خطبة الجمعة بمسجد مالك بن أنس بالتلاغمة – ميلة - 31/ 08 / 2012 م
المقدمة : الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له ، ونشهد أن محمدا عبد الله ورسوله ، صلى الله عليه وعلى اله
وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين ، أما بعد /
أيها الإخوة المؤمنون : عما قريب سينطلق الموسم الدراسي الجديد ، وسيبدأ
أولادنا رحلة جديدة في تحصيل العلوم والمعارف ،
فنسأل الله تعالى أ ن يوفقهم ويسدد خطاهم وييسر لهم سبل النجاح . وإنها لمناسبة من الأهمية بمكان ، عليها تعلق الأمة
آمالها حاضرا ومستقبلا ؛ لأجل ذلك كان لزاما علينا أن نقف معها – ولو قليلا –
لنوضح بعض الحقائق الهامة التي ينبغي أن يعيها جميع أفراد مجتمعنا ، خصوصا الأولياء
، والأساتذة ، والمعلمين ، والطلاب
والمتمدرسين في مختلف الأطوار التعليمية .
أولا : ما هي أهداف التعليم
أيها الإخوة : سؤال وجيه يطرح نفسه بقوة ، ويجب أن يجاب عنه بدقة ، ما
هو الهدف من العملية التعليمية كلها ؟ ما
الهدف من فتح المدارس والمعاهد والجامعات وبنائها وتجهيزها بكل ما تحتاج إليه ؟ ووضع
المناهج وطبع الكتب وتوظيف هذا الكم الكبير من الأساتذة والمدراء والمراقبين
والمسيرين والمساعدين التربويين وصرف تلك
الرواتب الهائلة لهم ......؟؟
هل الهدف من ذلك كله أن يحصل هؤلاء الطلاب والطالبات على
وظائف يسترزقون بها ! وأن يكون لكل منهم
منصبا مرموقا ومسكنا وسيارة...وغير ذلك ! كلا ! إنما تلك أهداف تبعية وليست
أصلية..
- إن الهدف الأصلي من التعلم و التعليم عندنا نحن أمة الإسلام هــو : معرفة الله تعالى ، فالعلم هو السبيل الموصل إلى معرفة الله معرفة صحيحة ، ومعرفته تعالى هي أول واجب على المكلف ، قال تعالى : " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات " وقال تعالى : " إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاء " والذي لا يعرف الله لا يمكن أن يخشاه حق خشيته ، ومن ثم يتعذر عليه أن يسير في الطريق الموصل إليه جل وعلا ؛ لذلك قال – صلى الله عليه وسلم – " من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنّة " أخرجه مسلم
- إن الهدف الأصلي من التعلم و التعليم عندنا نحن أمة الإسلام هــو : معرفة الله تعالى ، فالعلم هو السبيل الموصل إلى معرفة الله معرفة صحيحة ، ومعرفته تعالى هي أول واجب على المكلف ، قال تعالى : " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات " وقال تعالى : " إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاء " والذي لا يعرف الله لا يمكن أن يخشاه حق خشيته ، ومن ثم يتعذر عليه أن يسير في الطريق الموصل إليه جل وعلا ؛ لذلك قال – صلى الله عليه وسلم – " من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنّة " أخرجه مسلم
وإذن :
فالهدف من التعليم هو إعداد ذلك الإنسان الصالح الذي يخشي الله ويتقيه فيكون نافعا
لنفسه وأبويه ومجتمعه ووطنه وأمته .
فبالتعلم
والتعليم تصنع الأجيال المؤمنة الصالحة
القوية التي تحمل راية الإسلام ، وتذود عن مقدسات الأمة ، وتحمي ثوابتها ومقوماتها
، وتكون خير خلف لخير سلف ، وإذا لم يدرس أولادنا ويتعلموا :
فمن سيحل محل الرؤساء والقادة والوزراء ؟
ومن سيخلف العلماء والدعاة والأطباء ؟
من للمساجد ومن الجامعات والمدارس ومختلف للمؤسسات ؟
ومن سيقود الأمة ويرعى مصالحها ويسوس شؤونها ؟ إلا
طلابها .
نعم - أيها الإخوة – إن هؤلاء الطلاب والطالبات - الذين نسهر على تربيتهم و
تعليمهم اليوم - هم عماد الأمة وسر قوتها ،
وأساس نهضتها وتقدمها وازدهارها ، فجيل
اليوم سيذهب ، وسيخلفه جيل جديد " وتلك الأيام
ندولها بين الناس " وهذا
الجيل الجديد الذي سيحل محلنا ينبغي أن يكون فيه الأطباء والمهندسون والتقنيون
والأئمة والأساتذة والطيارون والغواصون والساسة والقادة ...وكل هؤلاء تطلب فيهم
القوة والأمانة والكفاءة ، خوصا ونحن في عصر لا مكان فيه للضعفاء والفاشلين . فينبغي أن ندرك هذه الحقيقة ونحن نستقبل عاما دراسيا جديدا ، وإذا أدركنا ذلك
علمنا أن التعليم مهمة نبيلة وعظيمة ؛ إذ عليها يتوقف مصير أمتنا ، فوجب علينا أن
نشارك جميعا في إنجاحها.
ولا يمكن أن تنجح هذه المهمة النبيلة وتؤتي ثمارها على النحو الذي ذكرنا ، حتى توضع لها برامج تربوية قويمة، تقوم على أسس متينة مستقاة من ثقافتنا الإسلامية الأصيلة ، وترتبط ارتباطا وثيقا بلغة الوحي - اللغة العرية - التي لا يفهم تراثنا الثقافي والتاريخي والحضاري إلا بها ، ولا تدرك أحكام الشريعة ومعانيها إلا بها ، ومن ثم كان تعلمها والاعتناء بها والعمل على تطويرها من أوكد الواجبات ؛ تطبيقا للقاعدة الأصولية :(ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب).
وأما تلك البرامج التي يروج لها ، والقائمة على أسس تغربية ، والتي تعمل على تهميش اللغة العربية والتاريخ والتربية الإسلامية فأقل ما يقال فيها أنها خيانة لله ورسوله ، وخيانة للتاريخ والشهداء الأبرار ، ويجب إيقاف هذه المهزلة ومحاكمة الجناة الذين يريدون أن يطمسوا هويتنا ، وسلخ أجيالنا المستقبلية عن أصالتها ، وعن جسم الأمة العربية والإسلامية.
و ننتقل إلى بيان حقيقة أخرى .
ولا يمكن أن تنجح هذه المهمة النبيلة وتؤتي ثمارها على النحو الذي ذكرنا ، حتى توضع لها برامج تربوية قويمة، تقوم على أسس متينة مستقاة من ثقافتنا الإسلامية الأصيلة ، وترتبط ارتباطا وثيقا بلغة الوحي - اللغة العرية - التي لا يفهم تراثنا الثقافي والتاريخي والحضاري إلا بها ، ولا تدرك أحكام الشريعة ومعانيها إلا بها ، ومن ثم كان تعلمها والاعتناء بها والعمل على تطويرها من أوكد الواجبات ؛ تطبيقا للقاعدة الأصولية :(ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب).
وأما تلك البرامج التي يروج لها ، والقائمة على أسس تغربية ، والتي تعمل على تهميش اللغة العربية والتاريخ والتربية الإسلامية فأقل ما يقال فيها أنها خيانة لله ورسوله ، وخيانة للتاريخ والشهداء الأبرار ، ويجب إيقاف هذه المهزلة ومحاكمة الجناة الذين يريدون أن يطمسوا هويتنا ، وسلخ أجيالنا المستقبلية عن أصالتها ، وعن جسم الأمة العربية والإسلامية.
و ننتقل إلى بيان حقيقة أخرى .
ثانيا : ما هي رسالة القائم
بالتعليم
إنه لخطأ جسيم يرتكبه ذلك المدرس الذي يظن أن وظيفته
رسمية فحسب ، فالمطلوب منه أن يقدم مادته ويشرحها ثم ينصرف منتظرا صب راتبه الجديد
، إن هذا لظلم وإهانة للجيل الناشئ الذي علقت عليه الأمة آمالها ، فاعلم يا أخي
المدرس: أنك على ثغرة عظيمة ، وأن أولياء الأمور وآلاف من أولياء التلاميذ قد
وضعوا ثقتهم فيك ، فسلموا لك أولادهم ، وعلقوا برقبتك هذه الأمانة ، فهل صنت
الأمانة ؟ وهل قمت بواجب كما يحب الله ويرضى ؟
إن وظيفة التعليم أسمى وأعلى من أن تكون وظيفة رسمية أو
مصدراً لكسب الرزق ، بل هي إعداد للأجيال وبناء للأمة ، فهل تعلم أخي المدرس أن
العالم الداعية الذي يحمل هم دينه ، أو
ذلك القاضي الذي يحكم في دماء الناس وأعراضهم وأموالهم ، أو ذلك الجندي الذي يقف
في الميدان حاميا لأمن الأمة وحارسا لثغورها ، هل تعلم بأن كل هؤلاء وغيرهم إنما
كانت بداياتهم هو أنت ، وكل هؤلاء قد عبروا بوابة المدارس.
إن العظماء وكبار الساسة وصناع القرارات الخطيرة ، كل أولائك
بالتأكيد قد مروا عليك أنت أيها المدرس أولاً. و لا شك أن بصماتك قد أثرت في ناحية من نواحي
تفكيرهم أو على جانب من جوانب شخصياتهم ، فهل كنت قدوة حسنة لهم ؟ أم أنك بررت لهم
الانحراف والمجون بسلوكياتك الخاطئة ؟
أما علمت أن توجيه الطلاب وإرشادهم ونصحهم وصياغة عقولهم
وتقويم سلوكياتهم هو جزء لا يتجزأ من رسالتك
التعليمية ، وأنه من صميم مسؤولياتك . فاتقوا الله – أيها المدرسون - وتذكروا قول رسول الله –
صلى الله عليه وسلم – " كلكم
راع وكلكم مسؤول عن رعيته..
" فما أنتم قائلون يوم تسألون عن رعيتكم ؟
ثالثا : ما هو واجب الأولياء نحو أولادهم
وليس المدرسون وحدهم هم المسئولون عن توجيه الطلاب
وتربيتهم وتفوقهم ، بل أن البيت هو الدائرة الأولى من دوائر تنشئة الأولاد وصيانة
عقلوهم وخلقهم ودينهم . وماذا يصنع المدرسون ؟ وماذا تستطيع أن تعمل الإدارة ووزارة
التربية والتعليم لطالب نشأ في بيت بعيد عن الأجواء الشرعية المنضبطة ، وآخر تربى
على الاستخفاف بالعبادات الشرعية ، وآخر نشأ على أرصفة الشوارع لا يعرف عرفا و لا
نكرا ، فقد يوجد في المؤسسات التعليمية من يقطع خطوات هامة في تربية الطالب
وتوجيهه ، لكنه جهد غير مضمون الثمرة ؛ لأن تأثير البيت المعاكس يظل دائما يفسد ما
تحاوله المدرسة إصلاحه . وإن من أكبر التناقضات التي يعيشها الطالب والتي تكون
سببا في انحرافه سلوكياً وسقوطه دراسيا هو التناقض الذي يعيشه بين توجيهات مدرس
صالح ومتابعة إدارة جيدة وبين بيت مليء بالسلوكيات المناقضة والمصادمة لما يتلقاه
الطلاب من توجيهات ، وكيف سيتفوق طالب يقضي كل يوم ساعات طويلة بين أفلام ساقطة
وبرامج هدامة تهدم كل يوم لبنة من لبنات الفطرة السليمة في شخصية هذا الولد ؟ و ماذا
نتوقع من طالب في سن المراهقة يعكف على مسلسلات تدور حول محور الغرام والعشق بين
الجنسين ، ومسرحيات وتمثيليات تظهر مفاتن المرأة ومحاسنها ؟ ثم يتمنى الأب أن يكون
ولده متفوقا في دراسته أو يكون على جانب عظيم من الأخلاق والأدب والسلوك الحسن ؟ ! لا
يمكن أبدا لمن كان هذا شأنه أن يتفوق أو يكون عضوا نافعا لنفسه أو مجتمعه . فاتقوا
الله أيها الآباء والأمهات ، واتقوا الله يا أولياء أمور الطلبة والطالبات ، وكونوا
عونا وسندا لتوجيهات المدرس ، ولا تكونوا سببا في انحراف أولادكم بسبب محرمات
أدخلتموها في بيوتكم ، " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم
نارا وقودها الناس والحجارة ..."
رابعا: ما هو واجب الأغنياء نحو الطلاب
نحن نعلم أن أسعار الأدوات المدرسية مرتفعة ، وعندنا شريحة كبيرة من الأرامل والفقراء الذين لهم أولاد متمدرسون في مختلف الأطوار التعليمية
، ولا يملكون ما يجهزون به أولادهم للدراسة ؟! وكثيرا ما نجد متفوقين ونوابغ في
شريحة الفقراء ، أفنتركهم يضيعون ويفشلون ؟! إذا فعلنا ذلك فقد خنا أمتنا وأسهمنا في تخريب
وطننا ؛ وقد سبق وأن بينا بأن مصلحة
التعليم لا تعود على المتعلم وحده ، بل على جميع أفراد مجتمعه ، لهذا وجب علينا أن
نساعد هؤلاء الأولاد الذين لا يجدون ما يتجهزون به للتمدرس وطلب العلم ، وإذا أعناهم
على ذلك نكون قد أسهمنا في خدمة ديننا وإصلاح مجتمعنا وبناء ووطننا ، واعلموا –
أيها الإخوة – أن الله يكلف كل أحد بقدر ما أتاه من طاقة وجهد ، فالقوي يكلف بما
لا يكلف به الضعيف ، والعالم يكلف بما لا يكلف به الجاهل ، والغني يكلف بما لا
يكلف به الفقير .... فيا من وسع الله عليكم في الأرزاق هذا وقت مناسب
للصدقات والتبرعات ، فابحثوا عن البيوت الفقيرة حولكم ، واعرفوا ما ينقص أولادهم
من مستلزمات الدراسة ، وسددوا هذا النقص
يؤتكم الله أجرا عظيما. " وما
أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين " " وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم
أجرا.... " اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه واجعلنا من عبادك الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، آميــــن .
وآخر
دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق