......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الثلاثاء، 6 فبراير 2018

مصطلح "الأظهر وصحح" الاكتفاء بالنية في الرجعة نموذجا

يشير سيدي خليل - رحمه الله ونفعنا الله بعلمه وبركته - بلفظ [الأظهر] إلى ما اختاره ابن رشد من خلاف الفقهاء المتقدمين عنه ، ويشير بلفظ [صُحح] إلى أن أحد مشايخ المالكية – غير ابن رشد وابن يونس والمازري واللخمي – صحح قولا في المذهب أو استظهره. ومن أمثلة ذلك قوله:
" يَرْتَجِعُ مَنْ يَنْكِحُ ، وَإِنْ بِكَإِحْرَامٍ وَعَدَمِ إذْنِ سَيِّدٍ ، طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ ، فِي عِدَّةِ صَحِيحٍ حَلَّ وَطْؤُهُ ، بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ كَرَجَعْتُ وَأَمْسَكْتُهَا ، أَوْ نِيَّةٍ عَلَى الْأَظْهَرِ ، وَصُحِّحَ خِلَافُهُ .."
فقوله: (يَرْتَجِعُ مَنْ يَنْكِحُ) أي يجوز لمن توفرت فيه أهلية النكاح – وهو العاقل البالغ- أن يراجع زوجته المطلقة.
وقوله :(وَإِنْ بِكَإِحْرَامٍ وَعَدَمِ إذْنِ سَيِّدٍ) يعني تجوز له المراجعة ولو كان محرما بحج أو عمرة، وإن كان عبدا جاز له مراجعتها بغير إذن سيده.
ثم شرع في بيان شروط الرجعة وهي:
1- أن تكون المطلقة غير بائن، وأشار إلى هذا بقوله (طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ) وأما البائن فلا تصح رجعتها ، كالمبتوتة ، أوكغير المدخول بها ، أوكالتي طُلقت بخلع.
2- أن تكون في العدة ، أما التي انقضت عدتها فلا بد لها من عقد ومهر جديدين.
3- أن تكون قد طلقت بعد نكاح صحيح، احترازا من النكاح الفاسد الذي فسخ بعد الدخول كنكاح الخامسة ، فإنه لا رجعة في عدته. وأشار – نفعنا الله ببركته – إلى الشرط (2) و(3) بقوله: (فِي عِدَّةِ صَحِيحٍ) فصحيح صفة لمحذوف تقديره نكاح.
4- أن تكون التي يراد رجعتها قد طلقت بعد وطؤ (جماع) حلال ، يعني لا يكفي كون العقد صحيحا ، بل لا بد أن يكون الوطؤ الحاصل فيه حلالا أيضا، احترازا عن الوطؤ المحرم ، كمن دخل بامرأة وجامعها في حيض أو نفاس أو أثناء صوم مفروض ثم طلقها، فلا يصح أن يراجعها. وهذا معنى قوله: (حَلَّ وَطْؤُهُ).
5- أن تكون الرجعة باللفظ والنية معا ، إذا كان القول محتملا، كأمسكت وما أشبهه ، أما إن كان اللفظ صريحا في الرجعة ، كراجعت أو ارتجعت زوجتي ... فلا يفتقر إلى النية ، وهذا معنى قوله: (بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ كَرَجَعْتُ وَأَمْسَكْتُهَا).. فرجعت صريح وأمسكت غير صريح.
ثم أشار سيدي خليل بقوله (أَوْ نِيَّةٍ عَلَى الْأَظْهَرِ) إلى أن ابن رشد يرى أن الرجعة تصح بمجرد النية، ولو لم يتلفظ به بها ، فلو نوى نية صحيحة صحت رجعته فيما بينه وبين الله.
ثم أشار بقوله(وَصُحِّحَ خِلَافُهُ) إلى أن أحد أشياخ المالكية - وهو ابن بشير-[1] يرى أن الأصح خلاف ما ذكره ابن رشد ، وهو أن نية الرجعة وحدها لا تكفي ، إلا إذا صحبها فعل كجماع أو مداعبة بشهوة كما نص على ذلك ابن المواز. فابن بشير صحح ما نص عليه ابن المواز[2] وهو خلاف ما اختاره ابن رشد.
وفي المسألة تفصيل طويل ، وإنما الغرض أن نبين للقارئ - مع بعض الفوائد الفقهية - مصطلحات سيدي خليل ؛ ليسهل له التعامل مع مختصره الفريد من نوعه.
---------------------------------------------------------------------
1-
هو أبو الطاهر إبراهيم بن عبد الصمد بن بشير التنوخي المهدوي المالكي المتوفى بعد 536هـ.

2- هو أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن زياد الإسكندراني المالكي المعروف بـ ابن المواز المتوفى سنة 269 هـ واليه تنسب الموازية التي تعتبر من أمهات الفقد المالكي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق