قال أبو حنيفة والشافعي - وغير واحد من أهل العلم - : " إن لم يكن الفقهاء أولياء الله فليس لله ولي". [1] وحرمة العلماء أحياء كحرمتهم أمواتا.
وقد روي عَن الإِمَام الشَّافِعِي رَحمَه الله أَنه زار الإِمَام أَبَا حنيفَة بِبَغْدَاد قَال: "َ فأدركتني صَلَاة الصُّبْح وَأَنا عِنْد ضريحه فَصليت الصُّبْح وَلم أَجْهَر بالبسملة ولاقنت حَيَاء من أبي حنيفَة".[2].
وقد درج أقطاب العلم والعرفان على رعاية حرمة العلماء وإجلالهم والتماس بركة علمهم وصلاحهم أحياء وأمواتا.
فيقول صاحب التاج والإكليل :" شَيْخُ شُيُوخِنَا الْمَنُوفِيُّ نَفَعَنَا اللَّهُ بِبَرَكَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ".[3].
ويقول صاحب مواهب الجليل عن الشَّيْخ أَبي عَبْدِ اللَّهِ الدَّكَّالِي:"نَفَعَنَا اللَّهُ بِبَرَكَتِهِ آمِينَ "[4].
ويقول صاحب المعيار المعرب عن الحافظ محمد بن مرزق :" رضي الله عنه وأرضاه ونفعنا ببركته"[5].
ويقول ابن تيمية :" وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ : نَحْنُ فِي بَرَكَةِ فُلَانٍ .. فَهَذَا الْكَلَامُ صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ ، بَاطِلٌ بِاعْتِبَارِ . فَأَمَّا الصَّحِيحُ : فَأَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّهُ هَدَانَا وَعَلَّمَنَا .. فَبِبَرَكَةِ اتِّبَاعِهِ وَطَاعَتِهِ حَصَلَ لَنَا مِنْ الْخَيْرِ مَا حَصَلَ .. وأَيْضًا : إذَا أُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّهُ بِبَرَكَةِ دُعَائِهِ وَصَلَاحِهِ دَفَعَ اللَّهُ الشَّرَّ وَحَصَلَ لَنَا رِزْقٌ وَنَصْرٌ ، فَهَذَا حَقٌّ .. وَأَمَّا الْمَعْنَى الْبَاطِلُ فَمِثْلُ أَنْ يُرِيدَ الْإِشْرَاكَ بِالْخَلْقِ.." [6]. ولا أحد من المسلمين يريد هذا المعنى الأخير.
ثم بدت نكرات شتى تستنكف عن هذا كله ، وتزدرينا إذا ما قلنا في دعائنا [ قال سيدي خليل نفعنا الله بعلمه وبركته]. وأنى يحصل لنا الانتفاع بعلمه ما لم يبارك الله لنا فيه ، ولو ردوه إلى أهل الذكر لما ظلوا في باطلهم يخوضون، ولسوف يحزي الله كلا منا بما اعتقد ونوى في العلماء والصالحين ، إن خيرا فخير ، أو غيرا فغير.
----------------------------------------------------------1- الفقيه و المتفقه للخطيب البغدادي 1 / 149 - 150
2- الجواهر المضية في طبقات الحنفية: 2/ 433
3- التاج والإكليل للمواق 4 / 24
4- مواهب الجليل للحطاب 1/ 457
5- المعيار المعرب للونشريسي 2 / 10
6 - مجموع الفتاوى لابن تيمية 11 / 113
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق