سأل سائل عن رجل قال لزوجته: أنت حرام عليَّ إلى يوم الدين؟
والجـــواب:
أن هذه المسألة يُنظر إليها من ناحيتين:
1- من حيث لفظ التحريم. أي قوله : [أنت حرام].
2- من حيث تأبيد التحريم. أي قوله : [إلى يوم الدين].
[أ] فأما لفظ التحريم فقد اختلف فيه الفقهاء اختلافا كبيرا، والمشهور في المذهب أنه يعتبر ثلاثا في الزوجة المدخول بها.
واما غير المدخول بها فيسأل عما نوى بلفظ التحريم، فإن نوى طلقة واحدة فواحدة، وإن نوى اثنتين فهي اثنتان ، وإن نوى ثلاثا أو لم ينو شيئا فهي ثلاث.
وقد نص على ذلك سيدي خليل بقوله :[وَالثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فِي كَالْمَيْتَةِ .. أَوْ أَنْتِ .. حَرَامٌ ].
هذا هو المشهور من المذهب، ولكن الفقهاء المعاصرين لم يلتزموا الفتوى به في هذه المسألة.
- فالشيخ احمد حماني رحمه الله كان يفتي كالأندلسيين بأن قال لزوجته أنت حرام فهي طلقة واحدة بائنة، أي تكون الرجعة بعدها بعقد جديد.
- والشيخ أحمد ادريس رحمه الله رجح بأنها طلقة واحدة رجعية، وقال: [هذا أقل ما يقال فيها].
- والشيخ موسى اسماعيل حفظه الله قال : أن الذي عليه الفتوى أنه يُنَوَّى فإن نوى اليمين فعليه كفارة يمين، وإن نوى الظهار فعليه كفارة ظهار، وإن نوى الطلاق فهي طلقة واحدة رجعية.
[ب] أما تأبيد الطلاق فالمشهور في المذهب أنه طلقة واحدة رجعية أيضا.
وقد نص عليه سيدي خليل بقوله: [أَوْ طَالِقٌ أَبَدًا طَلْقَةً]
يعني أن من قال لزوجته أنت طالق أبدا فهي طلقة واحدة رجعية، وكذلك إذا قال لها: أنت طالق إلى يوم الدين أو إلى يوم القيامة، أو حرام إلى يوم القيامة، ففي كل ذلك تحسب عليه طلقة واحدة على المشهور خلافا للدردير الذي رجح بأنه يلزمه الثلاث.
ويظهر مما تقدم أن القول - الذي اعتمده الشيخ حماني - يعتبر قولا وسطا في المسألة بين مشهور المذهب وبين ما دونه من أقاويل، ومن القواعد التي قررها الشاطبي في موافقاته: [ما كان من المذاهب وسطا كان أجدر بالإتباع].
وهو أحوط للفروج فيكون متمشيا مع قاعدة : [وجوب الاحتياط للأبضاع].
ولا يلحق المكلف ضرر بسببه، فالمراجعة هي هي إلا أنه يجدد العقد احتياطا ولا ضرر في تجديد العقد.
وعليه فإن من قال لزوجته أنت حرام إلى يوم الدين، فتلزمه طلقة واحدة بائنة [على ما قاله الشيخ حماني والأندلسيين من قبله] فيمكنه مراجعة زوجته بعقد ومهر جديدين. ان كانت هذه المرة الأولى أو الثانية التي يطلقها فيها.
والله أعلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق