......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الخميس، 7 يناير 2016

القرآن العظيم ومدى احتياجنا إليه {بمناسبة الأسبوع الوطني 17 للقرآن الكريم}

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وبعد/
أيها الأحبة في الله : هي وقفة موجزة مع القرآن العظيم ومدى احياجنا إليه ، بمناسبة الأسبوع الوطني السابع عشر للقرآن العظيم ، الذي احتضنته هذا العام مدينة العلم والعلماء قسنطينة.
أيها الإخوة الكرام : أخرج الإمام الترمذي في سننه عن سيدنا علي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صي الله عليه وسلم يقول:" ستكون فتن كقطع الليل المظلم، قلت يا رسول الله: ما المخرج منها؟ قال: كتاب الله تبارك وتعالى: فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، هو حبل الله المتين ونوره المبين، والذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة، ولا تتشعب معه الأراء، ولا يشبع منه العلماء، ولا يمله الأتقياء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، وهو الذي لم تنته الجن إذ سمعته أن قالوا: إنا سمعنا قرأناً عجباً، من علم علمه سبق ومن قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم".
أخبر الصادق المصدوق في هذا الحديث أنها ستكون فتنا في آخر الزمان – وقد وقع منها الكثير الكثير في عصرنا هذا – ثم بين صلى الله عليه وسلم أن المخرج الوحيد من تلك الفتن هو كتاب الله تعالى ، الذي أخرجنا من الظلمات إلى النور، وجعلنا خير أمة أخرجت للناس ، بل جعل هذه الأمة تبلغ ذروة الفضائل والأمجاد ، فهو الأصل الذي يرجع إليه ، والنبع الذي تتفجر منه ينابيع الإيمان...
نزل هذا القرآن على العرب فرأوا أنهم أمام قوة مذهلة لا قبل لهم بها،  فأحسوا – وهم الفصحاء - أنهم ضعفاء أمام هذا الكمال العظيم ، فاستسلموا لبلاغته ، وتعلقت به قلوبهم ، وارتبطت بإعجازه نفوسهم ... 
إنه القرآن الذي سمعه رجل كان جبارا في الجاهلية ، شديدا على المسلمين المستضعفين يومئذ ، فلما سمع قول الله تعالى: " طه  مَا أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءانَ لِتَشْقَى - إلى قوله -  إِنَّنِى أَنَا اللَّهُ لا اله إِلا أَنَاْ فَاعْبُدْنِى وَأَقِمِ الصلاةَ لِذِكْرِى". كسرت تلك الآيات أعواد الشرك في قلبه ، وأذابت صخور الجاهلية في نفسه ، وقال: "ما ينبغي لمن يقول هذا أن يعبد معه غيره". فأصبح ذاك الرجل إذا سار من فج سار الشيطان من فج آخر، إنه الفاروق عمر بن الخطاب ، قال علماء الشيعة نحن لا ندخل المسجد النبوي من باب عمر ، فرد علماؤنا رحمك الله يا عمر تفر منك الشياطين حيا وميتا.
ولما كانت أمتنا متمسكة بهذا القرآن كانت أمة قوية عظيمة عزيزة ، يحسب لها ألف حساب ، فهزمت الروم والفرس وارتفعت رايتها خفاقة في كل مكان ، وملكت قلوب الناس قبل أن تملك رقابهم بهذا القرآن.
لكن لما هجرت امتنا هذا القرآن حفظا وتلاوة وتدبرا وعملا ، وأبت أن تعيشه في واقع حياتها ، وابتغت العزة والرقي والتقدم والازدهار ... في غيره أذلها الله ، ونزلت إلى هذا المستوى المتردي ، و لا تخفى عليكم هزائمنا المتلاحقة في كافة مجالات الحياة ؟؟ وقد أصبح المسلمون يقتل بعضهم بعضا ويكفر بعضهم بعضا ويضلل بعضهم بعضا ويلعن بعضهم بعضا ...والله المستعان.
ما ذا لو التفت أمتنا حول القرآن ونهلت من معينه الذي لا ينضب ، وغاصت في فهم مقاصده وغاياته واحتكمت فيما شجر بينها إلى أحكامه أكانت تنزل إلى هذا المستوى المتردي ؟؟؟ كلا ثم كلا .
"فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا"
فالحق أنه لا مخرج لهذه الأمة ، و لامخرج لأحد كائنا من كان ، إلا بالعودة إلى هذا القرآن ، فهو العاصم من كل فتنة و هو المخرج من كل أزمة أيا كان مجالها ؟؟  فبذلك أخبر من  لاينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم:"ستكون فتن كقطع الليل المظلم، قلت يا رسول الله: ما المخرج منها؟ قال: كتاب الله تبارك وتعالى: فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله....".
وإننا  في هذا الوطن العزيز ما انتصرنا على عدونا ، وما حفظنا هويتنا الإسلامية والعربية من الذوبان  إلا بهذا القرآن ، وما تجاوزنا العديد من مشكلاتنا الا بالقرآن .... و جزى الله خيرا القائمين على شؤون هذا الوطن ؛ إذ سنوا لنا هذه السنة الحسنة المتمثلة في الأسبوع القرآني الذي ينعقد كل عام – والذي احتضنته هذا العام مدينة العلم والعلماء قسنطينة -  حيث يلتقي في رحابه العلماء والباحثون وحفظة الكتاب المبين ، ويعكفون على دراسة القرآن العظيم وما تضمنه آياته من كنوز لا انقضاء لها ؛ لينتزعوا منها ما يمكننا من العيش في عزة وكرامة ، ويستلهموا منها ما يؤهلنا لوراثة الدنيا والآخرة عن جدارة ، ويستخرجوا منها الفهم السليم لحقائق الإسلام ، بعيدا عن الغلو والتطرف الفكري والطائفية المقيتة التي تحاول غزو بلادنا ، وتحاول المساس بوحدتنا الوطنية والمذهبية والفكرية ... وهيهات أن يتم لهم ذلك ما دام لهذا الوطن رجال قرآنيون يحمون عقيدته ويحفظون مرجعيته ... فلا خوف علينا ما دمنا نستمد قوتنا ونلتمس المخارج لمشكلاتنا من هذا الكتاب المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، ورحم الله سيدنا عبد الرحمن الثعالبي الذي قال:
 إنّ الجزائــــر في أحوالها عجـــــــب   ولا يدوم بها للناس مكـــروه
 ما حلّ عُسر بها أو ضاق مُتسع   إلا ويُسر من الرحمن يتلـوه

وإذا كان الواقع التاريخي يصدق هذا القول ويشهد له ،  فإن السر فيه عائد إلى هذا القرآن ، فنحن إنما نستمد قوتنا من قوته وخلودنا من خلوده ؛ لذلك الحذرَ الحذرَ من هجرانه ؛ ففي هجرانه  كل العطب ،  ولله در القائل:
يَا أُمَّةَ القُـــــرْآنِ إِنَّ كِتَابَكُــــمْ     لَهُوَ الشِّفَاءُ وَصِحَّةُ الأَبْـــدَانِ 
وَهُوَ الدَّوَاءُ لِكُــلِّ جُرْحٍ غَائِـرٍ    وَهُوَ المُحَارِبُ نَزْغَةَ الشَّيْطَانِhttp://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وَهُوَ البَلاَغَةُ وَالفَصَاحَةُ كُلُّهَا     وَهُوَ الحَضَارَةُ فِي عُلُوِّ مَكَـانhttp://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
اقْرَأْ كِتَابَ اللهِ وَافْهَــــمْ حُكْمَهُ     تُدْرِكْ عَطَاءَ اللهِ فِي إِحْسَـــانِhttp://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فَهُوَ الخِطَابُ لِكُـــلِّ عَقْلٍ نَابِهٍ     وَهُـوَ الضِّيَاءُ بِنُورِهِ الرَّبَّـــانِيhttp://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يَهْدِي إِلَى الخَيْرِ العَمِيمِ وَإِنَّهُ     أَمْنُ القُلُوبِ وَرَاحَـةُ الأَبْـــدَانِ


فينبغي – أيها السادة الكرام - أن نحافظ على هذا الكنز العظيم الذي أكرمنا الله به ، بأن نعتني بحفظه ورعايته ، وأن نعلمه لأولادنا ونسائنا وسائر أفراد شعبنا ، ونتلوه حق تلاوته ، ونقدره حق قدره ، ونفهمه حق فهمه ، وأن نحل حلاله ونحرم حرامه ، ونعيشه في واقع حياتنا ، بأن نسير - في سائر شؤوننا - وفق توجيهاته الهادفة إلى إسعاد البشرية في عاجلها وعاقبة أمرها.
"إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا".
والحمد لله رب العالمين


هناك 4 تعليقات:

  1. القرآن الكريم هو الدستور الرباني الذي إذا أخذت به الأمة لكافها في حلا في كل ماتعيشه من أزمات أخلاقية وإجتماعية وسياسية واقتصاية.

    شكرا لك شيخنا الكريم وجزاك الله كل خير.

    ردحذف
  2. جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل هل تاذن لنا بنقل خطبك والمعلومات من موقعك

    ردحذف
  3. جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل هل تاذن لنا بنقل خطبك والمعلومات من موقعك

    ردحذف
  4. تفضل أخي فكلما أنشره مأذون بنقله

    ردحذف