سائل يقول: توفيت امرأة ولا وارث لها ، وليس لها من قرابتها إلا ابن ابنتها ، فهل يرثها أم لا ؟
الجواب:
أن ابن البنت يعتبر من ذوي الأرحام ، و قد اختلف في ميراثهم.
فذهب مالك والشافعي وأكثر فقهاء الأمصار إلى أنهم لا يرثون شيئا ، وحجتهم : "أَنَّ الْفَرَائِضَ لَمَّا كَانَتْ لَا مَجَالَ لِلْقِيَاسِ فِيهَا كَانَ الْأَصْلُ أَنْ لَا يَثْبُتَ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا بِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ، وَجَمِيعُ ذَلِكَ مَعْدُومٌ" [ابن رشد الحفيد بداية المجتهد ..4 / 125]. وعلى هذا الرأي يدفع المال لبيت مال المسلمين إن وجد ؛ لتتحقق به المنفعة لكافة المسلمين.
وذهب الحنفية والحنابلة إلى توريثهم ، واحتجوا لذلك بأدلة كثيرة ، منها :
1- "وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"[الانفال75]. فلفـــظ [أولي] عام يشمل الأقارب أيا كانوا.
2- أن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "اللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ، وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ"[رواه الترمذي].
3- لَمَّا مَاتَ ثَابِتُ بْنُ الدَّحْدَاحِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ الْمُنْقِرِيِّ :"هَلْ تَعْرِفُونَ لَهُ فِيكُمْ شَيْئًا، فَقَالَ: إنَّهُ كَانَ فِينَا مَيِّتًا فَلَا نَعْرِفُ لَهُ فِينَا إلَّا ابْنُ أُخْتٍ" فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِيرَاثَهُ لِابْنِ أُخْتِهِ [ذكره السرخسي الحنفي في المبسوط 30 / 3 ولم أعثر له على تخريج].
وبالإضافة إلى ما ذكره الأحناف من الأدلة التي يقوي بعضها بعضا ، فإن بيت المال – إن وجد – تربطه بالمتوفى رابطة واحدة ، وهي : رابطة الإسلام. أما أولوا الأرحام فتربطهم بالمتوفى رابطتان هما : رابطة الإسلام ورابطة القرابة ، وما له حقان أولى بالتقديم على ما له حق واحد .
وبناء على ذلك فإن لابن البنت – هذا- أن يرث كل ما تركته جدته لأمه ، ما دام أنه ليس معه ذو رحم آخر ، وبهذا أخذ قانون الأسرة الجزائري في الفصل السادس المادة [168].
والله تعالى أعلى وأعلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق