الحمد لله حق حمده ، الحمد لله
الذي بحمده يبلغ ذو القصد تمام قصده ، نحمده تعالى على تفضله وإنعامه ، ولطفه
وإحسانه ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ونشهد أن محمدا عبد الله و
رسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما
بعد/
أيها الإخوة الكرام : لقد علمنا ربنا وخالقنا كيف نستقبل البلايا والمحن ، فقال الله سبحانه وتعالى : " وبشر الصابرين الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ألئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وألئك هم المهتدون" البقرة156
أيها الإخوة الكرام : لقد علمنا ربنا وخالقنا كيف نستقبل البلايا والمحن ، فقال الله سبحانه وتعالى : " وبشر الصابرين الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ألئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وألئك هم المهتدون" البقرة156
كلمة" : إِنَّا
لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ " تدعو إلى
التفاؤل والتسلية عن المصاب ، وتهدف إلى
رفع الروح المعنوية ، واستقرار الحالة النفسية ، فهي حصن للمسلم من
الوقوع في عدم الرضا بقضاء الله وقدره .
كلمة : "إِنَّا
لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ
" كلمة اعتراف وإقرار من المصاب بأنّه هو وما أُصيب فيه وما فقده من
مال أو أهل أو نحوه .. لله سبحانه وتعالى ، وما دام الأمر كذلك ، وما دام أننا وما
نملك وما نحب: ملك لله ، فليفعل الله بنا ما يشاء
وليأخذ منا ما يشاء ، ولترضى النفس ولتطمئن الروح " فإنّا إليه
راجعون".
كلمة : "إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ "كلمة
جالبة لعظيم الثواب في العاجلة والآجلة ، وقد بشر الله أصحابها فقال : " وبشر الصابرين .....". وروى مسلم ، في " صحيحه " ، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : "ما من عبد تصيبه مصيبة ، فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ،
اللهم اؤجرني في مصيبتي ، واخلف لي خيرا منها . إلا أجره الله في مصيبته ، وأخلف
له خيرا منها".
و بكلمة: "إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا
إِلَيْهِ رَاجِعونَ "نستقبل
اليوم وتستقبل امتنا كلها هذه المصيبة العظيمة التي حلت بوطننا وأمتنا ، على إثر
تحطم طائرتنا العسكرية ، بأعالي جبل فرطاس بعين امليلة - أم البواقي - ولقد مات في
هذا الحادث 100 أو يزيدون من أبنائنا وبناتنا ، إنه لحادث مؤلم حقا ، ولكننا لا نملك
أمام آلامه إلا أن نقول كما علمنا ربنا تبارك وتعالى : " إِنَّا لِلّهِ
وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ".
ومن الإيمان: أن نشعر
بآلام إخواننا المصابين ؛ فنحن كالجسد الواحد كما جاء في الحديث : " "
مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى
تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ
عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى."
ومن الإيمان :أيضا أن نحسن
العهد والوفاء لضحايانا من قواتنا المسلحة ، المرابطة على الثغور ، الحافظة لأمن
هدا الوطن من شرقه إلى غربه ، ومن جنوبه إلى شماله .
وقد روى
الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنًّ امرأةً سوداءَ كانت تَقُمُّ المسجدَ ففقدها رسول
الله - صلى الله عليه وسلم- فسأل عنها ؟ فقالوا:
ماتت ، قال: (أفلا كنتم آذنتموني؟!) قال:
فكأنهم صغَّرُوا أمرَها ، فقال:
(دُلُّوني على قبرها) فدَلُّوه، فصلى عليها، ثم قال: (إن هذه القبور مملوءةٌ ظُلمةً على أهلِها، وإن الله -عز وجل- ينَوِّرُها لهم بصلاتي
عليهم".
هكذا كان وفاؤه صلى الله عليه وسلم – لامرأة كانت تقوم بهمة بسيطة [ وهي
نظافة المسجد ] ، فكيف لا نكون نحن أوفياء لمن كانوا يقومون بجلائل المهمات ،
ويتحملون عظم المسؤوليات ، من حماية ثغور الوطن وحمائة الأمة من كيد الخائنين
والماكرين .
ولقد أفتى الفقهاء بان العسكريين لهم أجر
المرابطين منذ أن تسجل أسماؤهم في الديوان العسكري العام ، ولو كانوا عسكريين
احتياطيين ؛ لأن العسكري الاحتياطي إنما جيء به للترب على فنون القتال ؛ ليكون على
أهبة الاستعداد لرد ألأخطار عن وطنه وأمته .
وإذا ثبت هذا فإن المرابط إدا مات فهو عداد
الشهداء إن شاء الله ، وهكذا نتحسب ضحايا جبل فرطاس، هذا ظننا ، وهو رجاؤنا ، و لا نتألى الله على الله
جل في علاه .
اللهم اغفر لهؤلاء
الضحايا جميعا ، وارحمهم بواسع رحمتك ، وأسكنهم فسيح جناتك ، واجعل قبورهم رياضا
من رياض الجنة ، وألهم ذويهم الصبر وأعظم أجرهم وأحسن عزاءهم وقو إيمانهم واربط
على قلوبهم ، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا ونبينا ومولانا محمد وعلى اله وصحبه
، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق