قال سيدي خليل بن إسحاق رحمه الله ونفعنا بعلمه وبركته:
"لا فَرْضٌ آخَرَ وإِنْ قٌصِدَا، وبَطَلَ الثَّانِي ولَوْ
مُشْتَرَكَةً".
يتكلم رحمه الله
هاهنا عن الأحكام المتعلقة بالتيمم ، فبين أنه لا يصح بتيمم لفرض [فَرْضٌ آخَرَ] ، حتى ولو قصد بتيممه أداء الفرضين معا
، فلو قصد بتيممه أداء فرضين وصلاهما ، فإن الفرض الثاني يبطل ، ولو كانت الصلاتان
مشتركتان في الوقت ، كالظهر مع العصر ، والمغرب مع العشاء ، وعليه أن يتمم مجددا للفرض
الثاني ويعيده أبدا على المشهور[1]. وأشار بـــ [ لَوْ ] إلى وجود خلاف قوي في مقابل المشهور ، حيث قال
أصبغ[2] :" إنْ صَلَّى بِهِ مُشْتَرَكَتَيْنِ
كَظُهْرَيْنِ نُدِبَتْ إعَادَتُهُ الثَّانِيَةَ بِوَقْتٍ "[3]. وأيضا قال
ابن عبد البر:" قَالَ أَبُو الْفَرَجِ [4]فِي ذَاكِرِ الصَّلَوَاتِ إِنْ قَضَاهُنَّ بِتَيَمُّمٍ
وَاحِدٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ"[5].
واحتج المالكية لمشهور مذهبهم بالعديد من الأدلة
، منها :
1 - ما رواه البيهقي عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضي الله
عنهما - قَالَ: " يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ
وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ". قال البيهقي :"إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ".
2- ما رواه الدار قطني عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ –
رضي الله عنهما - قَالَ: "مِنَ السُّنَّةِ أَنْ
لَا يُصَلِّيَ الرَّجُلُ بِالتَّيَمُّمِ إِلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً ، ثُمَّ
يَتَيَمَّمُ لِلصَّلَاةِ الْأُخْرَى". ونص الدار قطني على ضعف في
سنده.
وهذه الأخبار الواردة
عن كبار الصحابة لها حكم الحديث المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الصلاة
عبادة لا مجال للاجتهاد فيها ، يعني لا يمكن أن يقول فيها الصحابة برأيهم ، مما
يدل على أنهم سمعوا ذلك أو علموه من الشارع عليه الصلاة والسلام.
والله أعلى وأعلم
بالصواب
------------------------------------------------------------------------------
1 – مختصر خليل
للخرشي 1 / 188
2 – هو أصبغ بن
الفرج ابن سعيد مفتي الديار المصرية الفقيه المالكي ولد بعد 150 هـ وتوفي 225هـ
3 - [منح الجليل
لعليش 1/ 147].
4- هو أبو الفرج عمرو بن محمَّد بن عمرو الليثي
البغدادي، القاضي المالكي ، من مصنفاته: [الحادي في الفروع] . و [اللمع في الأصول].
توفي في 330ه
5- التمهيد ....
19 / 295
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق