السيسي أضعف من إسرائيل بكثير وقد حرق المعتصمين في رابعة أحياء وارتكب في حق شعبه أبشع المجازر.
أما إسرائيل ذات العماد فلم تفعل ما فعله السيسي في حق المعتصمين حول الأقصى ، بل تراجعت عن كل إجراءاتها في الأقصى ورضخت لمطالب الفلسطنيين.
وكان بإمكان إسرائيل أن تبيد هؤلاء المتظاهرين دون أن يوقفها أحد من العرب الممزقين ، ولن يجرؤ مجلس الأمن ولا الأمم المتحدة على على إدانتها.
فماذا يعني هذا ؟ لا جرم أنه الذكاء والدهاء والحكمة والحنكة السياسية التي يجب أن يتحلى بها القادة الكبار ؛ ليحفظوا دولهم من الانهيار والزوال سريعا ، تلك الحكمة التي يفتقدها قادة العرب الذين أحلوا أنفسهم وقومهم دار الدمار والخراب.
ماذا لو تعامل صدام مع الكويت كتعامل إسرائيل ، أكان يلقى هو وقومه ذاك المصير؟
وماذا لوتعامل القذافي مع متظاهري بني غازي بهذه المرونة أكان يلقى هو وقومه ذاك المصير؟
وماذا لو تعامل بشار مع متظاهري درعا بمثل هذا أكان أكان يحل قومه ووطنه هذا الدمار والخراب ؟
ضعفاء الفكر يظنون بل يقولون أن إسرائيل تراجعت عن ضعف وعجز ، وليس كذلك بل لعلمها أن التهور سلوك لن يعود بالضرر إلا عليها ، فهي تعرف متى وكيف تضرب ، وستعود للأقصى لا محالة ، أو تخلق عربانا أجلافا يسلموه لها على طبق من ذهب ؟ إنها تحلم بذلك وتسعى إليه على مهل.
في حرب الخليج الأولى كانت صواريخ صدام تدك تل أبيب ، وكانت اسرائل قادرة على الرد ولكنها لم تفعل ، لئلا يتراجع العرب عن مهاجمة بغداد ، فتركتهم يدمرون العراق بأنفسهم ، ولما حانت الفرصة المواتية جاء شارون إلى بغداد وبات فيها رفقة زميله بوش ، فقضيا ليلتهما يعبثان بالأسير صدام ، ثم رموه في حفرة سحيقة عدد شهور.
أما قادتنا فلا يملكون حكمة إسرائيل ، لذلك ظلت هي القوة القاهرة في المنطقة ، فهي لم تنتصر يوما على المؤمنين ، وإنما انتصرت على الحمقى والمغفلين.
وعلى الرغم مما حدث لصدام والقذافي وبشار .... إلا أن العرب لم يفيقوا ولم يعتبروا ، فهاجمت السعودية اليمن والأدهى أن قاطعت قطر .. فدخلت في حرب استنزاف سوف تقوض أركانها.
فكانت إن إسرائل أذكى من العرب ، فهي قد استفادت من حكمة أشجار كندا المرنة التي تنحني للعاصفة حتى تمر بسلام ، ومن حكمة الدب الأسود الذي يسعه أن يقهر أى حيوان .. غير أنه ترك النمس - حيوان ضئيل - يشاركه الطعام ويخطفه من أمامه ... ولا ريب أن الدب يعلم أن ضربة واحدة من مخلبه القوى تمحو " النمس " من الوجود، فلماذا لم يفعل هذا ؟ لأنه تعلَّم بالتجربة أن مغاضبة مثل هذا الحيوان الضئيل عداوة لن تعود بالضرر إلا عليه هو .
وهذا ما لم يفقه العرب والمسلمون للأسف الشديد ، فوقعوا في المهالك والمزالق ولم يستفيدوا من حديث :" تقوم الساعة والروم أكثر الناس" قال عمرو ابن العاص مفسرا ذلك : ( لأن الروم أحلم الناس عند الفتنة ، وأسرع الناس إفاقة بعد مصيبة ) فعمرو لم يثن على الروم بكلامه هذا ، و لكن أراد أن يبين المسلمين أن بقاء الروم أكثر الناس إلى أن تقوم الساعة ، كان بسبب حلمهم عند وقوع الفتن ، فهم لا يعجلون ولا يغضبون و لا يتهورون ، بل يحلمون ويتأنون فيقوا أنفسهم وأقوامهم من القتل و موجبات الهلاك والفناء .
فقومنا لا يقهون هذا ، فلا هم يحلمون لدى فتنة ، ولا هم يفيقون عند مصيبة ، وكأنهم هم المعنيون بقوله تعالى : " أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ".
باستثناء الجزائر التي انحنت لعاصفة العشرية السدواء بمصالحة المسلحين ، ورفضت طلبات تدخل في ليبيا واليمن ، وتحلمت كثيرا أمام استفزازات القادة المغاربة ، ولو كان الآخرون مكانها لدمروا أنفسهم وأشقاءهم منذ أمد بعيد.
وهذه رسالة بعيدة المدى أرسل بها إلى من كان له قلب أو أولقى السمع وهو شهيد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق