وَا أَسَفًا قَدْ مَضَى عَامٌ مِنَ الْعُمُرِ
مُخَبِّــرًا بِدُنُّــوِ سَـاعَـةِ السَّفَـرِ
وَلَمْ أَزَلْ غَافِلًا عَنِ الْرَّحِيلِ وَقَدْ
جَاوَزْتُ خَمْسِينَ حَوْلًا غَيْرَ مُعْتَبِرِ
وَالشَّيْبُ عَشَّشَ فَي رَأَسِي لِيُنْذِرَنِي
وَكَمْ ذُنُوبٍ جَنَيْتُ وَالْحَلِيمُ يُمْهِلُنِي
وَأَسْوَأُ الذَّنْبِ حِينَ الشِّيبِ وَالْكِبَرِ
أَمَا لَنَا فِي ابْيِضَاضِ الشَّعْرِ مُزْدَجَرٌ
وَفِي صُرُوفِ الزَّمَانِ خَيْرُ مُدَّكَرِ
كَأَنَّنِي قَدْ نَزَلْتُ اللَّحْدَ فِي عَتَمٍ
وَضَاقَ صَدْرِيَ تَحْتَ التُّرْبِ وَالْمَدَرِ
ثُمَّ دَنَا مَلَكٌ مِنِّي ليسألني
وَالْقَلْبُ مِنْ رَوْعَةِ السُّؤَالِ فِي ذُعَرِ
وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا فِي الْقَبْرِ يُؤْنِسُنِي
وَلَّى الْجَمِيعُ وَغَابَ عَنْهمُ خَبَرِي
بَعْدَ الْمَنُونِ فَلَا شَيْءَ يُخَلِّصُنِي
سِوَى الْإِلَهِ الْعَلِي وَصَالِحِ الْأَثَرِ
يَا غَافِلًا أَحْذَرَنْ فُجَاءَةَ الْأَجَلِ
فِي لَحْظَةٍ أَنْتَ لِلْحِمَامِ غَيْرُ مُفْتَكِرِ
وَلَا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيَا بِزُخْرُفِهَا
فَإِنَّهَا كَسَنَا السَّرَابِ فِي غَرَرِ
فَكَمْ حَرِيصٍ عَلَى الدُنْيَا وَزِينَتِهَا
مَا نَالَ مِنْهَا سِوَى الشَّقَاءِ وَالضَّرَرِ
وَلَمْ يُسَافِرْ بِغَيْرِ الْحَنْطِ وَالْكَفَنِ
فُكُنْ عَلَى حَذَرٍ مِنْهَا مَدَى الْعُمُرِ
وارْضَ بِمَا قَسَمَ الْكَرِيمُ فِي الَأَزَلِ
تَعِشْ غَنِيَّا سَعِيدًا غَيْرَ مُنْكَدِرِ
رَبَّاهُ جِئْتُكَ خَائِفًا وَمُنْكَسِرًا
مُنَكِّسَ الرَّأْسِ مِنْ حَيَا وَمِنْ حَذَرِ
وَأَنْتَ خَيْرُ رَحِيمٍ يَا رَحِيمُ وَمَنْ
سِوَاكَ يَدْفَعُ عَنِّي رَوْعَةَ الذُّعَرِ
فَامْنُنْ عَلَيَّ بِعَفْوٍ مِنْكَ يَا سَنَدِي
وَحُسْنِ خَاتِمَةٍ يَا خَيْرَ مُقْتَدِرٍ
وَصَلِّ رَبِّ عَلَى الشَّفِيعِ فِي الْأُمَمِ
وَآَلِهِ الشُّرَفَا وَصَحْبِهِ الْغُرَرِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق