......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الاثنين، 14 أغسطس 2017

دفع الزكاة إلى الجمعيات الخيرية ... وتوزيعها لحوما


سائل يقول : أحد المصلين أراد أن يخرج زكاة ماله لأحد الجمعيات الخيرية ... وهذه الجمعيه تريد أن تشتري بالمال أبقارا وتوزعها على الفقراء في عيد الأضحي ، فهل يجوز له ذلك ؟

الجواب : ننبه السائل في البداية إلى أمرين:

أحدهما :
*******

أن الزكاة تصرف للأصتاف الثمانية التي بينتها آية التوبة : "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ "(التوبة 60).

والثاني:
******

أن الزكاة لكي تؤتي ثمارها وتحقق أهدافها ، فينبغي إخراجها بشكل منظم ، ويتحقق ذلك بأن تدفع الزكاة للإمام أو من ينوبه ، وهذا هو الأصل في إخراج الزكاة ؛ لقوله تعالى : "خذ من أموالهم صدقة " [التوبة:103). وقوله صلى الله عليه وسلم - لمعاذ حين بعثه إلى اليمن - : " .....فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم،.... "(رواه مسلم).
يعني يأخذها الإمام من االأغنياء ثم يردها على الفقراء ، بشكل منظم حسب الأولوية ، وهذا ما كان عليه العمل في عهد النبوة والخلافة الإسلامية الراشدة ، ومن ذلك فتح مؤسسة صندوق الزكاة في الجزائر، الذي تتجلى فوائده في ثلاثة جوانب:

1- حفظ كرامة الفقير ، فلا ينتابه إحساس بأن للمزكي منة عليه.
2- ضمان التوزيع العادل بين المستحقيـــــن حســـــب الأولوية.
3- وقاية المزكي من الوقـــــــــوع في كبيرتي المـــــن والرياء.

هذا هو الأصل في إخراج الزكاة الذي الذي ينبغي العمل على تطويره وتنظيمه ، حتى تؤتي الزكاة ثمارها وتحقق مقاصدها ....

أما بخصوص دفع الزكاة إلى الجمعية الخيرية ، فمن حيث الإجزاء يجوز دفع الزكاة إليها ، لتقوم هي بدفعها لمستحقيها ، وهذا من باب التوكيل في إخراج الزكاة ، وَالتَّوْكِيل أَفْضَل عند فقهائنا ؛ خَشْيَةَ قَصْدِ الْمَحْمَدَةِ ، وَقد يجب التوكيل لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ الْقَصْدَ، أَوْ يَجْهَل الْمُسْتَحِقِّينَ [انظر:الشرح الكبير1/498] .

ولكن ينبغي أن يراعى في القائمين على هذه الجمعية الأمانة والتحري .

أما شراء الأضحية بمال الزكاة وتوزيع لحومها على الفقراء ففيه نظر ؛ لأن الزكاة تمليك للمستحقين ، يتملكها المستحق من غير حجر عليه ، ومن غير تقييد لحرية تصرفه فيها ، وحاجة الفقير لا تقتصر على الأضحية فقط ، فهناك حاجات كثيرة تقتضيها متطلبات العصر الذي نعيشه ، وكل فقير أعلم بحاجاته ، والأضحية كعبادة شرعية إنما تسن لمن لاَ يَحْتَاجَ لِثَمَنِهَا فِي الأُْمُورِ الضَّرُورِيَّةِ فِي عَامِهِ ، فَإِنِ احْتَاجَ لَهُ فِيهِ فَلاَ تُسَنُّ لَهُ [أسهل المدارك 2 / 41].

فلماذا نفوت عليه قضاء حاجاته الضرورية بما ليس مسنونا في حقه أصلا ؟ وقد قالت طائفة من الفقهاء لا يجوز دفع الزكاة في شكل أضاحي ونحوها .... قال ابن القاسم رحمه الله تعالى وهو من كبار فقهاء المالكية :" وتسلم الشاة إلى المساكين حية ولا تجزأ مذبوحة ".[الكافي 1 / 214]. وهذا الذي ذكره ابن القاسم هو مذهب مالك.

ولذلك فالأحوط أن تعطى الزكاة نقدا لمستحقها ؛ و لا تشترى له بها أضحية ولا غيرها ، وهذا في الظروف العادية ، أما في الظروف الاستثنائية كالحروب و حصار عزة واللاجئين السوريين ... فإن لكل قاعدة استثناء.

ولو كان الفقير سفيهاً أو ضعيفا أو قاصراً ... يخشى أن يتلاعب بالنقود إذا أعطيت له ، فلتعط الزكاة إلى وليه أو زوجته إن أمكن ، وإلا سلمت له طعاماً أو لباساً أو ما ينتفع به مع عياله.

والله تعالى أعلى وأعلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق