"أن يكون مسايرا لواقع الناس واهتماماتهم ومستوياتهم"
فهو شبيه بأسباب النزول ؛ من حيث مسايرته للوقائع والأحداث
والمناسبات ، وتدرجه في معالجتها حسب الأولوية والأهمية...
أو هو شبيه بمهمة الطبيب
؛ من حيث تشخيصه للعلل والأمراض المتفشية ، ووصف العلاج المناسب لها...
-
وهذا
يقتضي أن يكون الخطيب المسجدي فقيها بالواقع علاوة على فقهه في الدين ، حتى يتمكن
من تقديم الحلول المناسبة لمشكلات الناس ، وإعطاء الأجوبة المقنعة لتساؤلاتهم
وانشغلاتهم ، لا أن يكون الناس في واد وخطابه في واد آخر.
-
ومن
هذا المنطلق ينبغي للخطيب أن يُشعِر الناسَ بالانحراف الواقع عن شرع الله ، ويلفت
انتباههم إلى الآفات السيئة المتفشية في بيئتهم والتي إن تركت دون معالجة أفسدت
عليهم دينهم ودنياهم ، وهي كثيرة ومتعددة ، وتختلف باختلاف البيئات كثرة وندرة.
-
وفي
معالجة أي واقعة ينبغي أن يمهد الخطيب بمقدمة مقنعة يبين فيها مقتضيات طرح الموضوع
المراد ، حتى يشد انتباه الناس إليه ، ويشعرهم بأهميته والحاجة إليه.
-
وأثناء
تناوله الموضوع ينبغي أن يربط بين بيان الحكم الشرعي مقرونا بأدلته ، وبين الترغيب
والترهيب ، وبين بيان المنافع التي يراد تحصيلها والمضار التي يراد دفعها عاجلا أو
آجلا ؛ فإن المتلقي إذا أدرك مصلحته فيما دوعي إليه كان أسرع للإستجابة بعقل مقتنع
ونفس راضية وقلب مطمئن.
-
ولن
ينجح الخطيب في مهمته هذه حتى يخاطب الناس باللغة التي يفهمونها وبالأسلوب الذي
يعقلونه ، وأن يشد أنتباههم بضرب الأمثلة وطرح أسئلة - بين الحين والحين - وكأنه
ينتظر منهم إجابة ، ثم يلقي إليهم بالإجابة ، وكأنه وإياهم في مجلس محاورة ؛ فهذا
الأسلوب من شأنه أن يرسخ المعلومة في الأذهان ، وأن يطرد الملل والذهول عن الجلساء.
وليحذر التطويل ؛
فنحن في زمن ضعفت فيه الهمم ؛ فصار فيه الاختصار ملتزم. وليحذر التجريح ؛ فإنه لن
يزيد الناس إلا نفورا. وليحذر التصنع والتشدق ؛ فإنه مجلبة للمقت مطردة للقبول.
بارك الله فيك شيخنا الفاضل
ردحذفونفعنا بعلمك
وفقك الله لما فيه الخير والصلاح
حفظكم الله شيخنا الفاضل
ردحذف