......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الخميس، 24 أغسطس 2017

الاشتراك في ثمن الأضحية

استفسر أحد الزملاء قائلا : " المالكية يمنعون الاشتراك في الأضحية وغيرهم يجيز ، والمجلس العلمي لولايتنا يفتي بالجواز ونحن مالكية ، ويحتج لذلك بحديث جابر ؛ لذا نرجو التوضيح جزاكم الله خيرا ونفع بكم".
الجواب :
فالاشتراك في الغنم غير جائز وغير مجز باتفاق الفقهاء، فهو خارج عن محل النزاع ، والخلاف ينحصر في الإبل والبقر.

- فالْمَالِكِيَّةُ: قالوا لاَ يُجْزِئُ الاِشْتِرَاكُ فِي اللَّحْمِ أَوِ الثَّمَنِ، لا فِي الْبَدَنَةِ وَلاَ فِي الْبَقَرَةِ ؛ لأن النسك لا يتبعض ، قال مالك :".. فَإِنَّ ذَلِكَ يُكْرَهُ وَإِنَّمَا سَمِعْت الْحَدِيثَ أَنَّهُ «لَا يُشْتَرَكُ فِي النُّسُكِ وَإِنَّمَا يَكُونُ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الْوَاحِدِ»[الموطأ 482].

- والْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة وَالْحَنَابِلَة قالوا تجزئ الْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ سَبْعَةٍ، لِحَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: " نَحَرْنَا مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ " (مسلم).

وَأصل هَذَا المذهب مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَبِهِ قَال عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَسَالِمٌ وَالْحَسَنُ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَالثَّوْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَكْثَرُ أَهْل الْعِلْمِ [الموسوعة الفقهية الكويتة 5 /82].

فإن قيل كيف يكون الحديث ثابت ثبوتا صحيحا ويعدل عنه المالكية ؟ فالجواب كما قال فقهاؤنا: أن ذلك في الهدي وليس في الأضحية ، ثم أن الهدي في صلح الحدبية كان للنبي وحده ؛ وإذن فلا شراكة في ثمنه ، وإنما شركهم معه في الثواب ، كما ينحر أحدنا الشاة عن عياله ، والمسلمون كلهم بمنزلة عياله عليه الصلاة والسلام [انظر المنتقى للباجي 3 / 96 ].

تلك هي إجابة المالكية عن دليل الجمهور.

وروي عن بعض المالكية القول بالجواز ، قال القرافي:

"وَأَجَازَ الْأَئِمَّةُ الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعٍ وَالْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعٍ ، قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ : رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ الِاشْتِرَاكَ فِي هذي التَّطَوُّعِ وَيَلْزَمُ ذَلِكَ فِي الْأَضَاحِيِّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا"[الذخيرة 4 / 152].

وقال الحطاب في [ مواهب الجليل 3 / 240] " وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ جَوَازَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ الْقَوْلِ بِجَوَازِ الِاشْتِرَاكِ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي كَمَا تَقَدَّمَ اخْتِيَارُنَا لَهُ فِي الْهَدْيِ ".

وعليه فإن المجلس العلمي في ولايتكم أفتى بمذهب الجمهور ، ولازم قول المالكية بسنية الأضحية وجواز الاشتراك في هدي التطوع ،  ثم خالف المعتمد والمشهور في المذهب المالكي ، وما في ذلك من حرج إذا تبين له رجحان أدلة مذهب الجمهور ، كمراعاة جانب التيسير على الناس مثلا ، فالتيسير مقصود شرعا ، ومعمول به ما لم يخالف دليلا شرعيا معتبرا ، ولم يكن مفضيا إلى مآل محظور كالغرر ونحوه ، ونظيره أننا نفتي الناس بجواز إخراج القيمة في الزكاة على خلاف مذهب المالكية ؛ مراعاة للمصلحة الراجحة ؛ فلِمَ نجيز هذا ثم نمنع الاشتراك في الأضحية يا زميلي ؟ ولذلك فالأمر واسع ، وربما هذا هو مستند فتوى المجلس العلمي في ولايتكم ؟ ولو عرضها بمنهجية واضحة لما أشكل عليكم الأمر ، فالمنهجية نصف العلم كما يقولون.

أرجو أن يكون في هذا التوضيح ما يزيل الغموض والإشكال عن فضيلتكم . والسلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق