......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

العظمة المحمدية آثارها وأسرارها

محتويات
تمهيد
المبحث الأول :
آثار العظمة المحمدية
المطلب الأول :
أوضاع الناس قبل البعثة
المطلب الثاني :
إلى عالم النور
المطلب الثالث:
انبهار العلماء بهذا التغيير الحاسم
المبحث الثاني :
حقيقة عظمته صلى الله عليه وسلم وأسرارها
المطلب: الأول :
الوحي أو النبوة
المطلب: الثاني:
عظمة أخلاقه صلى الله عليه وسلم
المطلب: الثالث:
علاقة أخلاقه صلى الله عليه وسلم بالقرآن




إهـــــــــــداء

إلى معلمي الأول الذي
حفظني كتاب الله
وسهر على رعايتي
وأحسن تربيتي
وتجاوز عن هفواتي
أستاذي الشيخ إسماعيل مقراني
حفظه الله تعالى
أهدي هذا الجهد المتواضع




تمهيد
الحمد لله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين ، وأكرمنا بهذه الشريعة الإسلامية الواضحة الغراء  ،  القائمة على أساس جلب المصالح و درء المفاسد ، فمن اتبع هداها نال سعادة الدنيا والآخرة ، و من جحدها وكفر بها حشر في زمرة الأشقياء الجاهلين ، والكفرة الفاجرين .
والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين ، وسيد الأولين والآخرين ، محمد بن عبد الله أكرم الرسل ، وأفضل البشر ، وأول العظماء الخالدين ،  صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين ، وصحابته أجمعين ، ومن اهتدى بهديهم واستن بسنتهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين . أما بعد /
فلم يزل الذين عميت قلوبهم وانطمست بصائرهم يؤذون نبي الله محمدا - صلى الله عليه وسلم –  وهم بذلك إنما يستجلبون لعنة الله وغضبه ، ويستعجلون عقوبته في  العاجل والآجل ." إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا "[ الأحزاب 57 ]  وأنى لشتائم هؤلاء القوم أن تنال مقام صاحب النفس الزكية ، والشمائل العلية ؟ ! بل ستعود عليهم بالخزي والوباء ، دون أن تصل إلى مرماها البعيد ،
 كما  يعود البصاق على وجه قاذفه  نحو رجل قد تربع على كرسيه خلف أسوار قصر مشيد فوق قمة عالية ، و لا جرم أن المسافة بعيدة جدا  بين هؤلاء السفهاء ، وبين محمد الذي اجتباه ربه ، وخاطبه بقوله  " وإنك لعلى خلق عظيم " [ القلم 4 ] فهو كالبحر المحيط يرمى بالأحجار فتتلاشى في أغواره دون أن تؤثر  فيه شيئا . 
و"ما يضير البحر أمسى زاخرا...إن رمى فيه غلام بحجر"
ثم ما ذا حقق المسيئون لرسول الله – صلى الله عليه وسلم - ؟ حتى كرروا إساءتهم إليه تارة أخرى ؟ !
هل صدوا الناس عن دين الإســــلام ؟
أم هــل بغضــوا للمـؤمنـــين نبــيهــــم ؟
كـــلا ! إن الإساءات المتكررة لم تزد الناس إلا تسابقا إلى الدخول في دين الله أفواجا ، ولم تزد المؤمنين إلا  حبا لنبيهم ، وإيمانا بصدق رسالته ، وتمسكا بشريعته الغراء ، فمنذ سنوات خلت ظهرت صور كاريكاتورية مسيئة لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -  في الدنمارك وبعض الدول الغربية  ،  كنت يومئذ إماما بسجد الشهداء ، فألقيت خطابا يوم الجمعة بعنوان : " لا إيمان بغير محبة ولا محبة بغير نصرة ولا نصرة بغير تضحية " بينت فيه حقيقة النصرة وأنها من مقتضيا ت المحبة التي هي ثمرة من ثمار الإيمان ،  
فلم تلبث فئة من الشباب أن قامت منتصرة لنبيها ، فحفظوا خمسة عشر حزبا من القرآن الكريم ، وتعلموا أحكام التلاوة الصحيحة ، وحفظوا الأربعين النووية من أحاديث سيد المرسلين ، بالإضافة إلى متن رسالة أبي زيد القيرواني ،  و منهم – اليوم - من هو قائم بالإمامة والتعليم القرآني ، و ما هذا إلا نموج بسيط من نماذج شتى ، في مختلف الأقطار الإسلامية ؛ و لا يفهم منه إلا أنه إحدى الدلائل البارزة على صدق نبوته - صلى الله عليه وسلم-   إذ كلما أساء إليه السفهاء كثر أنصاره ومحبوه ، وتوالت الإبداعات والتضحيات في نصرته ، وصدق الله  العظيم إذ يقول : " يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون" [ التوبة 32 ]
و الإساءة لنبي الإسلام –  عليه صلاة الله  وسلامه –  هي إحدى الوسائل المنتهجة في السعي  إلى إطفاء نور الله تعالى، وتلك سنة مستمرة  إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ؛  ومن الحقائق التي ينبغي أن نعيها جيدا – ونحن نواجه هذه الهجمة الشرسة - أن تلك الإساءات المتكررة لم تأت عفوية دون تخطيط مسبق ،  كما أنها ليست ناشئة عن جهل بحقيقة النبي محمد صلى الله عليه وسلم   وما اتسم به من كريم الصفات ، بل الذين تولوا كبرها منهم يعلمون – يقينا- أنهم أمام   نبي مرسل بالحق ، 
و أنه  في الذؤابة من  البر  والكمال ،  تبعد الدنايا عنه كبعد السماء على الأرض ،  ولكن لا يستطيعون إبداء هذه الحقيقة  ؛ لعلل نفسية كامنة في ضمائرهم ، وقد قال الله تعالى في أقوام من قبلهم قد تشابهت قلوبهم : " فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ "[ النمل 14]
وبناء على ما  تقدم كان لزاما على أهل العلم أن يبينوا هذه الحقائق للناس ، ويكشفوا عن طبيعة المؤامرة وخلفياتها وأهدافها ، مبينين كيفيات النصرة التي تتحقق بها  المصلحة  وتدرأ بها المفسدة ،  إذ لا فائدة من طلقات فارغة تحدث دويا دون أن تصيب هدفا .
وفي هذا البحث :
-إبراز لبعض الجوانب الهامة  من عظمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم   وآثارها وأسرارها .
- وبيان لضرورة التحصن بالقيم الخلقية ، التي استطاع بها النبي محمد  صلى الله عليه وسلم   أن ينقل العالم من الظلمات إلى النور .

وأسأل الله تعالى أن يتقبل منا هذا الجهد المتواضع ؛ فيوجب لنا به شفاعة نبيه  صلى الله عليه وسلم  يوم القيامة ، ويكرمنا بمرافقته في الجنة  ، وأن يجعل ثوابنا دوام الستر لنا أبدا ، ويكتب لآثارنا القبول من بعدنا ، كما قال الشاعر :
كتبت وقد أيقنت يوم كتابتي ******بأن يدي تفنى ويبقى كتابها
فان كتبت خيرا ستجزى بمثله *****وإن كتبت سوءا عليها كتابها

العيد بن زطــة
التلاغمة في : 29/ شوال 1433 هـ  = 16/ 09 / 2012

المبحث الأول :
آثار العظمة المحمدية
تـوطــئـة
إن الحديث عن النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم  –  وعظمته وشمائله ، ليس له من الوقت كفاية ،  بل لا يحيط به من اللسان بيان ، فما من شرف يذكر ، وما من كمال ينعت ، إلا وللرسول الأعظم منه المحل الأسمى والحظ الأوفى ، و من ذا الذي يستطيع أن يأتي بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  فيشفي به غليل السامعين ، أو يطفئ به لوعة المحبين ؟ فمهما حاول فطاحلة البلاغة والفصاحة أن يسوقوا نعوتا لشمائله العلية ، وأخلاقه الطاهرة الزكية ، أو يكشفوا  عما أمده الله به من عظمة وقوة ، أو يعددوا ما حققه من نجاح و ما تركه من أثر ، فلن يقدروه حق قدره أبدا ؟ و عزاؤنا في ذلك قول أهل العلم : ما لا يدرك كله لا يترك جله ، وعليه سنكتفي ببيان بعض الجوانب الهامة من العظمة  المحمدية ، مبينين  أثرها في التغيير ، و قبل ذلك لا بد من بيان موجز لما كان عليه الناس قبل بعثـته الميمونة ؛  لندرك  خطورة الوضع وصعوبته ، فنقدر عظم المهمة التي كلف بها صلى الله عليه وسلم   ، والمتمثلة في إخراج الناس من الظلمات إلى النور .
المطلب الأول :  أوضاع الناس قبل البعثة
كان الناس  قبل بعثته صلى الله عليه وسلم  يعيشون في انحراف خطير عن الصراط المستقيم ، قد غشيتهم أمواج كثيفة من الظلمات ،أفقدتهم طعم الحياة و الشعور بالأمن والسعادة        و الطمأنينة ؛ حيث الخصومة ملتهبة ، والعقول معطلة ، والأفكار معاقة ، والفطرة ملوثة ، والقلوب زائغة ، والبصائر منطمسة ، والأخلاق منحرفة ، و الصلات متقطعة ،   والعلاقات منهارة ،  والحريات مسلوبة ، والحقوق منتزعة ، وأغلب من على الأرض كفرة فجرة... هكذا كان الناس قبله صلى الله عليه وسلم   .
وصف القرآن تلك الحالة بالضلال المبين ، قال تعالى : " وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " [الجمعة2] أي : في ميل واضح عن طريق الحق ، وانحراف بين عن جادة الصواب .
وقال تعالى في آية أخرى: " الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ "[إبراهيم2]  
فقد  عبر عن تلك الأوضاع السيئة بالظلمات ، وهي كذلك .
- و أي ظلام أكبر من أن يكون الصنم إلها يعبد من دون الله  ؟ !  و قد بلغ الغباء بأهل الجاهلية إلى أن يجعل أحدهم لنفسه إلها من التمر ، يعبده ويتقرب إليه ، ثم يأكله إذا جاع.
- وأي ظلام أكبر من اشتعال الحرب لأتفه الأسباب وأحقرها ،  فتدوم عشرات السنين ، وتحصد مئات الأرواح ، كحرب البسوس التي قامت لأجل ناقة ، ودامت أربعين سنة .                                      
- وأي ظلام أكبر من أن تكون المرأة – منجبة الأجيال ومصدر الوجود الإنساني – متاعا رخيصا يباع ويشترى كالبهيمة والمتاع ، و يُتشاءم منها وتُزدرى ، و تُكْرَه على الزواج والبِغَاء ، و تُورث ولا تَرث ، و تُملَك ولا تَمْلِك ، وللزوج حق التصرف في مالها  بدون إذنها ، بل قد أُخْتلِفَ فيها في بعض الديانات ، هل هي إنسان ذو نفس وروح كالرجل أم لا ؟!
بلغ الأمر بأهل الجاهلية إلى أن أحدهم حينما تولد له بنت يتشاءم منها و يستاء ،  و يبغضها بغضا شديدا ،
ولا يستطيع مقابلة الرجال من شدة ما يشعر به من الخزي           و الخجل ، ثم يبقى مترددا بين أمرين :
 إما أن يمسك تلك البنت ويدعها تعيش مهانة .
 وإما أن يدفنها و هي حية ، ويتركها تحت التراب حتى تموت  !! قال الله تعالى مصورا هذا المشهد الرهيب :                       " وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل ووجهه مسودا وهو كظيم  يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون "[ النحل59 ]
والغالب انه يدسه في التراب . 
إنها نماذج من ظلمات شتى لا عداد لها ، لم يكن من السهل مفارقتها والانفكاك عنها ،  وقد كلف محمد صلى الله عليه وسلم  بإخراج الناس منها .
المطلب الثاني : إلى عالم النور
بعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم   في صحراء تلك الجزيرة القاحلة ، المعزولة عن كل الحضارات والمدنيات في العالم ،  وقد وجدها على تلك الحالة المؤلمة  ، 
وكلف صلى الله عليه وسلم   بتبديد الظلمات التي أحاطت بالناس في مختلف مناحي حياتهم،  " الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ .. "[ إبراهيم 2 ] وخاطبه ربه بقوله : " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا" [الأحزاب46]  و صفه بالسراج المنير الذي "يجلو الظلمات ، ويكشف الشبهات ، وينير الطريق ، نوراً هادئاً هادياً كالسراج المنير في الظلمات ، وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم   وما جاء به من النور[1] ".
وقد شعر صلى الله عليه وسلم  بعظم الأمانة الملقاة على عاتقه ،                   و قدر  خطورة المهمة المسندة إليه ؛ 
فتحرك صلى الله عليه وسلم  بخطوات ثابتة ، وعقيدة راسخة ، وعزيمة صلبة ، وبصيرة ثاقبة ، و دعا إلى سبيل ربه ليلا ونهارا ، سرا وجهارا ،  في السفر والحضر ، والشدة والرخاء ،  لا يكل و لا يمل ، و لا عابئ بما يلاقيه من صنوف الأذى  ،  والقرآن يخاطبه :
" يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ "[ المائدة 67 ]
وما هي إلا فترة وجيزة حتى استطاع صلى الله عليه وسلم   أن ينقل الناس من ظلماتهم الكثيفة ، إلى نور الإسلام                             و هدايته .
- فحررهم من قيود العبودية لغير الله .
- ونشر الرحمة في النفوس ، وزرع المحبة في القلوب،  ونزع الضغائن والأحقاد من الصدور .
- ونصر الضعفاء ، وسود العبيد ، وأكرم كريم كل قوم ، إلا من أبى وتولى .
- وألف بين القبائل المتناحرة ، والجماعات المتنافرة ، وكون من تك الطوائف المتدارئة أمة عظيمة ، أضحت خير الأمم على الإطلاق ، كما قال تعالى : " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ..." [ آل عمران 110 ]
وقد ذكر بعض أهل العلم : أن ( كنتم ) هنا بمعنى ( صرتم[2] )  وصار تفيد التحول من حال إلى حال ، كما في قولك: صار زيد عالما ، أي تحول من الجهل إلى العلم ، وكذلك ( كنتم خبر أمة ) أي : تحولتم إلى الخيرية بعد عدم الاتصاف بها [3] ، وذلك إنما حصل بفضل النبي محمد صلى الله عليه وسلم   وما جاء به من النور من عند ربه .
- وأنقذ صلى الله عليه وسلم   المرأة من ذلك الوضع السيئ ، ورعى لها حقوقها ، و منحها حق الاختيار والتصرف في شؤونها وفق الضوابط الشرعية ، فقال صلى الله عليه وسلم   : " لاَ تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلاَ تُنْكَحُ البِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا ؟ قَالَ : أَنْ تَسْكُتَ "[4] .  وسوى بينها وبين الرجل في كثير الحقوق والواجبات ، فقال صلى الله عليه وسلم    " إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ [5]" .
ورفع من شأنها و أوصى بها كل خير ، وكرمها أيما تكريم !!
- كرمها أمــا ، فقال صلى الله عليه وسلم    - لمن استأذنه في الجهاد- : " هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ ؟  قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:  فَالْزَمْهَا ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا [6]" .
- و كرمها زوجــة فقال صلى الله عليه وسلم   : " خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي[7] " .
 - و كرمها بنــتا وأخــتا ، فقال صلى الله عليه وسلم   : " مَنِ ابْتُلِيَ مِنَ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ[8] " .
وقال أيضا   : " لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَوْ بِنْتَانِ ، أَوْ أُخْتَانِ فَيَتَّقِي اللَّهَ فِيهِنَّ، وَيُحْسِنُ إِلَيْهِنَّ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ [9]".
- و كرمها أجنبــية ، فقال صلى الله عليه وسلم   : "السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، أَوِ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ " [10] .
وهكذا نجح النبي محمد صلى الله عليه وسلم    - نجاحا باهرا - في مهمته التي كلف بها ،
واستطاع في وقت قصير أن يعيد للإنسانية كرامتها التي انسلخت عنها دهرا طويلا ، وينقذ البشرية من تلك الأوضاع السيئة المؤلمة ،  و ينقلها نقلة بعيد المدى إلى مستويات رفيعة من الأدب والتقى .
ولولا أن من الله على الناس به للبثوا في غياهب الظلمات إلى يوم يبعثون ، و لو اجتمعت المئات من العظماء  على أن يخرجوا الناس من تلك الظلمات لما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ، قال تعالى :          " لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً " [ البينة 1-2] أي ما كان للكافرين - أهل كتاب كانوا أو مشركين - أن ينفصلوا عن كفرهم وضلالهم ، حتى تأتيهم البينة ، ثم فسرت البينة بأنها : رسول من الله يتلو صحفا مطهرة ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم    و ما يتلوه من القرآن الكريم[11] ، فكان وحده صلى الله عليه وسلم    من لديه القدرة على تخليص البشرية ، وإسعادها في عاجلها وعاقبة أمرها .
و قد أصاب المفكر الانجليزي ( برنارد شو [12])  في قوله :              " ما أحوج العالم إلى محمد  !!  ليحل مشاكل العالم وهو يحتسي فنجان قهوة ".
فما أعظم محمدا صلى الله عليه وسلم    وما أحوج البشرية إليه  !
ولو أن هؤلاء الحيارى الذين تقطعت بهم السبل ، و ذهبوا كل مذهب  بحثا عن حلول لأزماتهم الخانقة ، ومشكلاتهم المستعصية ، لو أنهم عادوا إلى هذا النبي الأكرم ، فاقتفوا آثاره واتبعوا هداه ، لوجدوا الحل الذي بات مستحيلا ممكنا ، ولوجدوا الأفق أوسع ، والدار أجمع ، والسعادة أوفر .
المطلب الثالث :  انبهار العلماء بهذا التغيير الحاسم
لقد انبهر عباقرة العلماء في كل زمان و من مختلف الأديان ، بما أحدثه النبي محمد صلى الله عليه وسلم    من تغيير حاسم ، وما حققه من نجاح باهر ؟؟
وأبدوا إعجابهم بهذا النبي الأكرم ، منوهين بجهوده الجبارة ، ومشيدين بعظيم إنجازاته في مختلف مجالات الدين والدنيا ،وأقوالهم في ذلك لا حصر لها ،  نذكر منها :
1- قال الشيخ محمد الغزالي [13] :
"..هناك نبي دعا فما استجاب له احد ، وهنك من دعا فلباه نفر قلائل ، وهناك من نجح في هداية قرية متوسطة العمران والسكان..لكن من خمسة عشر قرنا ظهر إنسان فذ ، رمق ببصيرته القرون الماضية والقرون الآتية ، وأمده الله بروح من عنده ، فإذا هو يتحرك في صحراء الجزيرة حاملا البلاغ المبين ، كانت الظلمة كثيفة ، والخصومة ملتهبة ، وكسف الظلام تتراكم في الشرق والغرب ، وكأنما نجح إبليس في إغواء البر والبحر فما يبدو بصيص أمل...فبدأ بعزم يفل الحديد ، وشرع في تكوين الرجال الذين يؤمنون به ، ويجاهدون معه، وأفلست كل المقاومات في ثنيه عن وجهته ، لقد مزق الحجب المسدلة على الفطرة ، وانتعش العقل من غيبوبة رضته بالوثنية المخرفة ، وصاح فى القلب الإنساني : ألا تستحي من البعد عن الذي خلق فسوى وقدر فهدى.. وأبصر الرجال من حوله الطريق ، فالتفوا به واستمدوا من صلابته بأسا في إحقاق الحق وإبطال الباطل ....و نفخ فيهم محمد صلى الله عليه وسلم    من روحه ، وفقههم فى كتابه، وجعل منهم أساتذة فى فن الحكم، ورعاية الجماهير، وحماية الحقوق، وتزكية السرائر، وبناء الأخلاق الحسنة، ودعم التقاليد الجميلة.. ذلك كله فى سياج من التوحيد المحض والعبادة النقية..
لا يدرى أحد كيف صنع محمد صلى الله عليه وسلم    هذا الجيل القوى الوفي الزكي!، لا يدرى أحد ماذا سكب فى أفئدتهم من تقوى وفداء، وشهود لعظمة الله وإقبال على الدار الآخرة، لا يدرى أحد قوة الدفع وراء هذا الجيل الذي هزم فتن الحياة، وكيد الجبابرة، واستطاع بعظمة رائعة أن يسلم القرآن الكريم للأجيال التابعة دينا ودولة ، وأن يجنبه ما عرا الكتب الأولى من تحريف وتصحيف.. أولئك هم سلفنا الصالح، الصالح لقيادة الحياة، وإرث الآخرة، عن جدارة لا عن دعوى..
أصارح أنني معجب بمحمد صلى الله عليه وسلم    وصحبه، مسحور بتربيته لهم وبجهادهم معه ومن بعده لاستبقاء الحق فى الأرض، ونفع العالمين به..[14]"
2- وقال الدكتور ما يكل هارت [15] .
– في معرض حديثه عن أسباب اختياره  لمحمد صلى الله عليه وسلم    من مجموع المائة الخالدين - :
" لقد اخترت محمدا في أول القائمة ، ولا بد أن يندهش كثيرون لهذا الاختيار ،  ومعهم حق في ذلك ، ولكن محمدا عليه السلام هو الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحا مطلقا على المستوى الديني والدنيوي[16]"

3- وقال الحكيم الروسي تولستوي[17]
" ومما لا ريب فيه أن النبي محمدا كان من عظام الرجال المصلحين ، الذين خدموا المجتمع الإنساني خدمة جليلة و يكفيه فخرا أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق ، وجعلها تجنح للسكينة والسلام وتؤثر حياة الزهد ، ومنعها من سفك الدماء و تقديم الضحايا البشرية ، وفتح لها طريق الر ي والمدنية ، وهو عمل عظيم لا يقوم به إلا شخص أوتي قوة ، ورجل مثل هذا جدير بالاحترام [18]
المبحث الثاني: حقيقة  العظمة  المحمدية    وأسرارها
رأينا في المبحث المتقدم  كيف أحاطت الظلمات بالناس، ثم كيف تجلت آثار عظمته صلى الله عليه وسلم    في إخراجهم منها إلى عالم النور ، مما جعل عباقرة العلماء وأفذاذهم - في سائر الأزمان ومن مختلف الأديان - يقفون مندهشين بإزاء تلك الإنجازات العظيمة ،  ويرمقون صاحبها بالمهابة والإجلال !  و لكن لا ينبغي الوقوف عند ظاهر عظمته صلى الله عليه وسلم    ، بل لا بد من الالتفات إلى أسرارها ، و إلى الأسباب التي كانت وراء ها .  
فإن الله تعالى قد جعل لكل شيء سببا ، وقانون السببية معتبر ،  و لا ينبغي تجاهله أو التغافل عنه  .
 وإذن : فما هو  سر تلك العظمة  ؟ التي مكنته  صلى الله عليه وسلم    من  تحقيق هذا النجاح الباهر ، وإحداث ذلك التغيير الحاسم  ؟
والجواب: أن السر في ذلك عائد إلى أمرين عظيمين :
أولهما : الوحي أو النبوة .
والثاني : عظمة أخلاقه صلى الله عليه وسلم    .
فهذان سببان بارزان في النجاح الباهر الذي حققه النبي محمد صلى الله عليه وسلم    ، وهما جديران بالدراسة والتأمل .

المطلب الأول : الوحي أو النبوة .
فلا ريب أن محمدا صلى الله عليه وسلم    نبي ملهم ، و مرسل بالحق من ربه ، فهو مؤيد بالوحي من السماء ، و لا ينبغي  أن درس حياته منفصلة عن هذه الصفة ، فهو ليس مجرد زعيم سياسي أو رائدا من رواد الإصلاح ، بل هو إنسان رباني موصول بالله تعالى ، ليلا و نهارا سرا وجهارا ، لكونه أعلم الناس وأعظمهم  معرفة برب العالمين ، قال صلى الله عليه وسلم   "إني لأعلمكم بالله وأشدكم له خشية[19]"  وبتلك الربانية استطاع صلى الله عليه وسلم   أن يسمو فيحلق في مدارج الكمال ، ثم استطاع – بربانيته- أن يغير أو ضاع الناس فينقلهم من الظلمات إلى النور .
 و لا يمكن  لغير الرباني أن يحدث مثل هذا  التغيير أو قريبا منه  ؛ ذلك لأن الإنسانية مهما شرفت و سمت ، فستظل منحدرة إلى أدران الأنانية ، مائلة إلى أوحال المآرب الشخصية ، و لا عاصم لها من ذلك إلا أن تكون موصولة العلاقة بالله .
وأي كمال لا يرتكز على عقيدة صحيحة  ، ولا ينبع من سريرة نقية ،  فهو على شفا جرف هار ،  ولن يحظى بقبول  في الأرض ولا في السماء ، ولن يمتد له أثر  في العالمين ، وإن لقي رواجا في أوساط محدودة ، إلا أنه لا يلبث أن تنطمس معالمه ، و  تزول آثاره ، والله تعالى إنما يكتب القبول للأصفياء الأتقياء ، " إنما يقبل الله من المتقين "                  [المائدة 27
وتزيد سورة العصر هذا المعنى وضوحا :
" وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)"
ووجه الاستدلال : أن الخسارة صفة ملازمة لبني الإنسان               - أيا كان شأنه ومكانته - ولا ينفك عنها إلا من استمسك بالأركان الأربعة التي حددتها السورة ، وهي :
1- العقيدة الصحيحة .
2- العمل الصالح القائم على أسس تلك العقيدة .
3- الدعوة إلى الله بصفة عامة .
4- ثم الصبر على  الأذى في سبيل ذلك كله .
وأي دعوة تنطلق بعيدا عن هذه الأركان ، فمآلها إلى الفشل والاندثار لا محالة .
ومن هنا يتجلى لنا أن المصدر الأصلي لنجاح الدعوة المحمدية  ،  هو النبوة ؛ ولذلك لما قال أبو سفيان  للعباس - يوم فتح مكة -  : " والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيماً ! "
 أجابه العباس – مصوبا لقوله و مبينا له مصدر تلك العظمة –  : "يا أبا سفيان إنها النبوة " قال : فنعم إذن  "[20]
قال الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي :
" إن المسلم لا ينبغي لحظة واحدة أن يحاول فهم حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم    على أنه عبقري أو قائد خطير أو داهية محنك ، فمثل هذه المحاولة ليس إلا معاندة أو معابثة للحقائق الكبرى التي تزخر بها حياته صلى الله عليه وسلم    فلقد أثبتت هذه الحقائق الجلية الناصعة أن النبي صلى الله عليه وسلم    كان متصفا بكل صفات السمو و الكمال الخلقي               و العقلي و النفسي ، ولكن كل ذلك كان ينبع من حقيقة واحدة كبرى فى حياته عليه الصلاة والسلام ألا وهى أنه نبي مرسل من قبل الله تعالى  ، وأن من العبث الغريب أن نضع الفروع موضع الأصل ، ثم نتجاهل موضع الأصل مطلقا !  ولا ريب أن الرد على ذلك لا يكون إلا بلفت النظر إلى الأصل ، بل إلى الأصل وحده [21] "
فمن الأخطاء الفادحة التي وقع فيها كثير من الباحثين ، مسلمين  كانوا أو غير مسلمين ،  إقبالهم على دراسة حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم     منفصلة عن كونه نبيا ، يتلقى السداد والعصمة والتأييد من لدن رب العالمين ،             ولولا ذلك التأييد من الله لما كان لدعوة النبي محمد من أثر يذكر ، أو لم  يقل الله له : " إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ "                 [القصص 56]
وقال تعالى أيضا : " لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "  [ الأنفال 63 ]
وأعتقد أن المستشرقين الذين أنصفوا محمدا صلى الله عليه وسلم    ، وأشادوا بعظمته ، وأقروا بتفرد عبقريته ، لو أنهم دققوا النظر في البحث والتنقيب عن المصدر الأصلي الذي أمده بتلك القوة الهائلة ؛ لاهتدوا إلى الحقيقة الكبرى ، ولما وسعهم بعدئذ إلا اتباعه والإيمان به .
وليت المنشغلين بمحاولات حجب أشعة الشمس عن إضاءة أرجاء الكون الفسيح ، يوجهون جزءا من انشغالاتهم إلى البحث عن هذه الحقيقة ، ولو فعلوا ذلك لاهتدوا إلى أن الشمس إنما أعدت ليهتدوا بنورها في ظلمات البر والبحر، وأنه لمن الحماقة محاولة حجب أشعتها ، وكذلك حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم    .

المطلب الثاني : عظمة أخلاقه صلى الله عليه وسلم
أما السبب الثاني فيما حققه صلى الله عليه وسلم من إنجازات عظيمة ، في فترة زمنية قصيرة ، فمرده  إلى ما أكرمه الله به من الأخلاق الرفيعة والشمائل الزكية ، و هذه حقيقة هامة ينبغي أن يعيها المسلمون ؛ ليتخذوا منها مناهج قويمة لضبط وتنظيم مختلف جوانب حياتهم ، و ليستعينوا بها على تبليغ دعوة الإسلام  إلى العالمين ؛ فينجذبوا إليه معجبين بروائع أدبه ، و لا ينفروا عنه بما يشاهدونه من سوء أخلاق معتنقيه . 
فإن التفاف الناس من حول نبينا صلى الله عليه وسلم  وإقبالهم على دعوته طائعين غير مكرهين ،  إنما كان بسبب ما اتسم به صلى الله عليه وسلم  من مكارم الأخلاق ،  يقول الله تعالى :                " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ..." [آل عمران:159]
ووجه الاستدلال : أن ( الفظ ) هو السيئ الخلق ، و لو كان محمد – وحاش لله أن يكون – رجلا ذا خلق  سيئ ؛ لانفض الناس من حوله وتركوه وحده ، ولو انفضوا من حوله لفات المقصود من البعثة والرسالة ؛ لهذا اقتضت  حكمة الرحمان الرحيم أن يكون رسوله  متصفا بمحاسن الأخلاق منزها عن مساوئها ؛
لتميل القلوب إليه وتسكن النفوس لديه[22] ، فيتحقق مقصود الرسالة ، وهو إخراج الناس من الظلمات إلى النور عاجلا وآجلا .
و من هنا تتجلى لنا آثر خلقه صلى الله عليه وسلم   فيما حققه من نجاح وما أحدثه من تغيير ، وأن عظمته صلى الله عليه وسلم  تكمن فيما كان عليه من الأخلاق العظيمة ، التي تعد إحدى الدلائل البارزة على نبوته وصدق رسالته ، و بها مدحه ربه فقال جل ثناؤه:"وإنك لعلى خلق عظيم"                 [القلم 4]
وبتلك الأخلاق السامية استطاع  صلى الله عليه وسلم   أن يملك قلوب الناس ، فأتوا إلى دعوته مذعنين ، ولا أحد ينكر ما للأخلاق الحسنة من تأثير بالغ في النفوس ، إذ هي مجبولة على الانجذاب – طوعا – إلى محاسن الأخلاق ، كما هي مجبولة على النفرة من أضدادها ،
ولقد تفطن إلى هذه الحقيقة ( لين بول[23] ) فقال  - في معرض حديثه عن صفات النبي محمد صلى الله عليه وسلم  - :"...وعلى شفتيه ابتسامة حلوة ، وفي فيه نغمة جميلة كانت تكفي وحدها  لتسحر سامعها ،  وتجذب القلوب إلى صاحبها جذبا [24] " فانظر إلى قوله : (  كانت تكفي وحدها...) فكيف إذا أضيف إليه ذلك الكم الهائل ، من شمائله الزكية وأخلاقه الرفيعة  !  كصدقه وأمانته ، وحيائه وعفته ، وتواضعه وشجاعته ....
فلا عجب -     إذن- أن يترك سادة  القبائل وأشرافها مكانتهم المرموقة ، ثم يسارعون إلى اتباع محمد  صلى الله عليه وسلم   ، ومن هؤلاء أبو بكر  وطلحة بن عبيد الله ، وعثمان بن عفان ، والزبير بن العوام ،  وعبد الرحمان بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ،
 وغيرهم ممن فارقوا حياة العز والهناء ورغد العيش ، وراحوا يسارعون في اتباع النبي ألأمي ، راضين بحياة المطاردة والاضطهاد والإيذاء والحصار..
ويقابل هؤلاء ثلة من الضعفاء والعبيد ، كبلال الحبشي، وصهيب الرومي ، وعمار بن ياسر وأمه وأبيه ، هم الآخرون هرعوا إلى الاحتماء بمحمد  صلى الله عليه وسلم   ،
  وكيف يحتمون به وهم يشاهدون المخاطر  تحيط به من كل جانب ؟ !
وهو يردد على مسامعهم : " وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ "[ الأحقاف 9 ]
ومع ذلك سارع إلى اتباعه السادة والأشراف ، واحتمى به العبيد والضعاف !!
فما الذي ملأ قلوب الفريقين إيمانا وعزما وثقة وتوكلا ؟  لا جرم أنها أخلاق محمد القائل - صلى الله عليه وسلم   - : "  إنكم لا تسعون الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق[25] "
و قد بين صلى الله عليه وسلم   أنه لم يكن ينشد من دعوته أكثر من تقويم الأخلاق ، وتدعيم فضائلها و مكارمها ، فقال :              " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق[26]"
ولم يكن صلى الله عليه وسلم   يتمم مكارم الأخلاق بمجرد ما يعطى للناس من توجيهات وتعليمات ، نحو : افعلوا أو لا تفعلوا كذا ؟ ....وهذا حلال وهذا حرام ؟.... وهذا حسن وذاك قبيح ؟.... وإنما كان يتممها بأفعاله أولا ، ثم يؤكدها بأقواله ثانيا[27] ، والدليل على ذلك أمران :
أولهما : قوله تعالى : " لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا"                [الأحزاب 21 ] 
ووجه الاستدلال في هذا المقام : أن الشخص الإسوة هو من يترك في نفوس الغير آثارا طيبة ، بما جمع في نفسه من الصفات الحميدة ، والشمائل النبيلة ، فيجعل العيون تمتد إلى شخصه ، معجبة بروائع أدبه وحسن خصاله ،
فإذا أصحابها يقتفون آثاره ويتبعون خطاه ، بدافع المحبة والإعجاب ، ثم يسهل عليهم بعد ذلك أن يتلقوا توجيهاته بالقبول والاحترام والتبجيل ، وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم    .
والثاني : ما روي عنه صلى الله عليه وسلم   في صلح الحديبية ، حينما صده المشركون عن المسجد الحرام ، وأراد أن يتحلل في مكانه ، قال لأَصْحَابِهِ :" قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا . قَالَ فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ قَامَ فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِىَ مِنَ النَّاسِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رضي اللَّهُ عَنْهَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُحِبُّ ذَلِكَ اخْرُجْ ثُمَّ لاَ تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ فَقَامَ فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ هَدْيَهُ وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا  فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ لِبَعْضٍ حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا ..[28]"
وجه الاستدلال : أنه حينما طلب منهم التحلل لم  يستجب لطلبه أحد ، رغم تكراره الطلب ثلاثا ؛
وحينما رأوه يتحلل كاد يقتل بعضهم بعضا من شد الازدحام على تنفيذ أمره صلى الله عليه وسلم   ، الذي أظهره للناس بفعله ،فدل ذلك على أنه صلى الله عليه وسلم   لم يكن  ليتمم مكارم الأخلاق بأقواله ، دون أن يغرسها في الناس بأفعاله ؛ ولهذا كان صلى الله عليه وسلم   مثلا أعلى لما يدعو إليه من خلق .
و روي عنه أنه قال  : "  أدبني ربي فأحسن تأديبي [29]"  يقول الشيخ محمد الغزالي – رحمه الله - : " فإذا نظرت إلى عصر النبوة وجدت أن محمدا عليه الصلاة والسلام رباه الله جل جلاله ليربى العرب به ، وربى العرب به ليربى بهم الناس أجمعين !!  [30]" وإن هذا القول لجدير بالتأمل ،  فإن الله تعالى قد أدب نبيه بذلك الأدب الرفيع لنتأدب نحن بآدابه ، فإذا تأدبنا نحن بآدابه تأدب العالم كله بآدابنا ، و لكن هل نحن – حقا- من الطراز الذي يؤدب الناس أجمعين ، أم أننا نحتاج إلى من يؤدبنا  ؟ !                و ما أخال الإجابة عن هذا السؤال خافية على ذي بصيرة !
و ماذا قدمنا للناس لكي يقتدوا بنا ويتأدبوا بآدابنا  ؟   فإن النفوس كما جبلت على من أحسن إليها ، فقد جبلت أيضا على الاقتداء بمن يفوقها قدرا ، في أي مجال من المجالات ، والإنسان الناجح في حياته لا تجده إلا محترما مسموع الكلمة ، أما الفاشل فهو محل ازدراء وسخرية وحري ألا يصغى إليه إذا نطق  ، ولعل هذا هو السر الذي جعل الكثير من شبابنا – فتيات وفتيانا – يندفعون إلى تقليد الغربيين ؛ لما رأوا عدنهم من مهارات وأخلاق كان ينبغي أن توجد عندنا لا عندهم ، أذكر على سبيل المثال لا الحصر :
1- صناعتهم وأعمالهم بصفة عامة في غاية الجودة والإتقان ، بين أكثر أعمالنا تكاد تكون مغشوشة .
فمن المستفيد من التوجيه النبوي الشريف : " إن الله يحب إذا عمل أحدكم  عملا أن يتقنه [31] " !
2- نظافتهم في البيئة والمحيط تكاد تسحر العقول بحسنها و روعة جمالها ، بينما غاصت الكثير من شوارعنا بالقاذورات المتعفنة ، فمن المستفيد هنا من التوجهات النبوية :
" إن الله جميل يحب الجمال [32]" " فنظفوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود [33]" " ...وإماطة الأذى عن الطريق صدقة[34] "
ولنقس على هذين المثالين نظائرهما ، وما أظننا على إحصاء ذلك قادرين ، لنعلم بعدئذ أننا أسهمنا في الإساءة إلى نبينا صلى الله عليه وسلم   ، وأننا على ذلك أمام الله لمسئولون ، وأن مشكلتنا الكبرى تكمن في انهيار أخلاقنا ، و رحم الله البشير الإبراهيمي  إذ يقول : " ...إن علتكم التي أعيت الأطباء واستعصت على حكمة الحكماء ، هي من ضعف أخلاقكم ووهن عزائمكم ......... وإن أول أمتكم شبيه بآخرها عزوفاً عن الفضائل ، وانغماساً في الرذائل ، فلم يزل بها هذا القرآن حتى أخرج من رعاة النعم ، رعاة الأمم ، وأخرج من خمول الأمية أعلام العلم والحكمة ، فإن زعم زاعم أن الزمان غير الزمان ، فقولوا : ولكن الإنسان هو الإنسان[35]"
بل إن إنسان اليوم يملك من الوسائل ما لا يملكه إنسان الأمس ، مما يمكنه من أداء رسالة الإسلام  للناس في سائر الأوطان ، دون أن يمسسه نصب أو لغوب ، فبإمكاننا- إذن : أن نفرض على الآخرين احترامنا ، ونجعلهم يرمقوننا بالنهابة ولإعزاز ، فقط علينا أن جعل الرسول صلى الله عليه وسلم   قدوتا وإمامنا .
و خلاصة الفرعين المتقدمين ، أن عظمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم   تكمن في :
-  كونه نبيا مؤيدا بالقرآن الكريم .
-  وكونه على خلق عظيم .
-  وأن السر فيما حققه صلى الله عليه وسلم   من نجاحات باهرة ، وما أحدثه من تغييرات حاسمة ،  عائد إلى القرآن و خلق الرسول صلى الله عليه وسلم   ،  فما أحوج البشرية إليهما  !  وما أشقى من جانبهما  .

المطلب الثالث : علاقة الشمائل المحمدية بالقرآن الكريم
لقد جاءت شمائله صلى الله عليه وسلم متطابقة تماما مع القرآن ،  فالقرآن وصفه الله تعالى بالعظمة " ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم " [ الحجر87 ] و بهذا الوصف ذاته               و صف خلق الرسول - صلى الله عليه وسلم -  قال تعالى : " وإنك لعلى خلق عظيم " [ القلم 4 ] 
فالقرآن عظيم وخلق الرسول عظيم ، فالعلاقة بينهما – من هذا الوجه – أنهما متطابقان ومتماثلان ، ونجد هذه الحقيقة واضحة في  قول عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – حينما سئلت عن خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ :                " كان خلقه القرآن [36] " فدل  ذلك على أن شمائله  صلى الله عليه وسلم  كانت متطابقة تماما مع آي القرآن  ،  ومن ثم فهي بمنزلة التفسير التطبيقي للمنهج القرآني ،  عقيدة وشريعة وأخلاقا ، ويستفاد من تقرير هذه الحقيقة أمران:
-  أحدهما : أن من أراد أن يتعرف على حقيقة الشخصية المحمدية في أكمل صورها ، فليقرأ القرآن بتأمل وإمعان .
- والثاني:  أن من أراد أن يفهم القرآن فهما مترجما في واقع الحياة ، فليتأمل أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم  ، فقد كانت ترجمة واقعية للقرآن الكريم ، بواسطة القدوة الحسنة ، وذلك معنى قوله تعالى : " لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا" [الأحزاب 21] 
و وجه الاستدلال بهذه الآية : أن الشخص الإسوة أو القدوة هو : من يجمع في شخصه خصلة أو خصلتان أو أكثر من الخصال الحميدة ؛ بحيث يبرز فيها ويسبق غيره فيها ، حتى يصير مثلا يحتذى به في تلك الخصلة ، مثلما برز حاتم الطائي في خلق الجود والسخاء والكرم ، فصار مضرب المثل في ذلك [37]. ومثل ما برز عنترة بن شداد في خلق الشجاعة ، فصار يضرب به المثل في البطولة والشجاعة [38].
غير أن ما برز فيه الرجلان من مكارم الأخلاق ، يتلاشى في جنب ما حازه الأنبياء – عموما – مما لا حصر له من الخصال الحميدة ، والصفات الكريمة ، فقد اقتضت حكمة الله أن يصطفي أنبيائه  من أفضل البشر ، وأطهرهم معدنا ، وأزكاهم نفسا ، وأعظمهم خلقا ،  فهم صفوة منتقاة مبرزة في كل مجال ، لا تدانى في خلق ولا خلق ، ولو أقيم سباق عام بين أصحاب المكارم والمواهب ، لكان أنبياء الله وحدهم  أصحاب السبق فيه ، ولكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم   أول السابقين ،  
وقد أصاب مايكل هارت[39]  حينما صنف محمدا صلى الله عليه وسلم   أول العظماء الخالدين .
وأحسن البصيري[40] حينما قال:

فاق النبيين في خَلقٍ وفي خُلـُقٍ
                            ولم يدانوه في علمٍ ولا كـــرمِ
وكلهم من رسول الله ملتمـــسٌ
                           غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ
وواقفون لديه عند حدهــــم
                          من نقطة العلم أو من شكلة الحكمِ
فهو الذي تم معناه وصورتــه
                          ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النســـمِ
منزهٌ عن شريكٍ في محاســـنه
                          فجوهر الحسن فيه غير منقســـمِ
دعْ ما ادعتْهُ النصارى في نبيهم
                          واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
ومن هنا يتضح لنا معنى الآية الكريمة : " لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة " وذلك أنه صلى الله عليه وسلم قد برز في كل خلق حميد ، وسبق غيره في كل مكرمة ؛ فصار مثلا أعلى للمكارم و المحامد كلها ، فاستحق بذلك  أن يكون  إسوة حسنة وقدوة طيبة في مختلف مجالات الدين والدنيا  ؛ بحيث يجد كل ناشد للكمال  في شخصه صلى الله عليه وسلم  ما يقر عينه ، ويريح ضميره ، ويشرح صدره ، وينير السبيل أمامه ،  إلا أن ذلك متعذر على من حبسوا أنفسهم في سجون الرذائل والدنايا ؛ حتى عميت قلوبهم وانطمست بصائرهم ، وبدل أن يلتمسوا أشعة مضيئة من نور محمد  صلى الله عليه وسلم   راحوا يؤذونه ويسيئون إليه ، وصدق الله العظيم إذ يقول : " فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " [الحج44]  
وكما قال الشاعر :

قد تنكر العينُ ضوءَ الشمس من رمد
                            
                             وينكرُ الفمُ طعمَ الماءِ من ســـقمِ


الخاتمة

وفي الختام  نسأل الله تعالى أن يتقبل منا هذا الجهد المتواضع ويكتب له القبول ، و ما كان فيه من صواب فمن الله وحده ، وما كان فيه من نقص فهو مني أنا أهله ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ، والحمد لله الذي بحمده يبلغ ذو القصد تمام قصده.




[1] راجع : في  ظلال القرآن . لسيد قطب إبراهيم حسين الشاربي ( المتوفى: 1385هـ) نشر: دار الشروق - بيروت- القاهرة . الطبعة : 17 / 1412 هـ / مج 5 / ص91

 [2]وكان كثيرا ما تأتي بمعنى صار كما في قول الشاعر :
بِتَيْهَاءَ قَفْـرٍ وَالْمَطِـيُّ كأنّــــَهَا  ***  قَطَا الْحَزْنِ قَدْ كَانَتْ فِرَاخاً بُيُوضُهَا
ومحل الشاهد فيه : (  كَانَتْ فِرَاخاً  ) أي : صارت فراخــــــــاً.

[3] هذا على أحد الوجوه الواردة في تفسير الآية والله أعلم بمراده . راجع : اللباب في علوم الكتاب لأبي حفص سراج الدين عمر بن علي بن عادل الحنبلي الدمشقي النعماني ( المتوفى: 775هـ) تحقيق : عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض . نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان / الطبعة: الأولى، 1419 هـ = 1998م / مج 1 / ص 271.

[4] صحيح البخاري . كتاب ( النكاح )  باب :( لاَ يُنْكِحُ الأَبُ وَغَيْرُهُ البِكْرَ وَالثَّيِّبَ إِلَّا بِرِضَاهَا ) حديث رقم : [5136]

 [5] أخرجه البيهقي في السنن الكبرى / كتاب : (الطهارة) باب ( الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ ) حديث رقم : [796]
[6] أخرجه النسائي في السنن الصغرى / كتاب : ( الجهاد ) باب : ( الرُّخْصَةُ فِي التَّخَلُّفِ لِمَنْ لَهُ وَالِدَةٌ ) حديث رقم : [3104]

[7] أخرجه النسائي في السنن الكبرى. كتاب( النفقات )  بَابُ ( فَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَهْلِ ) حديث رقم : [15699]
[8] أخرجه مسلم في صحيحه / كتاب:( البر والصلة والآداب ) باب: ( فَضْلِ الْإِحْسَانِ إِلَى الْبَنَاتِ ) حديث رقم : [2629]
[9] أخرجه البيهقي في الآداب . باب: ( في رَحْمَةِ الْأَوْلَادِ وَتَقْبِيلِهِمْ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ ) حديث رقم : [23]
[10] أخرجه البخاري في صحيحه. كتاب : ( النفقات ) باب : ( فَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الأَهْلِ ) حديث رقم : [5353]  
[11] راجع: الجامع لأحكام القرآن . لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي .. تحقيق : الدكتور حامد أحمد الطاهر . نشر:دار الغدير – القاهرة -المنصورة – الطبعة الأولى/ 2010 م / المجلد10 / الجزء 20/ ص109.
[12] جورج برنارد شو (George Bernard Shaw) مؤلف أيرلندي شهير.  ولد في 26 جويلية 1856 - وتوفي 2  نوفمبر 1950م . في دبلن، وانتقل إلى لندن حين أصبح في العشرينات. أول نجاحاته كانت في النقد الموسيقي والأدبي، ولكنه انتقل إلى المسرح ، وألّف ما يزيد عن ستين مسرحية خلال سنين مهنته ، و كان أحد مفكري ومؤسسي الاشتراكية الفابية، كانت تشغله نظرية التطور والوصول إلى السوبرمان. وفكريا كان من الملحدين المتسامحين مع الأديان. و يعد أحد أشهر الكتاب المسرحيين في العالم ، وهو الوحيد الذي حاز على جائزة نوبل في الأدب للعام 1925 . وجائزة الأوسكار لأحسن سيناريو (عن سيناريو ببجماليون) في العام .

[13] الشيخ محمد الغزالي أحمد السقا هو أحد دعاة الأمة الإسلامية  وأعلامها المبرزين وعلمائها الناصحين، طالما أسدى النصح لأمته ، ورفع اللواء خافقا ليهدي الحائر ، ويرد الشارد ، ويحمل المتنكب عن الصراط إلى سنة الإسلام الواضحة ، ومحجته البينة... ولد رحمه الله في 5 ذي الحجة سنة 1335هـ الموافق 22 من سبتمبر 1917 م في قرية (نكلا العنب) التابعة لمحافظة البحيرة بمصر، وسمّاه والده بـ (محمد الغزالي) تيامنًا بالعالم الكبير أبي حامد الغزالي المتوفى في جمادى الآخرة 505 هـ .
وقد خلف لأمته العديد من المؤلفات النافعة في مجالات مختلفة . فجزاه الله خير ما جوزي داع عن دعوته .

[14] محمد الغزالي . هموم داعية . نشر مكتبة رحاب . 1988 م – الجزائر-  ص 17 وما بعدها
[15] مايكل هارت (Michael Heart  (28 ) أفريل 1932م  (فيزيائي فلكي، أمريكي الجنسية، يهودي الديانة، درس في العديد من الجامعات ، نال شهادة دكتوراه في الفلك من جامعة برينستون عام 1972م ، وهو صاحب كتاب ( الخالدون المائة أعظمهم محمد ) صلى الله عليه وسلم ، وعنوانه الأصلي :
The 100: A Ranking of the Most Influential Persons in History
كتبه عن  أكثر الأشخاص تأثيرا في العالم ووضع الرسول صلى الله عليه وسلم على رأس قائمة المائة .ووضع عمر بن الخطاب على رقم 52 في القائمة.
[16] الدكتور مايكل هارت . المائة الخالدون ../ ترجمة أنيس منصور / ص 13

[17] ليون تولستوي (9 سبتمبر 1828- 20 نوفمبر 1910) هو أحد عمالقة الرواية العالمية ، ومن أعمدة الأدب الروسي في القرن التاسع عشر. كان روائيا ومصلحا اجتماعيا ، وداعية سلام ، ومفكرا أخلاقيا ، وعضوا مؤثرا في مجتمعه. ومن أشهر أعماله روايتي ( الحرب والسلام ) و( أنا كارنينا ). وله كتاب ( حِكم النبي محمد )   وترجم أيضا بـ ( أحاديث محمد )  حيث انتخب تولستوي واحدا وتسعين حديثا .. تتكامل مع رؤيته وفكره الفلسفي ، وشفعها بمقدمة عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم .

 [18] نقلا عن : الدكتور مصطفى السباعي . عظماؤنا في التاريخ . نشر دار السلام – القاهر – الطبعة 3 / 2003 م / ص 46
[19] أخرجه البخاري . في كتاب:( الرقائق ) باب: ( الخوف من الله ) حديث رقم: [6115]
[20] رواه الطبراني . في المعجم الكبير . باب : ( الصاد )  رقم : (7264 )
[21] الدكتور البوطي . فقه السيرة . نشر : دار الفكر – الجزائر – الطبعة 11 / 1991
ص 11

[22] راجع : مفاتيح الغيب من القرآن الكريم . لمحمد بن عمر بن الحسين المعروف بالفخر الرازي . نشر: دار إحياء التراث العربي ( د ت ط )  ج 9 / ص 397

ً[23] ستانلي لين بول ( stalnley lane poole) (18  ديسمبر1854-- 29  ديسمبر  1931 ) مستشرق وعالم آثار بريطاني . عمه كان إدوارد وليام لين ، عمل في المتحف البريطاني من عام 1874 إلى عام 1892، وبعد ذلك اشتغل بالبحث في مصر حول علوم المصريات  ، من عام 1897 حتى عام 1904 م ، وشغل كرسي الأستاذية للدراسات العربية في جامعة دبلن ، و تأثر لين بول بمحمد  - صلى الله عليه و سلم -  ، فتحدث في مؤلفه : " رسالة في تاريخ العرب " عن سجايا خلق الرحمة في شخصية محمد - صلى الله عليه و سلم .
 [24]لين بول ، رسالة في تاريخ العرب ، نقلا عن : مصطفى السباعي ، عظماؤنا في التاريخ ، مرجع سابق ، ص 46 .
[25]  أخرجه البيهقي  في  ( شعب الإيمان ) باب  ( في حسن الخلق ) [57]  . ( فصل في طلاقة الوجة و حسن البشر لمن يلقاه من المسلمين ) رقم الحديث ( 8054 )

[26] أخرجه البيهقي  في  ( السنن الكبرى ) كتاب ( الشهادات ) باب ( بيان مكارم الأخلاق ومعاليها التي من كان متخلقا بها كان من أهل المروءة التي هي شرط في قبول الشهادة على طريق الاختصار ) رقم الحديث : (21301)

[27] لا يلتبس عليك الأمر بين هذا وبين قول الأصوليين أن قوله صلى الله عليه وسلم  مقدم على فعله ، فذلك له مجال آخر وهو : إذا ما تعارض القول مع الفعل ، قدم القول باعتباره تشريعا عاما لسائر أفراد الأمة ، بخلاف الفعل الذي قد يكون من خصوصياته – صلى الله عليه وسلم – كزواجه من تسع نسوة ، وقد يكون لعلة عارضة كما في جلوسه للاستراحة في الصلاة .
[28] أخرجه البخاري في ( صحيحه ) كتاب ( الشروط ) باب ( الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط) رقم الحديث (2581)
[29] -  أخرجه عبد الكريم بن محمد بن منصور أبو سعد التميمي السمعاني فى ( أدب الإملاء والاستملاء) تحقيق : ماكس فايسفايلر. نشر : دار الكتب العلمية – بيروت-
الطبعة الأولى ،1981 م . ص 1 .
 - وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني : " ضعيف وقال ابن تيمية معناه صحيح ، ولكن لا يعرف له إسناد ثابت ، وأيده السخاوي والسيوطي " انظر: ( سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة) نشر: دار المعارف- الرياض - الممكلة العربية السعودية - الطبعة :الأولى 1992م / ج 1 / ص 72 .
[30] انظر : خطب الشيخ محمد الغزالي . ج 4 / ص 33
[31] رواه أبو يعلى أحمد بن علي المتوفى سنة [307هـ] في مسنده عن عائشة رضي الله عنها ، رقم الحديث (4386) وقال محقق المسند حسين سليم أسد: " إسناده لين "
[32] أخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب ( الإيمان ) باب ( تحريم الكبر وبيانه ) رقم الحديث (147 )
[33] أخرجه الترمذي في سننه ، في ( أبواب الأدب ) ، باب : ( ما جاء في النظافة )  رقم الحديث : (2799 ) قال الألباني : ضعيف
[34]  أخرجه البخاري في الأدب المفرد، باب ( سقي الماء )  رقم (422) قال الألباني : صحيح
[35] انظر : أحمد طالب الإبراهيمي ،  آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي ، نشر: دار الغرب الإسلامي ، الطبعة 1/ 1997م  ج1/ ص163
   
[36] أخرجه البخاري في: خلق أفعال العباد . باب: ( الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ وَأَصْحَابِ التَّعْطِيلِ    (..
  حديث رقم : (129 )
[37] حاتم الطائي بن عُبيد بن سعد الطائي ( (? - 46 ق. هـ / ? - 605 م) شاعر جاهلي ، وزعيم قبيلة طيء، قيل ولد في اليمن وقيل بل في الصحراء العربية (جبلي طي : حائل )، وقد كان رئيسا لقومه المكونين من عدة آلاف من الطائيين العرب الذين اختاروه زعيماً لهم في الجبال التي أصبحت تحمل اسمهم ، لأنه كان في جميع الأحوال على أعلى درجة من الفضائل أبزها الجود والكرم مما جعله محل إعجاب وإجلال .
[38]  عنترة بن عمرو بن شداد بن معاوية بن قراد العبسي ( 525 م - 601 م ) هو أحد أشهر شعراء العرب في فترة ما قبل الإسلام ، اشتهر بشعر الفروسية، وله معلقة مشهورة. وهو أشهر فرسان العرب وأشعرهم وأعظمهم شجاعة ، والمعروف بشعره الجميل وغزله العفيف بعبلة. برز في البطولة والشجاعة فصلر مضرب المثل في ذلك .
[39]  تقدمت ترجمته . في : ص 19
  [40]هو:الإمام شرف الدين محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البصيري ، ولد بقرية                 (دلاص) إحدى قرى بني سويف من صعيد مصر ، في أول شوال 608 هـ  الموافق لـ 7 من مارس 1213 م ، من أشهر قصائده :(الكواكب الدرية في مدح خير البرية) المعروفة بقصيدة البردة، وهي من أروع ما كتب في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد كتب لها القبول بين عامة المسلمين وخاصتهم ، و يروى أنه أصيب بمرض الشلل النصفي ، وأُقعد ، فنظم هذه القصيدة ناوياً بها الاستشفاء، وبعد نظمه لها ، رأى في منامه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقرأ عليه قصيدته تلك ، فمسح النبي صلى الله عليه وسلم بيده الكريمة على جسمه ، فقام من نومه معافىً بإذن الله تعالى .تُوفِّي الإمام البصيري بالإسكندرية سنة 695 هـ الموافق لـ 1295م ، عن عمر بلغ 87 عامًا.عليه رحمة الله تعالى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق