هذا البيت للبصيري رحمه ذكره في بردته ، وقد أشكل على بعض الإخوة الذين لا علم لهم باللسان العربي ، فتوهموا أنه نداء استغاثة لغير الله ، وبالتالي يكون شركا والعياذ بالله ، والأمر ليس كذلك ، بل هو نداء مخاطبة كقول السائل : " يا رسول الله متى الساعة " وكقولنا :" الصلاة والسلام عليك يا رسول الله أو يا حبيب الله أو يا خير خلق الله أو يا أكرم خلق الله " وما أشبهه ....
فالبصيري خاطب النبيَ بقوله : " يا أكرمَ الخلقِ ..." وهو عليه الصلاة والسلام أكرم الخلق بلا نزاع ، ثم بين أنه لا أحد من الخلق يكمن أن يحتمي به عند الحادث العمم ، يعني يوم البعث والنشور ؛ ليشفع له عند ربه ، إلا رسول الله.
وعليه يكون البصيري بهذا البيت الموجز قد فسر الحديث الطويل الذي رواه الشيخان ، وفيه أن الناس يأتون يوم القيامة إلى آدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى طالبين للشفاعة... وكل منهم يقول " نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي ، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي".
ثم يأتون إلى محمد... قال صلى الله عليه وسلم : "... فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ العَرْشِ ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ .....ثُمَّ يُقَالُ : يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ ، سَلْ تُعْطَهْ ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي ، فَأَقُولُ : أُمَّتِي يَا رَبِّ ، أُمَّتِي يَا رَبِّ ، أُمَّتِي يَا رَبِّ . فَيُقَالُ : يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ البَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ ..."
فاللهم شفعه فينا يوم القيامة ، فما لنا من نلوذ به ليشفع لنا سواه صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.
وأجز البوصيرى خيرًا حيث شرفنا *** بمدح أحمد أبهى نعمة النعم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق