......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الأربعاء، 1 أبريل 2020

تنبيه الفحول إلى إماطة الستار المسدول عن إثبات الرخصة للمجموع في علم الأصول


من الخطأ أن يتمسك بعضهم برعاية مصلحة الأفراد، فيجيزون لهم الأخذ بالرخص، كالتخلف عن الجماعة والجمعة مثلا ، في حين يهدرون مصلحة العموم، في حال عموم البلوى كما في هذا الوباء، وهذا من أسباب عدم تنصيص السادة الفقهاء رضي الله عنهم على هذه المسألة، وإلا ما كان ليستعظمه البعض حتى ممن نعدهم من الكبار، وحسب اطلاعي القاصر: أن أول من نبه إلى ذلك هو العالم الهمام سيدنا الطاهر بن عاشوررحمه الله ؛ حيث قال:

"أهم مقصد للشريعة من التشريع انتظامُ أمر الأمة، وجلبُ الصالح إليها، ودفعُ الضر والفساد عنها. وقد استشعر الفقهاء في الدين كلُّهم هذا المعنى في خصوص صلاح الأفراد. [ولم يتطرّقوا إلى بيانه وإثباته في صلاح المجموع العام] "

وهذا الكلام في غاية الأهمية ، وهو ينطبق تماما على من لم يستوعوا سحب حكم الرخصة على المجموع في نازلتنا هته، ثم يذكر ابن عاشور دلائل لا مدفع لها، أنقلها كما هي لما فيها من التنبيه على أمر عظيم لم يُعط حقه من العناية والدراسة إلى يومنا هذا، فكان ذلك من دواعي استعظام سحب الرخصة على المجموع ، قال رحمه الله:

"فإن صلاح أحوال المجموع وانتظامُ أمر الجامعة أسمى وأعظم. وهل يُقصد إصلاحُ البعض إلَّا لأجل إصلاح الكل؟ بل وهل يتركَّب من الأجزاء الصالحة إلا مركَّب صالح؟! وهل ينبت الخطيَّ إلا وشيجُه ؟!
وبذلك فلو فرض أن الصلاح الفردي قد يحصل منه عند إلاجتماع فساد، فإنّ ذلك الصلاح يذهب أدراجاً، ويكون كما لو هبت الرياح فأطفأت سراجاً.
فعلينا أن نتخيّل الأمة الإِسلامية في صورة الفرد الواحد من المسلمين فتعرِضُ أحوالها على الأحكام التشريعية كما تُعرَضّ أحوال الفرد. فهنالك يتّضح لنا سبيل واضحة من الإجراء التشريعي في أحوال الأمة.
وإن من أعظم ما لا ينبغي أن يُنسى عند النظر في الأحوال العامة الإِسلامية نحو التشريع هو باب الرخصة.
فإن الفقهاء إنّما فرضوا الرخص ومثّلوها في خصوص أحوال الأفراد. ولم يعرجوا على أن مجموع الأمة قد تعتريه مشاق اجتماعية تجعله بحاجة إلى الرخصة كما قدمناه في فصل الرخصة"هـ


[مقاصد الشريعة الإسلامية 3/ 391 - 392]هـ





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق