......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الأربعاء، 1 أبريل 2020

لماذا لا نعمل بالمذهب الحنفي في إقامة الجمعة بثلاثة أفراد كماعملنا به في إخراج زكاة الفطر نقودا ؟



قال قائل: مادامت المساجد معطلة، فلماذا لا نخرج عن المذهب المالكي إلى المذهب الحنفي في إقامة الجمعة بثلاثة أشخاص؟ كما فعلنا في إخراج زكاة الفطر نقودا ؟ فنكون بذلك قد حافظنا على إقامة هذه الشعيرة؟
الجواب:
في البداية ينبغي أن نعلم أن الخروج من مذهب إلى آخر، ليس من شأن الإفراد ، بل هو من شأن الهيئات الفقهية المؤهلة والمخولة بالإفتاء، ولو تُرِك ذلك للأفراد لذهب دينهم.
ثم أن السادة الفقهاء حينما أفتوا بجواز إخراج زكاة الفطر نقودا، كان ذلك استنادا إلى أدلة شرعية قوية، لا يتحقق مقصود الشرع من من زكاة الفطر إلا بها .. وأدلة ذلك معلومة في مواضعها.
ثم أننا عند التحقيق لا نجد خروجا عن المذهب المالكي في هذه المسألة ، فقد قال الباجي وابن رشد والعلامة العدوي بالإجزاء مع الكراهة ، وقال ابن حبيب واللخمي بجواز إخراج القيمة للمصلحة.
وبالتالي فالقول بالجواز لم يعد خروجا عن المذهب ، وإنما هو تخير لأقاويل من المذهب ؛ تمشيا مع مقتضيات المذهب الذي هو أكثر المذاهب مراعاة للمقاصد والمصالح الشرعية .. فمن أصوله سد الذرائع والمصالح المرسلة ومراعاة الخلاف والاستحسان ، وكل تجتمع في غاية واحدة هي درء المفاسد عن المكلفين.

وهذه المعانى لا توجد في إقامة الجمعة بثلاثة أشخاص على المذهب الحنفي.

1- أن دليل الأحناف في ذلك ضعيف في نظر مجتهدي مذهبنا ، حيث احتجوا بدليلنا نحن ثم ووجهوا الاستدلال به بقولهم: [أَنَّ الثَّلَاثَةَ تُسَاوِي مَا وَرَاءَهَا فِي كَوْنِهَا جَمْعًا] والمقرر أن المالكية لا يراعون الخلاف الذي ضعف دليله، لأن العبرة بدليل القائل لا بقوله.

2- أنه لا توجد مصلحة شرعية يتقوى بها دليل الأحناف في هذه الواقعة بعد وقوعها، لأن الجمعة شرعت لمقاصد منها:

- الاجتماع لأجل ترسيخ مقصد الوحدة.. لذلك اشترط لها اجتماع عدد معين من المكلفين.
- حصول التواصل و التآلف بين المؤمنين ..الخ
- حصول التذكر والاتعاظ .. لذلك شُرعت فيها الخطبة وفُرِض الاستماع إليها.
وإقامة الجمعة بثلاثة أفراد لا يتحقق بها أي من هذه المقاصد.
وبالتالي لم يعد هناك أي دليل معتبر - من مصلحة أو غيرها - يسوغ العدول عن دليلنا الراجح في نظر مجتهدينا إلى دليل الحنفية المرجوح، بخلاف مسألة إخراج زكاة الفطر نقودا كما تقدم.
والله أعلم


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق