سأل
سائل عن حكم اللعب بالشطرنج من أجل الترفيه ودون مقابل؟
الجواب
إذا
كان اللعب بالشطرنج بعوض فهو قمار، فيكون محرما بلا خلاف، أما اللعب بغير عوض فقد
اختلف فيه الفقهاء.
فقيل حرام - يأثم فاعله وترد شهادته - جاء في الرسالة للقيرواني
:"ولا يجوز اللعب بالنرد ولا بالشطرنج". وفسر الشراح ذلك بالحرمة ، ونقلوا عن مالك قوله
:"الشَّطْرَنْجُ أَلْهَى مِنْ النَّرْدِ وَأَشَرُّ"[1] .
وقد ورد في الحديث :«مَنْ
لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ». ولم يصح حديث في
الشطرنج وإنما قاسه مالك على النرد.
لكن هذا الذي ذكروه من
الحرمة ليس محل اتفاق بين فقهاء المذهب ، فقد قال الخرشي :"وَحُكْمُ
اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ الْحُرْمَةُ بِخِلَافِ الشِّطْرَنْجِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ
كَمَا صَحَّحَهُ الْقَرَافِيُّ"[2] .
وقال ابن الحاجب في جامع
الأمهات : " فَإِنْ لَعِبَهَا - يعني الشطرنج - مَعَ الأَمْثَالِ
وَالنُّظَرَاءِ مِنْ غَيْرِ إِدْمَانٍ وَلا حَالٍ يُلْهِي عَنِ الْعِبَادَاتِ
وَالْمُهِمَّاتِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ فَهِيَ مُبَاحَةٌ"[4] .
وقال ابن جزي في القوانين
الفقهية :"وَأما الشطرنج فَإِن كَانَ بقمار فَهُوَ حرَام بِإِجْمَاع وَإِن
كَانَ دونه فمكروه وفَاقا للشَّافِعِيّ وَقيل حرَام وفَاقا لأبي حنيفَة وَقيل يحرم
إِن أدمن عَلَيْهِ أَو شغله عَن أَوْقَات الصَّلَاة أَو غَيرهَا من أُمُور الدّين
أَو فعل على وَجه يقْدَح فِي الْمُرُوءَة كلعبة مَعَ الأوباش أَو على الطَّرِيق
بِخِلَاف مَا سوى ذَلِك"[3] .
وقال المنذري في الترغيب
والترهيب :"واختلفوا في اللعب بالشطرنج؛ فذهب بعضهم إلى إباحته لأنه
يستعان به في أمور الحرب ومكائده لكن بشروط ثلاثة: أحدها: أن لا يؤخر بسببه صلاة
عن وقتها. والثاني: أن لا يكون فيه قمار. والثالث: أن يحفظ لسانه حال اللعب عن
الفحش ... وممن ذهب إلى إباحته سعيد بن جبير والشعبي، وكرهه الشافعي كراهة تنزيه
.."[4] .
والذي يستفاد من هذه الأقاويل:
- 1أن اللعب بالشطرنج يحرم إذا كان بعوض، أو لعبه مع الأوباش والسفلة ، أو على يهيئة تخل بالمروءة وتقدح في العدالة، كأن يعلبه على الطاولة في مقهى أو على حافة الطريق ، أو شغله عن الواجبات ..
- 2أنه يباح - كما قال ابن الحاجب - إذا خلا من تلك الآفات ، كأن كان يلعبه مع صديق محترم ، وفي مكان محترم بعيدا عن الأنظار، أو في مسابقة بضواط وآداب شرعية، فيكون شأنه كشأن الرياضات الفكرية والبدنية، وقد نقل القرافي في الذخيرة عن أبي إسحاق الشيرازي قوله :" الشِّطْرَنْجُ يُقَوِّي الْفِكْرَ وَيَجْبُرُ الْخَاطِرَ وَيُتَعَلَّمُ بِهِ الْقِتَالُ وَالْكَرُّ وَالْفَرُّ وَالْهَرَبُ وَالطَّلَبُ فَهُوَ يُقَوِّي الرَّأْيَ وَالْعَقْلَ بِخِلَافِ النَّرْدِ"[5] .
والله أعلم
-----------------------------------------------------------------------------
1 - الفواكه الدواني 2 / 349 -- والثمر الداني 665
2- الخرشي 7 / 177
3- جامع الأمهات 566
4- القوانين الفقهية
5- الترغيب والترهيب للمنذري 4/ 49
5- الذخيرة للقرافي13 / 284
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق