......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

السبت، 9 يونيو 2018

هل يسجد الإمام سجدة التلاوة أثناء الخطبة

سائل يقول : قرأ إمام وهو يخطب الجمعة آية قرآنية فيها سجدة ، فاستقبل القبلة فوق المنبر وسجد وتبعه المصلون ،حيث قال قبل ذلك : إن سجدت فاسجدوا ، فما الحكم الشرعي في هذه المسألة ؟
الجواب:
هذه المسألة فيها خلاف بين المذاهب الفقهية ، حيث أجاز ذلك الشافعية والحنابلة [1].
وأما مذهب مالك فيكره للإمام أن يتعمد قراءة آية فيها سجدة حال خطبتي الجمعة ، كما يكره له ذلك في صلاة الفريضة ، لكن إن أقدم على ذلك في صلاة الفرض عامدا سجد.
أما في الخطبة فلا يسجد ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِخْلَالِ بِنِظَامِ الْخُطْبَةِ ، قال الشيخ الدردير في الشرح الصغير :" (فَإِنْ قَرَأَهَا بِفَرْضٍ) عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (سَجَدَ) لَهَا(وَلَوْ بِوَقْتِ نَهْيٍ لَا) إنْ قَرَأَهَا فِي (خُطْبَةٍ) فَلَا يَسْجُدُ لَهَا؛ لِاخْتِلَالِ نِظَامِهَا " [2]
فإن سجد حال الخطبة فخطبته صحيحة ، قال النفراوي في الفواكه الدواني :"وَإِنْ وَقَعَ أَنَّهُ سَجَدَ فِي الْخُطْبَةِ لَمْ تَبْطُلْ، وَإِنْ نَهَى عَنْ السُّجُودِ فِيهَا"[3]. ويؤيد مذهب مالك أن خطبة الجمعة واجبة اتفاقا ، وأما سجدة التلاوة فمستحبة أو مسنونة ، والواجب أولى بأن يُشتغل بتحصيله ، تطبيقا للقاعدة الفقهية الأصولية المقصدية : "إذا تزاحمت مصلحتان روعي أولاهما اعتبارا". ومصلحة الواجب( وهي الخطبة هاهنا )أعلى وأولى بالاعتبار والتحصيل من مصلحة التطوع ، وهذا علاوة على ما في السجود من التشويش والإخلال بنظام الخطبة ، ومخالفة لما عليه عمل أهل المدينة ، المتوارث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال مالك :"لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الْإِمَامُ إِذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَيَسْجُدَ "[4].
وأما ما روي عن سيدنا عمر رضي الله عنه في ذلك فمحمول على التعليم ، وقد رجع عنه كما دلت عليه رواية الموطأ ، وفيها :"أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَ سَجْدَةً وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَنَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ ثُمَّ قَرَأَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فَتَهَيَّأَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ فَقَالَ عَلَى رِسْلِكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَشَاءَ فَلَمْ يَسْجُدْ وَمَنَعَهُمْ أَنْ يَسْجُدُوا"[5].
والله أعلم
----------------------------------------
1 - انظر : المغني لابن قدامة المقدسي 2 / 229 - 230
2- بلغة السالك لأقرب المسالك المعروف بحاشية الصاوي على الشرح الصغير 1 / 420.
3- الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني للشيخ النفراوي 1 / 251.
4- شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك 2 / 24.
5- نفسه 2 / 24



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق