قال سيدي خليل رحمه الله ونفعنا بعلمه وبركته: "وَأَثِمَ مَارٌّ لَهُ مَنْدُوحَةٌ وَمُصَلٍّ تَعَرَّضَ".
كشف رحمه الله بهذه الكلمات الموجزة عن ستة
أحكام فقهية ، وهي كالآتي:
1- أن المار بين يدي المصلي يأثم إن كان له متسع للمرور ، فقوله
" لَهُ
مَنْدُوحَةٌ " أي له سعة للمرور مع طريق آخر.
2- وفُهِم من ذلك أن المار إذا لم يكن له متسع للمرور فلا إثم عليه.
3- أن المصلي يأثم – أيضا – إن تعرض
للمرور بين يديه ، بأن صلى لغير سترة ، أو صلى في مكان يكثر فيه المرور ، وهو معنى
قوله
:" وَمُصَلٍّ تَعَرَّضَ ".
4 - وفُهِم من ذلك أن المصلي إذا لم
يتعرض للمرور فلا إثم عليه إذا مر مار بين يديه.
5- وفُهِم من قوله :" وَأَثِمَ
.." أن المرور بين يدي المصلي لغير ضرورة حرام ؛ لأن الإثم لا يترب إلا على
فعل محرم ، وقد جاء في الحديث:" لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا
عليه، لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه "
[مسلم].
6- وفُهِم أيضا من قوله :" وَأَثِمَ .."
أن تعرض المصلي للمرور حرام ؛ فإن
قيل: السترة في الصلاة مندوبة فكيف يترتب الإثم على تركها ؟ فالجواب : إنما يترتب
الإثم على المرور بين يدي المصلي، والمتعرض للمرور لم يسد طريق هذا الإثم ، ومن
القواعد الفقهية :" وسيلة الحرام حرام".
ويتفرع عن ذلك عدة فروع منها
:
1- أن الإثم إنما يحصل في حالة العمد ،
أما من مر ساهيا أو تعرض للمرور ساهيا فلا إثم على كليهما.
2- إنما يحرم المرور بين يدي المصلي إن
كان المار غير مصل ، أما لو تحرك مصل لسد فرجة أو غسل رعاف ونحوهما فمر بين يدي
مصل آخر فلا حرج عليه.
3- إذا كَانَ المصلي في الْمَسْجِد
الْحَرَام فله حالتان:
الأولـى
: إن صلى لغير سترة
ولم يكن للمار متسعا ، جاز المرور للطائف وغيره وأولى ألا يكون لهما متسعا.
الـثـانية
: إن صلى لسترة
وكان للمار متسعا حرم المرورعلى غير الطائف وجاز للطائف مع الكراهة . فإن قيل وما
الفرق بين الطائف وغيره ؟ فالجواب : أن الطائف في حكم المصلي ؛ باعتبار الطواف
صلاة وإن جاز فيه الكلام
.
4 - ويندب للمصلي أن يدفع المارّ بين
يديه ، بشرط أن لا يعمل في ذلك عملاً كثيراً يفسد الصلاة. وفي الحديث :" ... وادرؤا ما استطعمتم، فإنما هو شيطان"[أبو داود]..
والله أعلم
-----------------------------------------------------------------------------
راجـــــــــع:
شرح مختصر خليــل للخرشي ومعه حاشية العدوي ، 1 / 279
الشرح الكبير للشيخ للدردير ومعه حاشية الدسوقي 1 / 246
مواهب الجليـــــــل في شرح مختصر خليل للحطاب 1 / 534
بارك الله فيكم جميعا..
ردحذفالسلام عليكم
ردحذف