ما أبعد المسافة بين خير الأنام وبين شاتميه اللئام
و"ما يضير البحر أمسى زاخرا...إن رمى فيه غلام بحجر"
ثم ما ذا حقق المسيئون لرسول الله – صلى الله عليه وسلم - ؟ حتى كرروا إساءتهم إليه تارة أخرى ؟ !
هل صــــــــدوا الناس عــــــن دين الإســــلام؟
أم هــل بغضـوا للمـؤمنـين نبيهم عليه السلام؟
كـــلا ! إن الإساءات المتكررة لم تزد الناس إلا تسابقا إلى الدخول في دين الله أفواجا ، ولم تزد المؤمنين إلا حبا لنبيهم ، وإيمانا بصدق رسالته ، وتمسكا بشريعته الغراء.
و لا يفهم من ذلك إلا أنه إحدى الدلائل البارزة على صدق نبوته - صلى الله عليه وسلم- إذ كلما أساء إليه السفهاء كثر أنصاره ومحبوه ، وتوالت الإبداعات والتضحيات في نصرته ، وصدق الله العظيم إذ يقول: " يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون" [التوبة 32].
و الإساءة لنبي الإسلام – عليه صلاة الله وسلامه – هي إحدى الوسائل المنتهجة في السعي إلى إطفاء نور الله تعالى، وتلك سنة مستمرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ؛ ومن الحقائق التي ينبغي أن نعيها جيدا – ونحن نواجه هذه الهجمة الشرسة - أن تلك الإساءات المتكررة لم تأت عفوية دون تخطيط مسبق ، كما أنها ليست ناشئة عن جهل بحقيقة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وما اتسم به من كريم الصفات ، بل الذين تولوا كبرها منهم يعلمون – يقينا- أنهم أمام نبي مرسل بالحق ، و أنه في الذؤابة من البر والكمال ، تبعد الدنايا عنه كبعد السماء على الأرض ، ولكن لا يستطيعون إبداء هذه الحقيقة ؛ لعلل نفسية كامنة في ضمائرهم ، وقد قال الله تعالى في أقوام من قبلهم قد تشابهت قلوبهم : " فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ "[ النمل 14]
وأحسن البصيري حينما قال:
قد تنكر العينُ ضوءَ الشمس من رمد وينكرُ الفمُ طعمَ الماءِ من ســـقمِ
أما المنصفون من علماء الغرب فقد أبدوا إعجابهم بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، منوهين بجهوده الجبارة ، ومشيدين بعظيم إنجازاته في مختلف مجالات الدين والدنيا ، وأقوالهم في ذلك لا حصر لها ، نذكر منها :
قال الدكتور ما يكل هارت Michael Heart – في معرض حديثه عن أسباب اختياره لمحمد صلى الله عليه وسلم من مجموع المائة الخالدين - :
" لقد اخترت محمدا في أول القائمة ، ولا بد أن يندهش كثيرون لهذا الاختيار ، ومعهم حق في ذلك ، ولكن محمدا عليه السلام هو الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحا مطلقا على المستوى الديني والدنيوي" .
وقال الحكيم الروسي تولستوي:
" ومما لا ريب فيه أن النبي محمدا كان من عظام الرجال المصلحين ، الذين خدموا المجتمع الإنساني خدمة جليلة و يكفيه فخرا أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق ، وجعلها تجنح للسكينة والسلام وتؤثر حياة الزهد ، ومنعها من سفك الدماء و تقديم الضحايا البشرية ، وفتح لها طريق الرقي والمدنية ، وهو عمل عظيم لا يقوم به إلا شخص أوتي قوة ، ورجل مثل هذا جدير بالاحترام "
وقال المفكر الانجليزي ( برنارد شو George Bernard Shaw) :" ما أحوج العالم إلى محمد !! ليحل مشاكل العالم وهو يحتسي فنجان قهوة ".
فما أعظم محمدا صلى الله عليه وسلم وما أحوج البشرية إليه ! ولو أن هؤلاء الحيارى الذين تقطعت بهم السبل ، و ذهبوا كل مذهب بحثا عن حلول لأزماتهم الخانقة ، ومشكلاتهم المستعصية ، لو أنهم عادوا إلى هذا النبي الأكرم ، فاقتفوا آثاره واتبعوا هداه ، لوجدوا الحل الذي بات مستحيلا ممكنا ، ولوجدوا الأفق أوسع ، والدار أجمع ، والسعادة أوفر .
وقال لين بول -stalnley lane pooleفي معرض حديثه عن صفات النبي محمد صلى الله عليه وسلم" : -...وعلى شفتيه ابتسامة حلوة ، وفي فيه نغمة جميلة كانت تكفي وحدها لتسحر سامعها ، وتجذب القلوب إلى صاحبها جذبا "
فانظر إلى قوله : "كانت تكفي وحدها..." فكيف إذا أضيف إليه ذلك الكم الهائل ، من شمائله الزكية وأخلاقه الرفيعة ! كصدقه وأمانته ، وحيائه وعفته ، وتواضعه وشجاعته.........
فليت المنشغلين بمحاولات حجب أشعة الشمس عن إضاءة أرجاء الكون الفسيح ، يوجهون جزءا من انشغالاتهم إلى البحث عن حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم ، ولو فعلوا ذلك لاهتدوا إلى أن الشمس إنما أعدت ليهتدوا بنورها في ظلمات البر والبحر، وأنه لمن الحماقة محاولة حجب أشعتها ، وكذلك حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق