......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الخميس، 6 يونيو 2024

حكم الاشتراك في الأضحية من الضأن

 ذاع هذه الأيام عزو قول للمالكية بجواز الاشتراك في الأضحية من الضأن، وقد نسب بعضهم ذلك لابن رشد، كما في المرفق الذي أستوضحني به أحد الزملاء.

إنما وقع الخلاف في الاشتراك في الأضحية إذا كانت من الابل والبقر، فمنعه المالكية في المشهور، وأجازه منهم ابن عبد السلام وفاقا للجمهور.
أما الضأن فقد أجمع الفقهاء على عدم جواز الاشتراك فيه؛
قال ابن رشد الحفيد في بداية المجتهد١٩٦/٢
"وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْكَبْشَ لَا يُجْزِي إِلَّا عَنْ وَاحِدٍ، إِلَّا مَا رَوَاهُ مَالِكٌ مِنْ أَنَّهُ يُجْزِي أَنْ يَذْبَحَهُ الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ لَا عَلَى جِهَةِ الشَّرِكَةِ بَلْ إِذَا اشْتَرَاهُ مُفْرَدًا".
وقال أيضا:
"وَذَلِكَ أَنَّ الْأَصْلَ هُوَ أَنْ لَا يُجْزِي إِلَّا وَاحِدٌ عَنْ وَاحِدٍ، وَلِذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى مَنْعِ الِاشْتِرَاكِ فِي الضَّأْنِ".
وإذن فالقول المنتشر منسوب لابن رشد الجد لا الحفيد، وهو افتراء عليه عن جهالة، لأنه لم يفت بذلك، أو يَمِلْ إلى الإفتاء به، وإنما حكى فيه أقوالا من غير اختيار، ودون أن ينسب ذلك لأحد، فقال رحمه الله في البيان والتحصيل٣٣٥/٣
"وتحصيل الاختلاف في هذه المسألة أن فيها قولين:
أحدهما: أن الاشتراك فيها جائز.
والثاني: أن ذلك لا يجوز.
فإذا قلت: إن الاشتراك فيها جائز ففي صفته ثلاثة أقوال:
أحدها: جواز الاشتراك في الشاة والبقرة والبدنة، وإن كانوا أكثر من سبعة أنفس.
والثاني: أنه يشترك في البدنة والبقرة سبعة أنفس فدون.
والثالث: أنه يشترك في البدنة عشرة أنفس وفي البقرة سبعة أنفس.
وإذا قلت: إن الاشتراك فيها لا يجوز، ففي ذلك ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه لا يجوز لأحد أن يدخل في أضحيته غيره.
والثاني: أن له أن يذبح أضحيته عنه وعن أهل بيته وهو مذهب مالك.
والثالث: أن له أن يذبحها عنه وعمن سواه وإن كانوا أهل أبيات شتى".
فهذا نص ابن رشد الجد في المسألة، فهو عبارة عن حكاية كما رأينا، وليس كل من يحكي خلافا أنه يرى صحته أو يتبناه، ألا ترى أن الفقهاء يحكون القول بالتضحية بالدجاج وهو قول ملغى إجماعا.
لكن قد تلتبس الأمور على البعض، فيقول: كيف تكون المسألة مختلفا فيها ثم يُحكى الإجماع فيها؟
أن القول بجواز الاشتراك في الضأن الذى حكاه ابن رشد الجد هو خلاف شاذ، والخلاف الشاذ لا عبرة به ولا يؤثر في انعقاد الإجماع عند جميع العلماء، ولذلك قالوا لا تأثير لخلاف الظاهرية في انعقاد الإجماع رغم أنهم من فطالح العلماء.
ومما يدل على شذوذ الخلاف المُحكَى في جواز الاشتراك في أضحية الضأن، أن ابن رشد الحفيد والنووي كلاهما قد حكى الإجماع على عدم جوازه، وكلاهما متأخر عن ابن رشد الجد، وما حكياه إلا لعلمهما بأنه خلاف ملغى لا عبره به لشذوذه، ولا يجوز الاعتماد على الخلاف الشاذ لتسويغ الفعل، كخلاف الألباني في تحريم الذهب المحلق على الإناث، أو خلاف فركوس في سقوط القضاء عن المستمني في نهار رمضان، وما أكثر الأقاويل الشاذة التي لو تتبعناها لوقعنا في الزندقة.
والله أعلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق