قال سيدي خليل رحمه الله ونفعنا الله بعلمه وبركته:
" الْيَمِينُ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ ، بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ "
أشار بهذا إلى اليمين المنعقدة ، وبين بأنها وجوب ما لم يكن واجبا في الأصل ، ويثبت ذلك
الوجوب بالقسم باسم من أسماء الله تعالى ، كوالله وبالله وتا الله وحق الله
... أو أي اسم آخر من أسمائه تعالى ، كالعظيم والجبار ونحوهما ... ونبه
بقوله: [ بذكر اسم الله .. ] إلى أن اليمين لا تنعقد بالنية ، بل بد
لانعقادها من التلفظ باسم الله أو بصفته.
وكما تنعقد اليمين بالقسم بأسماء الله تعالى ، تنعقد أيضا بالقسم بصفاته
الذاتية ، كعظمته وجلاله وكبريائه وإرادته وعزته وقدرته والقرآن والمصحف
ولو آية منه ... كمن قال: "وآيةِ الكرسي لا أدخل دار فلان" فقد انعقدت
اليمين ، وقال الشراح : " إذَا حَلَفَ بِالْقُرْآنِ أَوْ بِالْمُصْحَفِ ..
فلا تنعقد اليمين إلا إذَا نَوَى الْمَعْنَى الْقَدِيمَ بِذَاتِ اللَّهِ
تَعَالَى أو لم ينو شيئا .. أما إذَا نَوَى الْحَادِثَ وَهُوَ اللَّفْظُ
الْمُنَزَّلُ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
الدَّالُّ عَلَى الْمَعْنَى الْقَدِيمِ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا" [الخرشي 3 /
51].
ثم قال رحمه الله : "وَغَمُوسٌ بِأَنْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ وَحَلَفَ بِلَا تَبَيُّنِ صِدْقٍ".
أشار بهذا إلى اليمين الغموس ، وبين بأنها أن يحلف وهو شاك فيما حلف عليه ، كأن يقول : " والله أن فلانا قد قال كذا " ، وهو شاك هل قال ذلك أم لا ، أو حلف على ذلك وهو ظان ظنا غير قوي ، والأولى بالغموس أن يحلف متعمدا للكذب.
وقوله : " بِلَا تَبَيُّنِ صِدْقٍ ". يعني أن اليمين إنما تكون غموسا إذا لم يتبين له صدق ما حلف عليه ، بأن تبين له خلافه ، أو بقي على شكه الأول ، أما إذا حلف شاكا ثم تبين له صدق ما حلف عليه فلا تكون غموسا ، وكذلك لو قال : "والله أن فلانا في ظني قد قال كذا " فلا تكون غموسا أيضا بهذا التقييد.
فتحصل من هذا أن اليمين الغموس هي أن يحلف متعمدا للكذب ، أو يحلف شكا فيما حلف عليه أو ظانا ظنا غير قوي ، وبقى على شكه ذاك ، وألأولى لو تبين له خلاف ما حلف عليه ، ولا كفارة في الغموس ، وإنما فيها التوبة والاستغفار والتقرب إلى الله تعالى بالصدقات وسائر القربات.
ثم قال رحمه الله : " وَلَا لَغْوٍ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ فَظَهَرَ نَفْيُهُ ".
يعني أنه لا كفارة في يمين اللغو ، لأنها غير منعقدة ، ولا إثم فيها لأنها
غير غموس ، وهي بأن يحلف على شيء معتقدا له ، ثم يتبين له خلاف ما اعتقده ،
كأن يقول : " والله قد جاء زيد " وهو معتقد مجيئه ، ثم تبين له أنه لم يأت
، وهذا بخلاف من حلف شاكا أو ظانا ظنا غير قوي كما سبق بيانه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق