......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الاثنين، 9 نوفمبر 2020

الدم الناتج عن الاجهاض هل يعد نفاسا؟

سائلة تقول: هل الدم الناتج عن الإجهاض ينطبق عليه حكم النفاس ، فتترك المرأة الصلاة والصيام بسببه ... أم ينطبق عليه حكم الاستحاضة فتصلي وتصوم ... ؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه الميامين. وبعد:

فإن هذه المسألة قد اختلف فيها الفقهاء إلى أربعة أقاويل، والخلاف فيما إذا سقط الحمل قبل تبين خلقه، أما بعده فلا خلاف في كون الدم نفاسا.
ومذهب مالك رحمه الله أن النفاس يثبت بسقوط السقط ونزول الدم معه أو بعده، سواء سقط بعد تبين خلقه أم قبل تبينه، وسواء سقط في طور المضغة أو في طور العلقة، والعلقة هي عبارة عن دم جامد غليظ معلق في الرحم، ويكون ذلك في الأربعين الثانية من تلقيح البويضة.
وطور العلقة يكون بعد طور النطفة وقبل طور المضغة، كما أشارت إلى ذلك الآية الكريمة: "فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ".
وفي الحديث النبوي الشريف:
"إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ..."هـ

وعليه إذا سقط السقط قبل طور العلقة، فإن ما يصحبه من دم حكمه حكم الاستحاضة، فتصلي المرأة وتصوم ولا تحل به المعتدة من طلاق أو فاة ....
أما إذا سقط في طور العلقة فما فوقه فإن ما يصحبه من دم يأخذ حكم النفاس، فتدع المرأة الصلاة والصيام وتحل به المعتدة من طلاق أو فاة ...

وفيما يلي نصوص بعض فقهاء المذهب في المسألة:

1- قال القاضي عبد الوهاب البغدادي في [المعونة1/ 914] :
"وتحل - يعني الحامل المعتدة - بوضع العلقة والمضغة وما يقع عليه اسم الحمل إلى كمال الخلقة "هـ
فقوله:[بوضع العقلة] قيد أخرج وضع النطفة فلا تحل به الحامل المعتدة، وإذا كان ذلك كذلك فإنهم لم يعتبروه نفاسا، فيندرج ما يصحبه من دم ضمن الاستحاضة.

2- قال ابن عرفة فيما نقله عنه الحطاب في [مواهب الجليل1/ 375]:
"النِّفَاسُ دَمُ إلْقَاءِ حَمْلٍ فَيَدْخُلُ دَمُ إلْقَاءِ الدَّمِ الْمُجْتَمِعِ عَلَى الْمَشْهُورِ"هـ والدم المجتمع هو العلقة كما تقدم في تعريفها.

3- وقال العلامة الدردير في [الشرح الصغير 1/ 497]:
"(ولو) وضعت (علقة) وهو دم اجتمع، وعلامة أنه علقة أنه لو صب عليه ماء حار لا يذوب"هـ

واحتج المالكية لمذهبهم :
- بعموم ظاهر قوله تعالى: "وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ"
- وبكون براءة الرحم تُعلم بسقوط العلقة فما فوقها.
قال القاضي عبد الوهاب في المصدر المتقدم 1/ 914:
"وإنما قلنا: إنها تحل بوضع ما يقع عليه اسم الحمل لعموم الظاهر، ولأنه يعلم به براءة الرحم واعتبارًا بما تخطط به من الخلقة"هـ
وفي المسألة ثلاثة أقوا أخرى للفقهاء المتقدمين كما ذكرنا، وقول حديث في الدراسات الفقهية المقارنة.

والله تعالى أعلى وأعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق