......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

السبت، 11 يناير 2014

المبحث الأول: " الطهارة :تعريفها وأقسامها "

ويتضمن المطالب الآتية :

المطلب الأول : تعريف الطهارة في اللغة والاصطلاح

أولا: الطهارة لغةً[1]:
هي بفتح الطاء (الطَهارة): النظافة من الأوساخ والأنجاس الحسية والمعنوية[2] ، وبضمها (الطُهارة): ما يتطهر به ، وبكسرها (الطِهارة):ما يضاف إلى الماء من صابون ونحوه. وامرأة طاهر : أي من الحيض ، وامرأة طاهرة : أي من الدنس والعيوب.
ثانيا : الطهارة اصطلاحا:
عرّفها ابن عرفة بقوله: "صفة تقديرية تستلزم للمتصف بها جواز الصلاة".وعرفها الشيخ الدردير بقوله :" صفة حُكمية يستباح بها ما منعه الحدث أو حكم الخبث"[3].
وكلا التعريفين متقاربان ، وخلاصتهما : أن الطهارة صفة تقديرية أو حكمية ، أي؛ يحكم العقل (تبعاً للشرع ) بثبوتها وحصولها في نفسها، كالجود والبخل والخسة والشرف، يستباح ويجوز بها الفعل الذي منع منه الحدث (الأكبر كالجنابة أو الأصغر كأحد نواقض الوضوء) أو منع منه حكم الخبث ، وهو العين المستقذرة شرعا كالدم والبول و نحوهما ، و هو نوعان : نجاسة عينية : وهي ذات الخبث ، و نجاسة حكمية : وهي أثر الخبث المحكوم على به المحل.
المطلب الثاني : أقسام الطهـــــارة
تنقسم الطهارة إلى قسمين:
  أ‌-    الطهارة من الحدث: وهي طهارة حكمية ، والمراد بها رفع الْمَنْع الْمُرَتّب على الْأَعْضَاء كلهَا، وَهُوَ الْحَدث الْأَكْبَر الْمُوجب للْغسْل، أَو الْمَنْع الْمُرَتّب على بعض الْأَعْضَاء،  وَهُوَ الْحَدث الْأَصْغَر الْمُوجب للْوُضُوء، وتشمل طاهرة الحدث الأنواع الثلاثة الآتية :
1.    الطهارة الكبرى: (الغُسل) وهي غسل جميع بالبدن بالماء المطلق.
2.    الطهارة الصغرى (الوضوء) وهي غسل أعضاء مخصوصة بالماء بالمطلق.
3.    الطهارة الترابية(التيمم) وهي مسح الوجه واليدين بالصعيد الطاهر بدلا عن الغسل أو الوضوء.
  ب-  الطهارة من الخبث: وهي طهارة حقيقية ، والمراد بها إِزَالَة النَّجَاسَة عَن ثوب الْمُصَلِّي وبدنه ومكانه ، و لا تشترط فيها النية ، وهي ثلاثة أنواع:
1.    الغَسل : أي غَسل النجاسة بالماء بالمطلق.
2.    النضح : (الرش) وهو رش النجاسة المشكوك فيها بالماء.
3.    المسح : وهو مسح النجاسة بما يزيلها من الأحجار ونحوها..

المطلب الثالث : مشروعية الطهـــارة

الطهارة بنوعيها (الحدثية والخبثية) مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة :
v  أما طهارة الحدث: فدليل مشروعيتها من القرآن قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ " (المائدة:6).ومن السنة  قوله عليه الصلاة والسلام: "لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ"[4]. وقد أجمعت الأمة على ذلك ولم ينقل عن أحد من المسلمين في ذلك خلاف .
v  وأما طهارة الخبث : فدليلها من القرآن قوله تعالى : " وثيابك قطهر " (المدثر4) . ومن السنة ما رواه أبو داود وغيره عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّى بِأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- صَلاَتَهُ قَالَ "مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَائِكُمْ نِعَالَكُمْ ؟". قَالُوا رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَان فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- " إِنَّ جِبْرِيلَ - صلى الله عليه وسلم- أَتَانِى فَأَخْبَرَنِى أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا "[5] . يعني أن بهما نجاسة ، فدل ذلك على وجوب التنزه عن كل ما حكم الشرع بنجاسته.
المطلب الرابع : أهمية الطهـــارة

للطهارة أهمية كبيرة في الإسلام، سواء أكانت حقيقية وهي طهارة الثوب والبدن ومكان الصلاة من النجاسة، أم طهارة حكمية وهي طهارة أعضاء الوضوء من الحدث، وطهارة جميع الأعضاء الظاهرة من الجنابة؛ لأنها شرط دائم لصحة الصلاة التي تتكرر خمس مرات يومياً، وبما أن الصلاة قيام بين يدي الله تعالى، فأداؤها بالطهارة تعظيم لله، والحدث والجنابة وإن لم يكونا نجاسة مرئية، فهما نجاسة معنوية توجب استقذار ما حلّ بهما، فوجودها يخل بالتعظيم، وينافي مبدأ النظافة التي تتحقق بالغسل المتكرر، فبالطهارة تطهر الروح والجسد معاً.
وعناية الإسلام بالطهارة الحسية والمعنوية ، خير دليل على الحرص الشديد على النقاء والصفاء ظاهرا وباطنا، إذ لا تنفع الطهارة الظاهرة إلا مع الطهارة الباطنة، كالإخلاص لله، والنزاهة عن الغل والغش والحقد والحسد، وتطهير القلب عما سوى الله... وقد امتدح الله تعالى المتطهرين، فقال: "إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين" [البقرة:222]، كما أثنى سبحانه وتعالى على أهل قُباء بقوله: "فيه رجال يحبون أن يتطهروا، والله يحب الْمُطَّهرِّين " [التوبة: 108].
فعلى المسلم أن يكون بين الناس مثالاً بارزاً في نظافته ، وطهره الظاهر والباطن ، كما قال صلّى الله عليه وسلم لجماعة من صحبه: "إنكم قادمون على إخوانكم، فأصلحوا رحالكم، وأصلحوا لباسكم، حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس، فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش"[6]



[1] انظر القاموس المحيط 2/82
[2] الطهارة المعنوية نوعان : ظاهرة : وهي طهارة الجوارح الظاهرة من المعاصي والآثام ، كالفواحش والكذب .......وباطنة :وهي طهارة القلوب من الرياء والغل والحسد.....
[3] انظر: حاشية الصاوي على الشرح الصغير1/34.
[4] رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
[5] أخرجه أبو داود ، كتاب الصلاة ، باب الصلاة في النعل، رقم (650)، وأحمد في المسند(3/411).
[6] رواه أحمد في مسنده وأبو داود والحاكم والبيهقي عن سهل بن الحنظلية، وهو حديث صحيح

هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم فضيلة الشيخ كيف لي ان اتواصل معك مباشرة

    ردحذف
    الردود
    1. https://www.facebook.com/profile.php?id=100036559216510

      حذف