الحمد لله الذي تفرد بجلال ملكوتِه، وتوحّد بجمال جبروتِه، وتعزّز بعلوّ أُحَدِيَتِه، وتكبّر في ذاته عن مشابهة كل نظير، وتنزه في صفاته عن كل تناهٍ وقصور.. فسبحانه من عزيز، لا حدَّ ينالُه، ولا مكانَ يُمسكه، ولا زمانَ يُدركه، ولا فهمَ يُقَدِّرُه.. تعالى عن أن يقال: كيف هو؟ أو أين هو؟ علوا كبيرا..
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةَ موقنٍ بتوحيده، مستجير
بحسن تأييده.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبده المصطفى، وأمينُه المجتبي، ورسوله المبعوث إلى
كافة الورى..
صلى الله عليه وعلى آله مصابيح الدُّجى، وعلى أصحابه مفاتيح الهدى، وسلم
تسليماً كثيراً.
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ
الصَّادِقِينَ»
أما بعـدُ : أيها
المؤمنون: فإن حدينا اليوم عن الرجولة، ومعانيها
ونماذجها، فالأمم إنما تسود برجالها، الذين يظهرون عند كل محنة، فتنجلي بهم
الظلمة، وتزول بهم الغمة، وتعلو بهم راية الحق والعدالة، وتُنَكَّسُ بهم رؤوس
الظلم والخيانة... فبالرجال تنفرج الأزومات، وبالرجال تتحقق
الانتصرارت، وتبنى الدول وتؤسس الحضارات، وتنهض الرسالات وتزدهر المجتمعات...
ولذلك كانت الرجولة
أمنيةَ سيدنا عمر رضي الله عنه وأرضاه، فذات يوم وهو في دار من دور المدينة المباركة، جلس رضي الله
عنه إلى جماعة من أصحابه فقال لهم:
"تمنوا؟ فقال أحدهم: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهباً أنفقه في سبيل الله. ثم قال عمر: تمنوا، فقال رجل آخر: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً وجوهراً أنفقه في سبيل الله وأتصدق به. ثم قال: تمنوا، فقالوا: ما ندرى ما نقول يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: ولكني أتمنى رجالاً مثل أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة فأستعين بهم على إعلاء كلمة الله".
فلله در
أمير المؤمنين ؛ فلقد أدرك أنه لا قيمة للذهب والزبرجد والجوهر.. ولا قيمة للسلاح
والأموال .. ولا قيمة للأمم والأوطان.. إذا لم يكن لكل ذلك رجال يحمونه، ويوظفونه
في مرضات الله تعالى...
فهاهي دولنا
العربية اليوم تملك ما تلك، من الجيوش الهائلة، والأسلحة الفتاكة، والأموال
الطائلة.. فهل وجل منهم عدو؟ أم هل سُر
بهم صديق؟
فهم رغم ما
يملكون من قوة هائلة، لم يستطيعوا إدخالَ رغيف خبز، أو قارورة ماء، لأطفال غزة
ونسائها، الذين يموتون جوعا، أمام مرأى ومسمع العالم أجمع!! ولم يجرؤا على تحريك سيارة إسعاف لإغاثة الجرحى والمصابين!! ذلك لأنهم فقدوا معاني عن الرجولة وما تحمله من نخوة وإباء..
بينما استطاع
رجال المقاومة الأشاوس - رغم قلة عددهم وضعف عتادهم، ورغم الحصار المضروب عليهم - أن
يلحقوا الهزائم المتتالية، بالجيش الصهيوني، المدجج بمختلف الأسلحة المتطورة،
والمدعوم من من أمريكا وفرنسا وابريطانيا وألمانيا.. وغيرها من الدول الغربية، وحتى
من الدل العربية المطبعة، التي راحت ترسل الأطعمة الطازجة لجنود الاحتلال، وتزودهم
بالوقود والأموال..
وصدق من قال:
"رجل كألف، وألف كأف". بل إننا رأينا اليوم في ملحمة
في غزة: "رجل كمليار، ومليار كأبعار".
ويروي التاريخ أنه لما حاصر خالد بن الوليد الحيرة، أرسل إلى سيدنا أبى بكر يطلب منه مدداً، فأمده برجل واحد، وهو :سيدنا القعقاع بن عامر التميمي رضي الله عنه، وقال له: "لا يُهزم جيش فيه القعقاع". وكان سيدنا أبو بكر يقول: "لصوت القعقاع في الجيش خير من ألف مقاتل". فما أحوج أمتنا اليوم إلى رجال من طراز القعقاع !!
فلعمري ما الرجولة بشنبات مبرومة، أو عضلات مفتولة، أو بلحى مسدولة، أو كلمات معسولة، أو بأموال موفورة، أو قصور مرموقة، أو ألقاب مهيبة، أو جيوش كثيفة..
وإنما الرجولة عقيدةٌ راسخة، وأخلاقٌ كريمة، ومبادئُ قويمة، ومواقفُ شجاعةٌ نبيلة..
لذلك أتت الرجولة في القرآن العظيم مرتبطة بقيم سامية، ومبادئ عالية، ومواقف مشرفة، وإجابية راقية..
وتتجلى معاني الرجولة في العديد من الجوانب والمجالات، حسبنا منها في هذا المقام ثلاثة، فلكل مقام مقال ولكل ظرف خطاب :
أولا: رجولة صدق الوعد مع الله:
كرجولة الصحابي
الجليل أنس بن النضر، فلما أشيع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قُتِل يوم أحد،
وقد فشل كثير من الصحابة والقوْا بأسلحتهم، برزت رجولة هذا الصحابي لتنقذ
الموقف، وتعطي دفعا قويا للمعركة لتكمل مسيرها، فانتفض كالأسد الهصور قائلا:
"إذا كان النبي قد قُتل فماذا تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما
مات عليه ، ثم استقبل القوم فقاتل حتى قُتل".
وقد وُجد
بجسده بضع وثمانون ما بين ضربة وطعنة ورمية، فلم يستطيعوا أن يتعرفوا عليه بكثرة ما بجسده من
الجراح، فما عرفته إلا أخته بشامة له، فأنزل الله
تعالى فيه وفي أمثاله إلى يوم الدين:
"مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ
مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا
لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ".
ومن هؤلاء الرجال الصداقين في زماننا
هذا: أهل غزة الصامدون الصابرون المحتسبون ، الذين عاهدوا الله على مقاومة قوى الشر والطغيان، حتى
النصر أو الاستشهاد، كما قال أبو عبيدة نصره الله: "وإنه
لجهاد.. نصر أو استشهاد".
ولقد صدقوا
ما
عاهدوا
الله
عليه؛
فثبتوا في ساح الوغى
كالجبال الراسخات، غير مضطربين
ولا متأثرين بخذلان، وغير عابئين بتكالب كبرى الدول
عليهم.. فلم تثنهم العوائق والصعوبات والمآسي.. عن
الوفاء بعهدهم مع الله تعالى.. فدخلوا بصدقهم
وثباتهم ووفائهم في عموم هذه الآية، واستأثروا بمعاني الرجولة في زمن قد قل فيه
الرجال.
ثانيا: رجولة قوة
العزيمة والتوكل على الله
كرجولة الرجلين اللذين
قال الله تعالى في شأنهما: "قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ
الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ
فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن
كُنتُم مُّؤْمِنِينَ".
وذلك أنه لما جبن بنو
أسرائيل، ونكلوا عن متابعة موسى في مواجهة الجبارين، وتطهير الأرض المقدسة من
رجسهم وفسادهم، قام هذان الرجلان وهما (يُوشَعُ بْنُ نُونٍ) وَ (كالِبُ بن
يُوفَنَّا) قاما يشدان العزائم ويرفعان الهمم...
وهكذا ينبغي أن يكون الرجال عند خور العزائم واشتداد الأزمات، يثبتون على الحق، ويتوكلون على الله مع الأخذ بالأسباب، ويحيون الأمل في القلوب، ويبعثون القوة في النفوس، على نحو ما قال العلامة ابن باديس رحمه الله:
وَاهْـزُزْ نفوسَ الجَامِدينَ فَرُبَّمَا حَيّ الْـخَـشَـبْ
ومن سره أن يرى رجولة قوة العزيمة والتوكل على الله مجسدة على أرض الواقع في أعلى صورها: فلينظر إلى أهل غزة، الذين استمدوا قوتهم من الله، وتوكلوا عليه وحده، غير عابئين بأي قوة سوى قوته: "ومن يتوكل على الله فهو حسبه".
حينما أحاط المشركون بالنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه وهما في غار ثور ، قال أبو بكر: "لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا"
فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: "يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا".
وأنزل الله تعالى في ذلك: "إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا".
فلله ما أروعها من كلمات! تلك التي عبر بها صلى الله عليه وسلم في أصعب المواقف وأشدها خطرا! "لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا"
فما دام الله معنا فمن علينا؟ وما دام الله معنا فلن نغلب، ولن نهزم، ولن نضل، ولن نضيع، ولن نيأس أبدا؛ لأن الله معنا.
ثالثا: رجولة المناصرة والمناصحة
- كرجولة ذلك الرجل الذي ذكره الله تعالى في سورة يس: "وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى
قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ". إلى قوله
تعالى : " إِنِّي
آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ".
فقد ناصر
هذا الرجل المرسلين، ونصح لقومه بالحجة والبيان، فقتله قومه بطريقة وحشية، فبُوئ
بموقفه المشرف مكانة عليّة، واستحق به جنة مرضية؛
"قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ".
ولما دخل
الجنة كان له موقف آخر من مواقف الرجولة؛ "قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي
رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ".
فتمنى لو
أن قومه يعلمون أن ما عند الله خيرا لهم وأبقى؛ فيهتدوا ويلحقوا به الى
جنات الخلود، ولم يحقد على قاتليه ؛ لأن من صفات الرجولة: التسامي عن الحقد
والضغينة، كما قال مفدي زكريا على لسان أحمد زبانة :
- ألا وإن
من المواقف التي تجلت فيها رجولة : [المناصرة والمناصحة] موقف مؤمن آل فرعون، الذي حز في نفسه ظلم فرعون لموسى
ولمن آمن معه، ولم يرض بمؤامرة العصابة الفرعونية، التي حيكت لموسى ومن معه، وقد
قص علينا القرآن من خبره:
"وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى
إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ
النَّاصِحِينَ".
وفي موضع آخر : "وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ".
فاستحق
بمواقفه المشرفة أن يُخلُّد ذكره في القرآن المجيد، وأن يوصف بأنه: رجل.
والملاحظ في
كلمة : [رجل] أو [رجلان] أو [رجال] المرتبطة في القرآن بالقيم والمبادئ.. أنها
دائما تأتي منكّرة؛ لتشمل معاني الرجولة، في كل زمان ومكان، وفي كل جيل وأوان،
فلكل زمان رجاله، ولكل أمة رجالها..
ورجال هذا
الزمان هم مقاوموا غزة وحدهم، ومن وقف إلى جانبهم، فدعمهم وناصرهم، كمناصرة صاحب ياسين
ومؤمن آل فرعون.
فمن فاته
شرف الجهاد، ومن فاته شرف مرافقة
العقيد عميروش، وسي الحواس، وسي مصطفى بن بو العيد، وديدوش مراد، ومحمد شعباني،
وزيغود يوسف وإخوانهم...
فلا
يفوتنَّه شرف مناصرة المجاهدين بغزة.. فإنه لم يبق اليوم على أديم الأرض حامل للواء
النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه سواهم.
عباد الله
صلوا وسلموا على سيدنا وحبيبنا محمد، ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطه المستقيم،
أقول ما تسمعــون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفـروه إنه هو
الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله،
والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أيها
المؤمنون الكرام: لم يشهد التاريخ رجولة في أعلى صورها، وأكمل
معانيها، كما شهده في تلك النماذج الكريمة التي صنعها الإسلام على يد رسول
الله صلى الله عليه وسلم، من رجال يكثرون عند الفزع، ويقلون عند الطمع، لا يغريهم
الوعد، ولا يلينهم الوعيد، ولا يغرهم النصر، ولا تضعفهم الهزيمة. .
وكم نحن في حاجة اليوم إلى أمثال هؤلاء الرجال، الذين تسمو بهم الهمم، وتحيا بهم الفضائل والقيم، وتشتد به بهم العزائم، وتسعد بهم الأمم، وتقوّض بهم أركان دولة الطغيان.. ومن هؤلاء الرجال في وماننا: أهل عزة الصامدون الصابرون المحتسبون، وجالها الشجعان المقاومون، فكونوا لهم أنصارا بكل ما تستطيعون، واعلموا بأن النصر آت بإذن الله، ولزوان الدنيا أهون على الله من أن لا يحقق وعده لعباده المؤمنين، وقد وعدهم بالنصر والتمكين، قفال عز من قائل: "وكان حقا علينا نصر المؤمنين".
وقد اقتضت
سنته تعالى أن لا يتأتى نصر وتمكين، إلا بعد ابتلاء وتمحيص، كما قال تبارك تعالى:
"أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا
يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ
وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ
مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ".
ومن حكم هذا
الابتلاء: تمييز المنافقين من المؤمنين، والكاذبين من الصادقين.. وذلك معنى قوله
جل جلاله:
"مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا
أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ".
وها هي ملحمة غزة لم تدع اليوم خبيثا إلا وفضحته، سواء من الأنظمة العربية، أو من مشايخ البلاط الذين باعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل، أو الفرق الدينية التي طالما خدعت الناس بأنها على منهج السلف، حتى غدت اليوم تصف المقاومة الباسلة بأنها من الخوارج، وأن الدعاء عليها أولى من الدعاء اليهود، فانفضح أمرها وانكشف زيفها... ولم يبق في الميدان إلا الصادقون، أدخلني الله وإياكم في زمرتهم.
لا يفوتنا في هذا المقام أن ننوّه بالمواقف المشرفة للجزائر، سواء على المستوى الدبلوماسي، أو على مستوى الدعم الميداني..
فالجزائر كانت ولا تزال هي الدولة الوحيدة التي تقف إلى جانب فلسطين، شعبا ومقاومة، وستظل كذلك حتى تنال فلسطين استقلال المنشود..
ويكفيها شرفا أن إعلان الدولة الفلسطينية كان على أراضيها في نوفمبر 1988م
وكذلك توحيد الفصائل الفلسطينية في أكتوبر 2022م
وحينما اندلعت معركة طوفان الأقصى في اكتوبر 2023م وجدت المناخ مهيّأً باتحاد كافة الفصائل الفلسطينية..
وفي أكتوبر 2027م سيكون الكـ..يا..ن ال ص ه ي و ني قد زال من الوجود بإذن الله تعالى، كما تنبّأ به مؤسس المقاومة، سيدنا الشهيد أحمد ياسين رحمه الله، وهو تنبؤ مؤيد بالسنن الكونية المقررة في القرآن العظيم..
ولا تحسبُنّ أن الله سيدع ملكه للمجرمين يعبثون أبدا..
وإنما يمهل ويبتلي ويمحص ويميز الخبيث من الطيب..
ثم يأخذ الظالمين أخذا أليما شديدا، لا يجدون عنه محيصا..
ولزوان الكون أهون عليه من أن لا يحقق وحده لعباده المؤمنين، وهو القائل جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: (وكان حقا علينا نصر المؤمنين).
فاطمئنوا وأبشروا واستمروا في النصرة بكل ما تملكون وتستطيعون..و إلى النصر في الموقف الفاصل..
ونسأل الله تعالى لأمتنا العربية ولإسلامية ألفةً تجمع الشمل، ووحدة تبعث القوة، ورحمة تضمد الجراح، وتعاونا يثمر المنفعة...
عباد الله أوصيكم – ونفسي المخطئةَ المذنبة - بتقوى الله عزجل،
"وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا".
فاتقوا الله
حق تقواه، وراقبوه مراقبة عبد يعلم أن الله مطلع عليه ويراه، وتزودوا من هذه الدنيا
الفانية، للآخرة الباقية، بعمل صالح يرضاه..
واعلموا أنكم جميعا من هذه الدار راحلون، وإلى الله راجعون، وبين يديه واقفون، وعن أعمالكم محاسبون، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره، ولا يظلم الله أحدا من العالمين، وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما...
واعلموا أن
الله أمركم بأمر عظيم، بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكته المسبحة بقدسه، وثلث بكم
أيها المؤمنون من جنه وإنسه، فقال عز من قائل، ولم يزل قائلا عليما، وآمرا
حكيما: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ
عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا
تَسْلِيماً».
فاللهم وصل
وسلم وبارك على البشير النذير، والسراج المنير، وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار،
خصوصا على أجلهم قدرا وأرفعهم ذكرا، ذوي المقام العلي والقدر الجلي، ساداتنا
وأئمتنا الفضلاء، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى الستة الباقين من العشرة
المبشرين بالجنة،
وعلى
الحسنين الأحسنين، أبي محمد الحسن، وأبي عبدالله الحسين، وعلى أمهما الزهراء،
وخديجةَ الكبرى، وعائشةِ الرضى، وبقية أزواج النبي المصطفى، وعلى الصحابة أجمعين،
وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
اللهم أعز
الإسلام والمسلمين، وانصر الإسلام والمسلمين، واجعل كلمتك هي العليا إلى يوم
الدين، واخذل الكفرة والمشركين، وأصلح من في صلاحه صلاح للإسلام والمسلمين، وأهلك
من في هلاكه صلاح للإسلام والمسلمين، وكن اللهم لإخواننا في غزة عونا ونصيرا،
اللهم أيدهم بنصرك يا ذا العزة والجبروت، ودمر أعداءهم تدميرا، واجمع
شملنا ووحد كلتنا، وانصرنا على من خالفنا، ومن كادنا فكده، ومن خدعنا فاخدعه، ومن
خذلنا فاخذله، ومن سعى بنا فلا تسعده..
ووفق ولاة
أمورنا لما فيه خير العباد والبلاد، وحل بينهم وبين بطانة السوء، واحفظ بلادنا
وأصلح أزواجنا وذرياتنا، واشف مرضانا وعاف مبتلانا، وارحم موتانا، واختم بالصالحات
أعمالنا..
اللهم ارفع
عنا مقتك وغضبك، ولا تصرف وجهك عنا بسواء فعالنا، وأخرج حب الدنيا من قلوبنا،
وأعذنا من غوائل
أنفسنا..
واغفرِ اللهم لنا ولوالدينا، ولمن علمنا ولمن أحسن إلينا، ولسائر المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
شكرا
ردحذفجزاك الله خيراً شيخنا الفاضل
ردحذف