......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الأربعاء، 13 يونيو 2018

هل تسقط صلاة الجمعة إذا وافق يومها يوم العيد ؟

سائل يقول : ".. سمعنا من احد المنابر خلال الجمعة السابقة أنه تسقط صلاة الجمعة الموافقة لصلاة عيد الأضحى المبارك لهذه السنة هل هذا صحيح. و شكرا".

الجواب : هذه المسألة فيها لأهل الفقه مذهبان مشهوران :

أحدهما : ذهب الحنابلة إلى أنه إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة ، سقطت صلاة الجمعة على من حضر صلاة العيد ، فيجوز أن تصلى ظهرا في البيوت ، وقالوا يستثنى من هذا الحكم الإمام ، فإنه يجب عليه أن يقيم الجمعة إذا حضر معه عدد تصح بهم الصلاة[1].

واستدلوا لهذا بحديث أَبِي هُرَيْرَةَ أن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ".[2].

والثاني : ذهب جمهور العلماء ومنهم السادة المالكية إلى أنه إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة فلا تسقط صلاة العيد ولا صلاة الجمعة ، بل تصل كل منهما في وقتها ؛ لأن صلاة العيد سنة مؤكدة ، وصلاة الجمعة واجبة ، يأثم تاركها بغير عذر شرعي كالمرض والسفر ونحوهما[3].

والصحيح ما عليه جُمهور العلماء ، لكن يمكننا التوفيق بين المذهبين والجمع بين دلائلهما فنقول:

- الذين يأتون لصلاة العيد من الأرياف والبوادي والقرى البعيدة ، يجوز لهم التخلف عن الجمعة ، ولْيصلوها ظهرا في ديارهم كما قالت الحنابلة. أما المقيمون في المدينة وما في حكمها من الديار القريبة ، فلا تسقط عنهم الجمعة كما قال الجُمهور.

وقد يقول قائل ما الدليل على هذا التأويل أو هذا التقسيم ؟ والجواب من وثلاثة جوه:

1- أن صلاة الجمعة واجبة اجماعا ، وصلاة العيد سنة ، ولا يسقط واجـب بأداء سنة. فكما لا تُسقط الجمعةُ العيدَ التي هي أضعف ، كان أولي أن لا يُسقط الأضعفُ الآكدَ ، وهذا توجيه لا مدفع له.

2- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ " ، وهو قد كان مقيما في المدينة ، فوجب على من كان مقيما في المدينة مثله أن يجمع ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي"[4].

3- ثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم أرخص في التخلف عن الجمعة لمن شهد صلاة العيد ، فتعين حمله على أهل القري الخارجة عن المدينة ؛ فهؤلاء يشق عليهم أن يبقوا في المدينة منتظرين حتى يصلوا الجمعة ، ويشق عليهم أيضا أن يعودوا إليها إذا رجعوا إلى ديارهم على ما بهم من شغل العيد كذبح الأضاحي وسلخها ، والمشقة تجلب التيسير اتفاقا ، وقد أخذ بهذا عثمان رضي الله فأذن لأهل العوالي في التخلف عن إتيان الجمعة ، وبه قال بعض المالكية.
والله أعلم 
-------------------------------------------------------------------------------------
1- المغني لابن قدامة 2/ 266
2- رواه أبو داود في سننه رقم 1073
3- [شرح التلقين للمازري المالكي1 / 1036] و [الجامع لمسائل المدونة للصقلي3/ 863].
4- رواه البيهقي في السنن الكبرى رقم 3856

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق