص بالمؤمن الذي يشعر أن الله تعالى مطلع عليه ويراه، على نحو قول القائل:
إذا خلوت بريبةٍ في ظلمة
والنفس داعـية إلى الطغيان
استح من نظر الإله وقل لها
إن
الذي خلق الظلام يراني
وكتاب الله تعالى مليء بالدعوة الى استحضار هذه الرقابة
الذاتية، كقوله تعالى :(إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [14].
وكقوله تعالى :(وَاعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ) [15].
فلحماية ناشئتنا من هذه الآفة وغيرها، لا بد من تقوية وسائل الرقابة
الذاتية، في المؤسسات التربوية، ودور الشباب والمراكز الثقافية.. وحتى القيام
بجولات ميدانية للاتصال بالشاردين في الشوارع، ومحاورتهم بالأساليب الحكيمة، وتزويدهم
بنشورات توعوية، وهذا أمر ينبغي أن تتبناه الدولة، وتشارك في تنظيمه كل القطاعات
ذات الصلة بالموضوع، كالشؤون
الدينية، وقطاع التربية، والقطاع الصحي..
2- الوازع لاجتماعي:
و يتجلى ذلك
في الرقابة الاجتماعية، وإحياء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفضيلة
التناصح بين الزملاء والجيران والأقارب وسائر المؤمنين، فالجار ينصح جاره، والزميل
ينصح زميله، والزميلة تنصح زميلتها، والأب والأم ينصحان أولادهما، والمعلم ينصح
طلابه.. وهكذا. وذلك من منطلق قوله صلى الله عليه وسلم: (الدِّينُ
النَّصِيحَةُ) [16].
ومن منطلق محبة الخير لجميع الناس، امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) [17].
3- الوازع السلطاني:
والأصل في
هذا الوازع القاعدة الفقهية:(تصرف الحاكم على الرعية منوط
بالمصلحة). أي مرتبط ومعلق بها، ومعنى القاعدة: أن تصرف السلطان ومن يمثله
على مستوى المصالح المختلفة، يجب أن يكون مبنيا على ما يحقق المصلحة العامة
للرعية، بأن يسن من القوانين ما يحفظ لرعيته دينهم وأنفسهم وعقولهم ونسلهم
وأموالهم، وأن يفعل تلك القوانين في الواقع والوجود، لأن منزلة السلطان من الرعية
كمنزلة الولي من اليتيم كما قال الفقهاء؛ ولأن من النفوس ما لا ينزجر بوازع ديني
ولا بوازع اجتماعي ولا بوازع فطري، فكان لا بد من ردعها بالقوة السلطانية، كما قال
سيدنا عثمان رضي الله عنه: (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع
بالقرآن).
4- التداوي:
فبالإضافة
إلى كل ما تقدم لا بد من تعميم المراكز استشفائية؛ لإنقاذ أجيالنا الصاعدة من هذه
الآفة الخطيرة؛ تطبيقا للقاعدة الفقهية: (الضرر يزال).
أي تجب إزالته بكل الوسائل المتاحة، التي من جملتها معالجة الإدمان، ولنجاح هذا
الأمر لابد من القيام من حملات توعية للأولياء؛ لدفع أولادهم للذهاب لهذه المراكز.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وأن يحفظ شبابنا وأوطاننا، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.
[1] الإسراء
70
[2] تفسير
القرطبي 10/294
[3] المائدة
90
[4] المائدة
92
[5] البقرة
129
[6] رواه
البخاري في صحيحه رقم6124
[7] سنن
أبي داود رقم 3696
[8] رواه
مسلم في صحيحه رقم 72 - (2002)
[9] رواه
البخاري في صحيحه رقم 5578
[10] رواه الحاكم في المستدرك رقم7319
[11] التحريم
6
[12] طه
127
[13] الذاريات50
[14] النساء
1
[15] البقرة 235
[16] رواه مسلم رقم 95 - (55)
[17] رواه الخاري في صحيحه رقم 13
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق