......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الأحد، 3 سبتمبر 2017

مستند المالكية في إيجاب الوضوء على من تيقن الطهارة وشك في الحدث خلافا للجُمهور؟

قال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أن من تيقن الطهارة قبل الدخول في الصلاة وشك هل انتقض وضوؤه أم لا ؟ فإنه يلغي شكه ويمضي على صحة وضوئه ؛ بناء على قاعدة :"اليقين لا يزول بالشك". [1]وعملا بحديث :"شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً"[2].
لكن السادة المالكية – في مشهور مذهبهم - قالوا يجب عليه الوضوء في هذه الحال ، فلاَ يَدْخُل فِي الصَّلاَةِ إِِلاَّ عَلَى طَهَارَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ [3]، وأعملوا في هذه المسألة دليلا آخر ، وهو استصحاب ما دل الشرع على ثبوته ، وهو أن الصلاة ثابتة بيقين في ذمة المكلف ، والطهارة المشكوك فيها لا عبرة بها ، فهي في حكم العدم ، فيقين شغل الذمة بتكليف إيقاع الصلاة لا ترفعه طهارة مشكوك فيها ، ومن ثم وجب الوضوء على من تيقن الطاهرة وشك في الحدث.
فإن قال قائل أليس في هذا مناقضة للحديث النبوي والقاعدة الفقهية السابق ذكرهما ؟
فالجواب: أن المالكية حملوا الحديث السابق على المستنكح بالشك [وهو من يأتيه الشك كل يوم ولو مرة] ، فقد ورد في الحديث عبارتان تدلان على أنه يراد به المستنكح، وهما :" شكي" و " يخيل إليه " ؛ إذ يُفهم منهما أن الرجل لم يكن في حالة معتادة ، فهذا يمضي على صحة وضوئه ولا يلتفت إلى الشك بخلاف السليم فيجب عليه الوضوء.
وقالوا أن لكل قاعدة استثناء ، وهذه الصورة مستثناة من قاعدة :"اليقين لا يزول بالشك". احتياطا للعبادة من جهة ، وعملا بقاعدة "الذمة لا تبرأ إلا بيقين" من جهة ثانية.
ثم لم يقف المالكية عند هذا الحد فحسب ، بل أعملوا أيضا الجانب المقاصدي في ترجيح فتواهم ، فقال الإمام شهاب الدين القرافي في "الْفَرْق الرَّابِع وَالتِّسْعينَ" من في فروقه:
" وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَرْجَحُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ مَقْصِدٌ وَالطَّهَارَاتِ وَسَائِلٌ، وَطَرْحُ الشَّكِّ تَحْقِيقًا لِلْمَقْصِدِ أَوْلَى مِنْ طَرْحِهِ لِتَحْقِيقِ الْوَسَائِلِ"[4].
للاطلاع على حقيقة للاستصحاب في المذهب المالكي وأنواعه وحجيته ودلائل اعتباره اضغط على هذا الرابط:
http://laidbenzetta.blogspot.com/2016/04/blog-post_30.html
----------------------------------------------------------------------------
1- الموسوعة الفقهية الكويتية 17 / 122.
2- رواه البخاري ومسلم. 
3- التاج والإكليل لمختصر خليل ، لأبي عبد الله المواق المالكي 1 / 437.
4- أنوار البروق في أنواء الفروق ، للقرافي 2 / 164.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق