......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

السبت، 30 أبريل 2016

الاستصحاب في المذهب المالكي "حقيقته وأنواعه وحجيته ودلائل اعتباره"

مديرية الشؤون  الدينية والأوقاف
لــولاية سطيف
الملتقى الوطني الســـــادس لمذهب إمــــــام دار الهجــــرة المنعقد بتاريخ:
30 أفريل و1 ماي 2016
المنظم من طرف جمعية الأخاء العلمة والثقافية لولاية سطيف
بزاوية سيدي أحمد بن سليمان بأولاد سي أحمد عين ولمان ولاية سطيف

محـــــــــاضــــــرة بعـــــنوان:
الاستصحاب في المذهب المالكي
حقيقته وأنواعه وحجيته ودلائل اعتباره
إعداد: العيد بن زطة
إمام أستاذ بمسجد الإمام مالك بالتلاغمة ولا ية ميلة.

1437هــ / 2016


مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا ومولانا محمد  وعلى آله الطاهرين وصحبه أجمعين ومن والاه إلى يوم الدين.
أصحاب الفضيلة ، السادة العلماء ، الأساتذة الأجلاء ، الجمع الكريم : السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ،  أما بعد/
فإن  المذهب المالكي  يمتاز بالعديد من الخصائص والمميزات ، وهي عائدة  في مجملها إلى كثرة أصوله ووفرتها ، وتنوعها بين النقل والعقل ، وجمعها بين الأثر والنظر ، ومراعاتها للمصالح والمفاسد في النواهي والأوامر ، فكان من أهم آثار هذه المميزات :
أن وضعت بين يدي مجتهدي المذهب المالكي  ثروة هائلة من وسائل الاجتهاد  وأدوات الاستنباط  ،  التي أهلتهم لبلوغ درجة الاجتهاد ، ومنحتهم عبقرية فذة في صناعة الإفتاء ، ومكنتهم من تكييف كثير من الوقائع والمستجدات ، وإعطائها الأوصاف والأحكام المناسبة ، مهما تنوعت تلك الوقائع حسب التطورات العصرية والاختلافات البيئية.
كما أنها جمعت ما بين مدرستي أهل الرأي وأهل الأثر ، مما جعل المذهب المالكي جاريا – حقيقة- على النهج الوسط ،  المنسجم مع الفطرة الإنسانية ، ومع النواميس الكونية ،  والمتفق مع جريان الشريعة المعظمة في تصرفاتها وأسالبيها التشرعية ، الآخذة من الطرفين بقسط لا ميل فيه .
وإذا ثبت هذا للمذهب المالكي فلن نكون مبالغين إن قلنا أنه أولى المذاهب بالاتباع ؛ تطبيقا للقاعدة المقاصدية :" ما كان من المذاهب وسطا كان أخلق بالاتباع".
و لا جرم أن الأصول الاجتهادية - في المذهب المالكي - إنما تم التوصل إليها والكشف عن الاعتداد بها شرعا بواسطة إعمال العقل ، وإنه لمن الغرابة بمكان أن نجد وأن نسمع من يصف العقلانيين بالمنحرفين ؟ كيف ؟ والعقل هو مناط التكليف ، وهو منحة ربانية ميز الله بها بني الإنسان ، ولولا اعمال العقل في فهم النصوص ، وامعان النظر في معانيها وعللها ومراميها لما تم الكشف عن هذه الأصول الاجتهادية ، التي من جملتها : (الاستصحاب) ، والذي نحن بصدد بيان حقيقتة وأنواعه وحجيته ودلائل اعتباره في المذهب المالكي ، وذلك من خلال المبحثين الآتين:

المبحث الأول : حقيقة الاستصحاب

المطلب الأول: تعريف الاستصحاب في اللغة والاصطلاح
  الاستصحاب في اللغة:
 هو استفعال من الصحبة ، فيقال : استصحب يستصحب استصحابا ، إذا طلب الصحبة ، كقولهم :  استغفر أي طلب المغفرة ، واستفهم أي طلب الفهم.
والصحبة تطلق ويراد بها عدة معانٍ ، منها :
1)    المقاربة والمقارنة ، ولهذا يقال للقرين صاحب.
2)    الملازمة وعدم المفارقة ، ولهذا يقال للزوجة صاحبة ؛ لملازمتها للزوج وطول صحبتها له في الغالب .
إذن : فالاستصحاب في معناه اللغوي يتضمن معنى الملازمة والمصاحبة ، ومفهومه  الاصطلاحي – هو الآخر - لا يخرج عن هذا المعنى ، فهو يعني ملازمة حكم الماضي للحاضر.

 الاستصحاب في الاصطلاح:
قد عُرف بتعريفات عدة ، منها : تعريف الإمام شهاب الدين القرافي رحمه الله ، حيث قال":الاستصحاب:ومعناه أن اعتقاد كون الشيء في الماضي أو الحاضر يوجب ظن ثبوته في الحال أو الاستقبال"[1].
يعني أن الاستصحاب هو أن نحكم على الشيئ بما كان  عليه من ثبوت أو انتفاء ، فما كان ثابتا أو منفيا في الماضي فهو كذلك في الحاضر ، ما  لم يعلم ثبوته أوانتفاؤه بدليل ،  وأيضا ما كان ثابتا في الحاضر يستدام ثبوته وعدم زواله في المستقبل ، حتى يرد دليل   ينقله عن الهيئة التي هو عليها. وقوله :"يوجب ظن ثبوته" يعني أن الاستصحاب  دليل ظني، فهو لا يفيد القطع ؛ لأنه يُحتمل أن يرد ما ينقل الشيء عن هيئته التي كان عليها ثبوتا أو نفيا ، كما أنه لا يثبت حكمًا مبتدأ ، وإنما يصلح حجة لعدم التغير؛ وبهذا يظهر لنا أن الاستصحاب ليس دليلاً  في حد ذاته ، وانما هو إعمالٌ لدليل سابق، أو تقرير له.
لكن قد يقال : بأن محل الاستصحاب إنما هو الأحكام الشرعية – فالحكم الشرعي الذي  يستصحب - وليس مطلق الأشياء كما عبر القرافي في تعريفه ، والجواب أن ما يعبر عنه بالبراءة الأصلية أو بالعدم الأصلي – الذي يعد  أهم أنواع الاستصحاب - لم يكن ثبوته بخطاب الشرع ، وإنما كان  بحكم العقل ؛ ولذلك فلا يكون حكما شرعيا ؛ ولهذا عبر القرافي عن الاستصحاب بثبوت الشيئ أو نفيه ، والله أعلم.

 المطلب الثاني: مكانة الاستصحاب  في التشريع الإسلامي

لما كان الاستصحاب مبناه على الظن بعدم وجود الدليل المغير ، كان أضعف الأدلة و آخر مدار الفتوى[2] ، فلا يُصار  الى الاحتجاج به ، إلا بعد البحث الدقيق عن الدليل المغير للواقعة المستجدة في الزمن الثاني ، فإذا بحث المجتهد عن الدليل المغير ، ولم يظفر به ، لجأ حينئذ الى استصحاب الحكم السابق في الزمن الاول ؛ ليجعله قائما ومستمرا للواقعة المستجدة في الزمن الثاني ، فتلك هي حقيقة الاستصحاب.
 و لم يكن الاستصحاب مستخدماً في العصور المتقدمة بهذا المصطلح ، لا في العصر النبوي ، ولا في عصر الصحابة والتابعين ، ولا حتى في عصر الأئمة الأربعة ، وإن كان معمولاً به في اجتهاداتهم الفقهية  ، لكن ليس بهذا المصطلح ، وحسب علمي أن أول من ذكر هذا المصطلح وصرح بلفظه هو  أبو الحسن علي بن عمر بن القصّار المالكي 397 هـ في مقدمته الأصولية ، التي تعتبر أقدم كتاب أصولي بعد رسالة الإمام الشافعي ، فقال رحمه الله : " الكلام على استصحاب الحال : ليس عن مالك – رحمه الله – في ذلك نص ، ولكن مذهبه يدل عليه ...."[3].


المبحث الثاني : أنواع الاستصحاب

الاستصحاب أربعة أنواع ، منها ما هو متفق عليه ، ومنها ما هو مختلف فيه ، ولهذا آثرت أن أفرد كل نوع بذكر دلائله وبعض تطبيقاته التي تدل على اعتباره  في المذهب المالكي ، وذلك في المطالب الخمسة الآتية:


المطلب الأول: استصحاب البراءة الأصلية_(مفهومه وحجيته ودلائل اعتباره في المذهب المالكي)

فهذا هو النوع الأول من أنواع الاستصحاب ، وهو أهمها ، ويعبر عنه - أيضا - باستصحاب الإباحة العقلية ، أواستصحاب العدم  الأصلي المعلوم بدليل العقل في الأحكام الشرعية. ومعناه براءة الذمة من التكاليف الشرعية والحقوق المالية ، حتى يدل دليل على شغلها ، كما لو ادعى شخص أن له دينا على  شخص آخر ، ولم يستطع إثباته ببينة ، فتعتبر ذمة المدعي عليه بريئة ؛ لأن الأصل براءة الذمة[4] من الحقوق المالية ، حتى يقوم الدليل على شغلها بثبوت الحقِّ. و مثَّل له أبو الوليد الباجي المالكي (474هـ)  بعدم وجوب صلاة الوتر، فقال:"وذلك مثل أن يسأل المالكي عن وجوب الوتر، فيقول: الأصل براءة الذمة، وطريق اشتغالها الشرع، فمن ادعى شرعاً يوجب ذلك فعليه الدليل". أي أنه يُحكم ببراءة الذِّمَّة من الواجبات قبل ورود الشرع ، حتى يقوم الدليل على شغلها بالتكليف.
وهذا النوع من الاستصحاب حُجَّة باتفاق جمهور أهل العلم ، واعتباره في المذهب المالكي مقطوع به ، وأقوال فقهاء المذهب في الأخذ به لا حصر لها ، نذكر منها :
1-  قال عمر بن القصّار المالكي-   في مقدمته الأصولية - : " الكلام على استصحاب الحال : ليس عن مالك – رحمه الله – في ذلك نص ، ولكن مذهبه يدل عليه ؛ لأنه احتج في أشياء كثيرة سئل عنها ، فقال:( لم يفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك و لا الصحابة رحمة الله عليهم) ، وكذلك يقول (ما رأيت أحدا فعله) ، وهذا يدل على أن السمع إذا لم يرد بإيجاب شيء لم يجب ، وكان على ما كان عليه من براءة الذمة"[5].
2- وحكي القاضي أبو بكر بن العربي المالكي الاتفاق على اعتبار هذا النوع فقال :" والمحققون كلهم متفقون على أَن هَذَا  دَلِيل شَرْعِي - يعني استصحاب البراءة الأصلية - إِلَّا جمَاعَة يسيرَة وهمت ... وَلَا خلاف فِي ذَلِك بَين الْعُقَلَاء"[6].
وبمثل هذا صرح كل من :
-         القاضي أبي الوليد الباجي في إحكام الفصـــول[7].
-         وشهاب الدين القرافي في نفـــائس الأصــــول[8].
-         وابن رشد الجد القرطبي في البيان والتحصيل[9].

وقد احتج السادة المالكية لهذا النوع من الاستصحاب بالعديد من الأدلة ، وبنوا عليه الكثير من فروعهم الفقهية  ، فمن الأدلة التي احتجوا بها:

1- قوله تعالى: "فَمَنْ  جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ" [البقرة: 275]. ووجه الاستدلال في هذه الآية : أنه لما نزل تحريم الربا ، خافوا من الأموال  المكتسبة من الربا قبل التحريم ، فبينت الآية أن ما اكتسبوا من الربا قبل  التحريم كان على البراءة الأصلية ، ومن ثم فهو حلال لهم ولا حرج عليهم فيه.

2- وقوله: "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى  يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ" [التوبة: 115]. ووجه الاستدلال في هذه الآية : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما استغفر لعمه أبي  طالب ، واستغفر المسلمون لموتاهم من المشركين ، وأنزل اللَّـه : "مَا كَانَ  لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ"[التوبة: 113]. ندموا على استغفارهم للمشركين ، فبينت الآية أن استغفارهم لهم قبل  التحريم جارٍ على  البراءة الأصلية ؛ ومن ثم فلا إثم عليهم فيه ولا حرج ، حتى بيَّن الله ما  يتقونه كالاستغفار للمشركين  مثلاً.
3- قوله صلى الله عليه وسلم :" البينة على المدعي ، واليمين على المدعى عليه"[10]. ووجه الاستدلال أن الشارع طلب البينة على المدعي دون من المدعى عليه ، لأن الأصل براءة ذمته حتى تثبت إدانته بدليل ، فكان هذا كالتلميح بل هو تصريح بأن أصل الاستصحاب معتبر مقصود شرعا  ، وفيه – أيضا -  إيماء للمجتهدين بأن ينحوا هذا النحو، ويقتفوا أثر هذا المسلك التشريعي في اجتهاداتهم الفقهية.
ومن الفروع الفقهية المبنية في المذهب على هذا النوع من الاستصحاب:
1- قالوا لا يجب على الرجل إخراج زكاة الفطرعن زوجته غير المسلمة ، ومما عللوا  به ذلك استصحاب البراءة الأصلية ، قال الباجي – في المنتقى - : " وَقَوْلُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ هَذَا الْحُكْمِ بِالْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ الْحُكْمَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَلَمْ يُطْلِقْهُ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَيَجِبُ اسْتِصْحَابُ ذَلِكَ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى إشْغَالِهَا بِالشَّرْعِ "[11].
2- قالوا بعدم وجوب الأضحية ، ومما احتجوا به استصحاب العدم الأصلي ، قال ابن العربي - في أحكام القرآن - :"فَقَدْ تَعَارَضَتْ الْأَدِلَّةُ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ"[12]


المطلب الثاني :استصحاب ما دل الشرع على ثبوته لوجود سببه
(مفهومه وحجيته ودلائل اعتباره في المذهب المالكي

 هذا هو النوع الثاني من أنواع الاستصحاب هوما يعبر عنه الفقها ء بقولهم: "الأصل بقاء ما كان على ما كان"، ومعناه أن الشيء الذي دل الشرع على ثبوته لوجود سببه يجب الحكم باستصحابه ودوامه واستمراره حتى يدل دليل على نفيه وزاله، كثبوت الملك في المبيع ، لوجود سببه وهو جريان عقد البيع  ، فيحكم به حتى يثبت زواله ببيعٍ أو هبةٍ أو تنازل .. ومنه : ثبوت براءة الإنسان حتى تثبت إدانته ببينة ... ومنه : دوام حلّ الزوجة بعد ثبوت عقد الزوجية ، حتى يثبت زواله بطلاق ونحوه ،
وهذا النوعُ من الاستصحاب حُجَّةٌ عند المالكية والشافعية والحنابلة مُطلقًا (اثباتا أونفيا)ما لم يثبت ما يعارضه [13]، وخالف فيه الحنفية فقالوا يصلح حُجَّةٌ في الدَّفع دون  الإثبات[14] ،أي لا يصلح لإثبات حكم جديد ، وإنما يصلح لإبقاء الحكم الثابت على ما كان عليه حتى يرد ما يغيره من الإدلة ، كما في مسألة المفقود مثلا ؛ فيستصحب حكم حياته ، فيحكم ببقاء الزوجية بالنسبة لزوجته ،  فلا تعتد حتى يثبت الطلاق ، أو تثبت وفاة  المفقود حقيقة أو حكما بأن يحكم بها القاضي ، وكذا لا تُقسَّم أمواله على الورثة بل تبقى مملوكة له حتى تعلم  وفاته أو يُحكمَ بها ،  ولكن – حسب رأي الأحناف - لا يصح أن يكون استصحاب حياة الفقود مثبتا لاستحقاقه للإرث من غيره ؛ لأن الأصل عدم انتقال الملكية إليه عن طريق الإرث ، و لا يُعدل عن هذا الأصل إلا بدليل ، وهو ثبوت حياة الوارث ، وحياة الفقود ليست ثابتة بل هي مشكوك فيها.
أما الجمهور ومنهم المالكية فيرون أن استصحاب ما دل الشرع على ثبوته صالحا للاحتاج به سلبا وإيجابا نفيا وإثباتا ، ولأن حياة المفقود هي الأصل الثابت ؛ فيرث و لا يورث حتى تعلم  وفاته أو يُحكمَ بها.
وقد احتج السادة المالكية لهذا النوع من الاستصحاب بالعديد من الأدلة ، وبنوا عليه الكثير من فروعهم الفقهية  ، فمن الأدلة التي احتجوا بها:

احتجوا بالمعقول ، فقالوا :  أن ظن البقاء أرجح من ظن التغير [15]، وأن مما فطر الله الناس عليه ، وجرت به أعرافهم في سائر شؤونهم ، أنهم إذا تحققوا من وجود أمر في الماضي ، غلب على ظنهم بقاؤوه واستمراره ، حتى يثبت اتفاؤه وزواله ، وكذلك إذا تحققوا من من عدم وجود أمر في الماضي ، غلب على ظنهم  استمرار عدمه ، حتى يثبت ما يدل على وجوده[16].
وقد توسع المالكية في الأخذ بهذا النوع  من الاستصحاب ، وبنوا على مقتضاه الكثير من  الفروع الفقهية ، اكتفي منها في هذا المقام بمسألة واحدة ، وهي :
مسألة من تيقن الطاهرة وشك في الحدث ، فقد قال كثيرمن العلماء أنه  يلغي شكه ويمضي على صحة وضوئه ؛ بناء على قاعدة :"اليقين لا يزول بالشك". وعملا بحديث  :"شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.[17]  
لكن المالكية – في مشهور مذهبهم - قالوا يجب عليه الوضوء في هذه الحال ؛ بناء على استصحاب ما دل الشرع على ثبوته ، وهو  - هاهنا -  ثبوت الصلاة بيقين في ذمة المكلف ، و لا عبرة بطهارة قد حام الشك حولها ، لأن يقين شغل الذمة بتكليف إيقاع الصلاة لا ترفعه طاهرة مشكوك فيها ، فوجب الوضوء على من تيقن الطاهرة وشك في الحدث.
وحملوا الحديث السابق على المستنكح بالشك ، بقرينتي :"شكي" و " يخيل إليه " الواردتان في الحديث واللتان  يفهم منهما أن الرجل لم يكن في حالة معتادة.
 وقالوا أن هذه الصورة مستثناة من  قاعدة  :"اليقين لا يزول بالشك". احتياطا للعبادة من جهة ، وعملا بقاعدة "الذمة لا تبرأ إلا بيقين" من جهة ثانية ، قال القرافي في "الْفَرْق الرَّابِع وَالتِّسْعينَ" من في فروقه :" وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَرْجَحُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ  مَقْصِدٌ وَالطَّهَارَاتِ وَسَائِلٌ، وَطَرْحُ الشَّكِّ تَحْقِيقًا لِلْمَقْصِدِ أَوْلَى مِنْ طَرْحِهِ لِتَحْقِيقِ الْوَسَائِلِ"[18].


المطلب الثالث:استصحاب العموم والنص_(مفهومه وحجيته وموقف المالكية منه)
 ومفهوم هذا النوع هو أن يستصحب العموم إلى أن يَرِدَ دليلٌ مُخصِّصٌ، وأن يستصحب النصّ حتى يَرِدَ دليل ناسخ ، ولا خلاف بين أهل العلم في الاحتجاج بهذا النوع ،  وإنما اختلفوا في تسميته استصحاباً ، فالجمهور يسمونه استصحاباً ، واعتـرض كثير من أرباب الأصول – من المالكية وغيرهم - على عده من أنواع الاستصحاب ، لكون الحكم ثابتا بالدليل الشرعي  لا  بالاستصحاب ، لذلك قال أبو الوليد الباجي - في المنهاج - :"وهذا ليس من استصحاب الحال ؛ وإنما هو استدلال بعموم اللفظ "[19]. وقال عبد الله العلوي الشنقيطي – في  نثر البنود على مراقي السعود - :"وأما استصحاب العموم والنص ... فليسا ما من الاستصحاب بحال ؛ لأن الحكم مستند إلى الدليل لا إلى الاستصحاب"[20]. ، والخلاف في هذه المسألة إنما هو خلاف  لفظي اصطلاحي ؛ ومن ثم فلا يترتب عليه أي أثر ، و لا مشاحة في الاصطلاح.

المطلب الرابع:استصحاب حكم الإجماع_(مفهومه وموقف المالكية منه)

والمراد به  استصحاب الحكم الثابت بالإجماع في محل الخلاف حتى يثبت الدليل الناقل ، كأن ينعقد الإجماع على حكم شرعي في حالةٍ معينة ، ثم يطرأ عليها التغير ، فيستصحب الحكم المجمع عليه في الحالة الأولى قبل تغيرها ، إلى الحالة الثانية  التي قد طرأ عليها التغير ، ومن أمثلته :انعقادُ الإجماعِ على صِحَّة صلاةِ المتيِّمم الفاقد للماء ، لكن إذا وجد الماءَ بعد دخوله  في الصلاة ، فهل تبطل صلاته أم  يمضي على صحتها ؟ هنا قد وقع الخلاف وتنازع أهل العلم ، والذي يهمنا في هذه المسألة إنما هو استدلال بعضهم باستصحاب حكم الإجماع ،  حيث قالوا يستصحب حكم الإجماع - وهو صحة الصلاة عند فَقْدِ الماء - فيبقى هذا الإجماع مستمرًّا حكمُه حتى يرد دليل يدل على أن رؤية الماء أثناء الصلاة مبطلة لها ؛ لأن  رؤية الماء أثناء الصلاة لا تزيل الحكم المجمعَ عليه ، حسب رأي هؤلاء.
وهذا النوع من الاستصحاب اختلف فيه أهل العلم [21] ، فقال بصحة الاحتجاج به  الشافعي وبعض أصحابه ،  وكذا ابنُ الحاجب من المالكية ، وابنُ القيم من الحنابة  ، وقيل هو مذهب داود الظاهري .
 وجمهور أهل العلم من  الحنفية والمالكية والحنابلةِ وبعض الشافعية على رده وعدم الاعتداد به.
ولقد أثر خلاف بين  فقهاء المالكية في الاحتجاج  بهذا النوع من الاستصحاب.
قال ابن العربي – في المحصول - :"وَهَذَا مِمَّا اخْتلف عَلَيْهِ عُلَمَاؤُنَا رَحِمهم الله فَمنهمْ من قَالَ إِنَّه دَلِيل يعول عَلَيْهِ وَمِنْهُم من قَالَ 
إِنَّه لَيْسَ بِشَيْء وَالصَّحِيح إِنَّه لَيْسَ بِدَلِيل"[22].
وفي المسألة كلام طويل ، خلاصته أن الاحتجاج بهذا النوع من الاستصحاب مردود عند المالكية ، وقد قال أبو الوليد الباجي – في كتاب الإشارة – بأنه استلال غير صحيح[23]  ، وصرح - في كتاب إحكام الفصول – بأنه لا يعلم أحدا من المالكية قال به إلا محمد بن سحنون[24].
و ما نسب إلى بعض فقهاء المذهب من الاحتجاج بهذا النوع ، فيمكن حمله على أنه اختيار لهم مبناه على غير الأصول المعتمدة في المذهب المالكي ، قاله : فضيلة أستاذي الكتور حاتم باي في كتابه الرائع (الأصول الاجتهادية التي ينبني عليها المذهب الماالكي[25]).
ومن دلائل المالكية على بطلان هذا النوع من الاستصحاب:
1- أنَّ الإجماع و الخلاف ضدان لا يجتمعان[26] ، فالاستصحاب إما أن يكون لأمرٍ ثابتٍ فيُستصحب ثبوتُه، وإما أن يكون  لأمر مُنتف فيُستصحب نفيُه ، والإجماع الذي كان منعقدا على الحكم قد زال في موضع الخلاف ، فلم بيق لنا ما نستصحبه.

2- أن القول باستصحاب الاجماع في مواضع النزاع يؤدي الى تكافؤ الادلة[27] ، فما من شخص يستصحب الاجماع في مسالة ما ، إلا وخصمه يستطيع أن قلب ذلك عليه ، كما في مسألة رؤية المتيمم للماء اثناء الصلاة.
فيقول من يرى حجية ذلك :
(انعقد الاجماع على صحة صلاة المتييم قبل رؤيته للماء اثناء الصلاة ، ثم حصل خلاف في صحة صلاته بعد رؤيته للماء اثناء الصلاة ، فانا استصحب  الإجماع المنعقد ما قبل الرؤية الى بعد الرؤية ؛ لان الاصل بقاء ماكان على ماكان حتى ياتي دليل يغيره).
ويقابله من لا يرى حجية ذلك فيقول  :(انعقد الاجماع على بطلان التيمم برؤية الماء قبل الصلاة ، فانا استصحب هذا الاجماع الى اثناء الصلاة ، لان الاصل بقاء ماكان ...) هذا هو معنى تكافؤ الدلة.
ولهذا رد المالكية هذا النوع من الاستصحاب ولم يحتجوا به لصحة صلاة الواجد للماء أثناء صلاته ، وإنما احتجوا لها بأدلة أخرى ليس المقام مقام ذكرها.

المطلب الخامس : الاستصحاب المقلوب_(مفهومه وموقف المالكية منه)

 ومما يلحق بأنواع الاستصحاب ما يسمونه بالاستصحاب المقلوب أو  الاستصحاب المعكوس  ، وهو عكس الاستصحاب المستقيم الذي سبق بيانه ، والذي يعني إثبات حكم للزمن الحاضر بناء على ثبوته في الماضي ،  أما الاستصحاب المقلوب فيعني إثبات حكم للزمن الماضي بناء على ثبوته في الحاضر ، فإذا كنا نقول في الاستصحاب المستقيم هو:( بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت خلافه)  ، فإننا نقول في الاستصحاب المقلوب هو :(بقاء ما كان على ما هو كائن حتى يثبت ما يدل على خلافه) .
وبالرجوع إلى كتب إلى المالكية لا نجد نصا صريحا على اعتبار هذا النوع في المذهب المالكي أو عدم اعتباره ، وإنما يوجد في تفريعاتهم الفقهية ما يدل على أنهم احتجوا به في مواضع ولم يحتجوا به في مواضع أخرى ، ولذلك قال القاضي شمس الدين الطائي الْبِسَاطِيُّ المالكي ) ت 842) "وَلَهُمْ – يعني المالكية - فِي الِاسْتِصْحَابِ الْمَعْكُوسِ اضْطِرَابٌ"[28] .

·        ومن المسائل التي أخذوا فيها بالاستصحاب المقلوب :

ما ذكره الباجي في المتنقي  ، إذا غاب الزوج ولم يترك لزوجته نفقة ، ثم عاد وطالبته زوجته بما أنفقته أثناء غيابه ، فيدعي بأنه كان معسرا ، وتدعي هي بأنه كان موسرا ، فإن كان ثمة بينة أخذ بها ، وإن لم تكن بينة و جهل أمره فثلاثة أقوال في المذهب أحدها لابن القاسم وهو أن الْمُعْتَبَرَ الْحَالَةُ الَّتِي يَقْدُمُ عَلَيْهَا ، فَإِنْ قَدِمَ مُعْسِرًا فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الاعسار حال غيابه   ، وَإِنْ قَدِمَ مُوسِرًا لَمْ يُصَدَّقْ فِي ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ[29].
وهذا احتجاج بالاستصحاب المقلوب ، لأنهم  أثبتوا اعساره في الزمن الماضي بناء على ثبوته في الزمن الحاضر.
·        ومن المسائل التي لم  يأخذوا فيها بالاستصحاب المقلوب :
ما ذكره أبو عبد الله الخرشي (ت 1101هـ) في شرحه لمختصر خليل:"إذَا تَنَازَعَ الزوجان فِي عَيْبِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ صُدُورِ الْعَقْدِ بِمُدَّةٍ ، فَقَالَ الزَّوْجُ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الْعَقْدِ فَالْخِيَارُ لِي فِي الرَّدِّ وَعَدَمِهِ ، وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ بَلْ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ ، فَلَا خِيَارَ لَك،  فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي نَفْيِ وُجُودِهِ حَالَ الْعَقْدِ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ"[30].
فهذه المسألة لم يحتجوا فيها بالاستصحاب المعكوس ؛ إذ لم يستصحبوا العيب الثابت في الزمن الحاضر إلى الزمن الماضي ، بل اعتبروه حادثا بعد العقد كما قالت الزوجة لا حال العقد كما قال الزوج. والملاحظ في هذه المسألة أنهم استندوا إلى الاستصحاب المستقيم ؛ بناء على أن الأصل في فرج المرأة السلامة من العيب ، مما يعني أن الاستصحاب المستقيم يقدم على الاستصحاب المقلوب عند التعارض ،  والله أعلم.
ولفضيلة أستاذي الدكتور حاتم باي توجيه معتبر في المسألة ، حيث قال - في كتابه (الأصول الاجتهادية ..) - :"أن الأخذ به - يعني الاستصحاب المقلوب - إنما يكون يكون في الأحوال التي لا يعارضه دليل قوي ، وليس ترك الاستصحاب المعكوس في مسألة بدليل على عدم الحجية مطلقا[31]".

وخلاصة المحاضـــرة :

1- أن الاستصحاب دليل عقلي ظني لا يلجأ إليه إلا بعد استفراغ الوسع في البحث عن الدليل في المسألة التي هي محل اجتهاد.
2- الاستصحاب لا يثبت حكمًا مبتدأ ،  وإنما هو حجة لعدم التغير، ولبقاء الأمر على ما كان عليه من ثبوت أوانتفاء ، فما كان ثابتا أو منفيا في الماضي فهو كذلك في الحاضر ، ما  لم يعلم خلافه.
3- استصحاب البراءة الأصلية واستصحاب ما دل الشرع على ثبوته حجة شرعية معتبرة في المذهب المالكي.
4- استصحاب العموم والنص حجة شرعية في المذهب المالكي إلا أن المالكية لا يسمونه استصحابا.
5- استصحاب الإجماع في محل الخلاف باطل ومردود في المذهب المالكي.
6- الاستصحاب المقلوب معتبر في المذهب المالكي ، لكن قد تختلف أنظار المجتهدين ، في بعض الوقائع التي يتعارض فيها هذا النوع مع بعض الدلائل الأخرى.
ما كان في هذا المحاضرة  من صواب فهو  من الله وحده ، وما كان فيه من خلل - وهو لا بد كائن - فهو مني وأنا أهله ، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله الطاهرين ، وارض اللهــــم عن الخلفاء الراشدين المهدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين ، والحمد لله رب العالمين.



[1] أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي (المتوفى: 684هـ) ، شرح تنقيح الفصول، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد ، نشر شركة الطباعة الفنية المتحدة ، الطبعة: الأولى، 1393 هـ - 1973 م ، ص 447.
[2] الزركشي البحر المحيط8/14
[3]  المقدمة في الأصول لابن القصار المالكي ،تحقيق : محمد بن الحسين السليماني ،  دار الغرب الإسلامي ،- بيروت -  الطبعة الأولى 1996 م ص 157.
[4]  الذِمة : وصف شرعي يصير به الإنسان أهلاً لما له وما عليه ،
[5]  المقدمة في الأصول لابن القصار المالكي ،تحقيق : محمد بن الحسين السليماني ،  دار الغرب الإسلامي ،- بيروت -  الطبعة الأولى 1996 م ص 157.
[6] القاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري الاشبيلي المالكي (المتوفى: 543هـ)، المحصول في أصول الفقه ،تحقيق : حسين علي اليدري وسعيد فودة ، دار البيارق – عمان – طالأولى، 1420هـ - 1999م ص 130
[7] الباجي ، إحكام الفصول ، الفقرة ، 756.
[8] شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي (ت 684هـ) ، نفائس الأصول في شرح المحصول، تحقيقعادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض ، مكتبة نزار مصطفى الباز ط:  الأولى ، 1416هـ - 1995م.
[9] أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي (المتوفى: 520هـ) ، البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة ، تحقيق: د محمد حجي وآخرون ، دار الغرب الإسلامي- بيروت – لبنان ط: الثانية، 1408 هـ - 1988 م ج5، ص 171
[10] أخرجه البيهقي في السنن الكرى رقم: [16222].
[11] أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث التجيبي القرطبي الباجي الأندلسي (المتوفى: 474هـ) ، المنتقى شرح الموطإ
مطبعة السعادة - بجوار محافظة مصر - ط: الأولى، 1332 هـ ج5 ص 175.
[12]  القاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري الاشبيلي المالكي (المتوفى: 543هـ، أحكام تحقيقمحمد عبد القادر عطا
دار الكتب العلمية ، بيروت – لبنان- الطبعة: الثالثة، 1424 هـ - 2003 م.ج 4 ، ص 461.
[13] فضيلة أستاذنا الدكتور حاتم باي ، الأصول الاجتهادية التي ينبني عليه المذهب المالكي ، ص 684 . وانظر : محمد فركوس ، الإنارة شرح كتاب الإشارة ، ص 322.

[15] فضيلة أستاذنا الدكتور حاتم باي ، الأصول الاجتهادية التي ينبني عليه المذهب المالكي ، ص 703
[16] الأستاذ علي بن الحبيب ديدي ، مذكرة في أصول الفقه المالكي ، ص 173
[17] رواه البخاري ومسلم 
[18] أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي (المتوفى: 684هـ) ، أنوار البروق في أنواء الفروق ، عالم الكتب ، بدون طبعة وبدون تاريخ ، ج 2 ، ص 164.
[19] الباجي، المنهاج في ترتيب الحجاج ، الفقرة 60.
[20] العلوي، نشر البنود في مراقي السعود ، ج2،  ص165 .
[21] أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي (المتوفى: 794هـ) ، البحر المحيط في أصول الفقه ، دار الكتبي، ط1، 1414هـ - 1994م ج8/ ص20.
[22] القاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري الاشبيلي المالكي (المتوفى: 543هـ)، المحصول في أصول الفقه ،تحقيق : حسين علي اليدري وسعيد فودة ، دار البيارق – عمان – طالأولى، 1420هـ - 1999م ص 130.
[23] الباجي ، الإشارة في معرفة الأصول والوجازة في معنى الدليل ، تحقيق : محمد فركوس ، المكتبة  المكية – مكة- ط 1 ، 1416هـ ص323
[24] الباجي ، أحام الفصول الفقرة757
[25] فضيلة أستاذي الكتور حاتم باي (الأصول الاجتهادية التي ينبني عليها المذهب الماالكي ص 698
[26] الباجي ، الإشارة في معرفة الأصول والوجازة في معنى الدليل ، تحقيق : محمد فركوس ، المكتبة  المكية – مكة- ط 1 ، 1416هـ ص323
[27] نفسه ص 232.
[28] حاشية العدوي على شرح مختصر خليل للخرشي ، دار الفكر للطباعة – بيروت- 3/ 243.
[29] الباجي ، المنتقى شرح الموطإ ، مطبعة السعادة – مصرالطبعة: الأولى، 1332 هـ ج4/ص127.
[30] الخرشي  ،شرحه لمختصر خليل للخرشي ، دار الفكر للطباعة – بيروت- 3/ 242.
[31] فضيلة أستاذنا الدكتور حاتم باي ، الأصول الاجتهادية التي ينبني عليه المذهب المالكي ، ص701


هناك 3 تعليقات:

  1. جزاكم الله خيرا

    ردحذف
  2. بارك الله فيكم

    ردحذف
  3. جزاكم الله خير الجزاء
    ما منهج البحث إذا تكرمتم

    ردحذف