قال الله
تعالى:" وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ
جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا"
لا يخالف مسلم في هذه القاعدة القرآنية ، كما لا
يشكل على أحد فهمها ، فما الذي يمنع المؤمنين
بها من الدخول تحت حكمها ، من خلال السعي إلى خلق جو من التواصل والتقارب بين
مختلف شرايح المجتمع الإسلامي ؟؟ فهم جميعا - مهما اختلفت أفكارهم أو تباينت آراؤهم -
ملزمون بالدخول تحت حكم هذه القاعدة القرآنية المجمع عليها ، وذلك ممكن إذا تجردت
النوايا لله وحده ، وكان لنا من الفقه في الدين ما يمكننا من احترام وجهات نظر
الآخرين ، وتقدير اختيارات المخالفين ، وسماعها ومناقشتها في أجواء هادئة يسود فيها الاحترام ورحابة الصدر ، على نحو: ما قال ابن
تيمية رحمه الله :
" فَهَذِهِ
مَسَائِلُ الِاجْتِهَادِ الَّتِي تَنَازَعَ فِيهَا السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ ،
فَكُلٌّ مِنْهُمْ أَقَرَّ الْآخَرَ عَلَى اجْتِهَادِهِ ، مَنْ كَانَ فِيهَا
أَصَابَ الْحَقَّ فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَمَنْ كَانَ قَدْ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ
فَلَهُ أَجْرٌ ... فَمَنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ تَقْلِيدُ الشَّافِعِيِّ لَمْ
يُنْكِرْ عَلَى مَنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ تَقْلِيدُ مَالِكٍ ، وَمَنْ تَرَجَّحَ
عِنْدَهُ تَقْلِيدُ أَحْمَد لَمْ يُنْكِرْ عَلَى مَنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ
تَقْلِيدُ الشَّافِعِيِّ وَنَحْوُ ذَلِكَ "[مجموع
الفتاوى20 / 293 ] .
وإذن : فعلتنا اليوم تكمن إما في عدم تجرد القصود لله
تعالى ، وإما في الفهم الخاطئ لحقائق هذا الدين ، فكان لزاما على المؤمنين
الصادقين - لا سيما أرباب
العلوم - أن يوجهوا الأنظار والجهود إلى معالجة هذه العلة التي هي أساس تفرقنا
الذي يكاد أن يأتي على بنياننا من القواعد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق