سائل يقول :
حلفت بالله ألا أكلم زميلي في العمل ... بسبب مناوشة كلامية حدثت بيننا ، لكني تصالحت
معه .... وأعلم أنه علي كفارة ... غير أني اختلطت علي الأمور في مقدارها ، فبعضهم
قال لي 3000 دج وبعضهم قال 1000دج ولا أدري ما هو الصواب .... ؟
الجواب
لقد أحسنت فعلا حينما
عدت إلى مصالحة زميلك ، فالله تعالى يقول : " وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً
لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا"[البقرة 224]. أَيْ
لا تَجْعَلُوا حلفكم باسْمَ اللَّهِ حاجزا بينكم وبين فعل الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَالْإِصْلَاحِ ، وقال
صلى الله عليه وسلم :" مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَهَا
خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِهَا، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ"[صحيح
مسلم حديث رقم 1650].
أما كفارة اليمين فهي على ثلاثة أنواع ، كما بينها القرآن
العظيم ، قال الله تعالى :" فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ
مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ
رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ
أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ "[المائدة 89].
فكفارة اليمين أربعة أنواع ، ثلاثة
على التخيير فأيها فعلت أجزأك، وواحد على الترتيب.
فأما التي على التخيير فهي:
فأما التي على التخيير فهي:
1- الإطعام : وهو أفضلها ؛ لعموم منفعته ، ومقداره مد [ حفنة ] من الطعام ، لما روى
مالك عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ:" أَنَّهُ كَانَ يُكَفِّرُ عَنْ
يَمِينِهِ بِإِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ
حِنْطَةٍ" [الموطأ 1745].
ويقدر
وزن المد الواحد بنصف كيلو غرام ، وقيمته المالية 25 دج × 10 = 250دج فهذا المقدار
الواجب عليك إخراجه ، وإذا زدت على ذلك
فهو أفضل ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ :"حَيْثُمَا أَخْرَجَ مُدًّا بِمُدٍّ
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْزَأَهُ وَمَنْ زَادَ فَلَهُ
ثَوَابُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى".[حاشية العدوي على الخرشي 3 /
58].
ويجوز
أن تصنع طعاما وتدعو إليه المساكين ، فتشبعهم – من أوسط ما تطعم أهلك - في الغذاء
والعشاء ، جاء في مواهب الجليل للحطاب: " قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ
غَدَّى وَعَشَّى فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ أَجْزَأَهُ ، وَلَا
يُجْزِئُهُ غَدَاءٌ دُونَ عَشَاءٍ ، وَلَا عَشَاءٌ دُونَ غَدَاءٍ "[3 /
273].
2- الكسوة : هذا النوع الثاني من الكفارة ، بأن
تكسو عشرة مساكين ، للرجل ثوب كالقميص ونحوه .. بحيث يمكنه أن يصلي فيه ، بأن يكون سَاتِرًا
لِجَمِيعِ الْجَسَدِ . وللمرأة ثوب – كما سبق - مع خمار ، جاء في مختصر خليل :"أَوْ
كِسْوَتِهِمْ الرَّجُلُ ثَوْبٌ وَالْمَرْأَةُ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَلَوْ غَيْرَ وَسَطِ أَهْلِهِ ". يعني أنه لا
يشترط في الكسوة أن تكون من أوسط ما تكسو به أهلك ، بل يكفي مطلق الكسوة.
3- تحرير رقبة
[مؤمنة] يعني تشتري عبدا مملوكا وتحرره ، وهذا لا وجود له في عصرنا ، حيث ولى زمن
العبودية.
وأما الذي على الترتيب فهو صبام ثلاثة أيام.
فمن عجز
عن الإطعام والكسوة والعتق فليصم ثلاثة أيام ، ولا يشترط أن يصومها متتابعة ، بل يجوز أن
يصومها متفرقة ، ولكن التتابع أفضل ، جاء في المدونة :" إنْ تَابَعَ فَحَسَنٌ ، وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْ أَجْزَأَ
عَنْهُ عِنْدَ مَالِكٍ"[1 / 594].
والله تعالى أعلى وأعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق