......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الأحد، 12 يناير 2014

المبحث الخامس : " آداب قضاء الحاجة"



المطلب الأول :ما يندب في قضاء الحاجة 


1)  يندب - على التأكيد -  أن ينزع ما كتب عليه ذكر الله إن كان يحمله ، ككتابة اسم الله أو اسم نبيه صلى الله عليه و سلم على ورقة أو درهم أو خاتم .. (ما لم يخف عليه من الضياع أو كان مستورا بساتر) ؛ فعن أنس رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا دخل الخلاء نزع خاتمه )[2] وفي رواية عن أنس أيضا " أن النبي صلى الله عليه و سلم صنع خاتما من ورق فنقش فيه محمد رسول الله "[3].
2)  يندب أن يقول قبل دخوله بيت الخلاء : " بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث "[4] . لقوله صلى الله عليه و سلم : " ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول : بسم الله" [5]. وكان صلى الله عليه و سلم إذا دخل الخلاء قال : " اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث " [6].
3)   ويندب أن يقول عند الخروج : " غفرانك ، الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني " لما روي عن عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا خرج من الغائط قال : غفرانك " [7]. وفي رواية كان يقول: " الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني "[8]. فإن كان يقضي حاجته في العراء سمى قبل كشف عورته وحمد الله بعد تحوله عن مكانه .
4)  يندب أن يقدم رجله اليسرى بالدخول ورجله اليمنى بالخروج . عملا  بالقاعدة الشرعية : "يندب التيامن في ما كان من باب التشريف والتكريم كالدخول المسجد ، ويندب التياسر في ما كان بضده كدخول الخلاء...".
5)  يندب تغطية الرأس قبل الدخول إلى بيت الخلاء بطاقية أو كم أو غير ذلك، لما روى البيهقي عن حبيب بن صالح قال : "كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا دخل الخلاء لبس حذاءه وغطى رأسه "[9] .
6)  يندب عدم التكلم ما دام في الخلاء ، لقوله صلى الله عليه و سلم : " لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان فإن الله عز و جل يمقت على ذلك "[10] . فإذا كان الكلام لأمر مهم كطلب ما يزيل به الأذى فلا مانع ، وقد يجب الكلام لإنقاذ أعمى من السقوط في حفرة وقس على ذلك ما أشبهه.
7)    يندب الاعتماد على الرجل اليسرى ونصب قدم اليمنى ولو كان الخارج بولا ؛ لأنه أعون على خروج الفضلة.
8)    ينب الجلوس لقضاء الحاجة ويتأكد للغائط ولبول المرأة.
9)   يندب ألا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض ؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنه قال : " كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض "[11].

ويندب - زيادة على ما ذكر - لقضاء الحاجة في العراء ما يلي :
§        يندب أن يجلس في مكان طاهر طري ؛ كي لا ينجس ثيابه أو يعود عليه البول وأن يتقي المكان الصلب النجس.
§   يندب أن يستتر عن أعين الناس بشجر أو صخر أو نحو ذلك لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( . . . ومن أتى الغائط فليستتر فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبا من رمل فليستدبره . . . ) [12].
§        يندب أن يجلس بعيدا عن الناس بحيث لا يسمع ما يخرج منه.
§        يندب أن لا يجلس في مهب الريح لئلا يعود عليه البول فينجسه.
§   يندب أن لا يبول في حجر مستدير أو مستطيل لئلا يخرج منه ما يؤذيه من الهوام ، ولأنه مسكن الجن فلربما حصل له منهم ما يؤذيه ؛ لحديث عبد الله بن سَرْجِسَ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم " نهى أن يبال في الحجر". قال : قالوا لقتادة : ما يكره من البول في الحجر ؟ قال :"كان يقال إنها مساكن الجن "[13] .
§   يندب أن يتقي الجلوس في مورد الناس و طريقهم و ظلهم ، ومثله المكان المشمس أيام الشتاء والمكان المقمر الذي شأنهم الجلوس فيه. لقوله صلى الله عليه و سلم:" اتقوا الملاعن[14] الثلاثة: البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل "[15] .

المطلب الثاني  : ما يحرم في قضاء الحاجة


1)  يحرم أن يدخل معه المصحف أو أي شيء كتب عليه القرآن ولو آية ما لم يكن مستورا ، كأن يضعه في جيبه أو يخاف عليه من الضياع فعندها تزول الحرمة.
2)    يحرم عليه أن يدخل معه شيئا كتب عليه اسم الله تعالى أو اسم نبي إن كان سيلحقه نجس، ما لم يخف عليه من الضياع .
3)    يحرم قراءة شيء من القرآن أثناء قضاء الحاجة.
4)   يحرم استقبال القبلة أو استدبارها في العراء ببول أو غائط أو وطء بلا ساتر؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " .. فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ولا يستطب بيمينه.. "[16]. فإن استتر المكلف بحائط أو صخرة أو ثوب فتزول الحرمة إلا أنه مكروه.
5)    يحرم قضاء الحاجة في المقبرة لحرمتها.
6)  يحرم قضاء الحاجة في الماء الراكد إن كان قليلا، أما إذا كان مستبحرا كالماء الموجود في البحيرات والأحواض الكبيرة،  أو كان الماء جاريا فإن البول فيه لا يحرم إلا إذا كان مملوكا للغير ولم يأذن باستعماله.

المطلب الثالث : ما يجب في قضاء الحاجة

1)  الاستبراء : وهو أن يستخلص مجرى البول من البول ، وذلك بأن يضع سبابة يده اليسرى تحت ذكره من أصله والإبهام من فوقه ثم يسحبه برفق ، وينتره بالجذب حتى يخرج ما فيه من البول على غلبة ظنه.
2)  الاستنجاء : وهو أن يزيل النجاسة الخارجة من أحد السبيلين عن المحل الذي خرجت منه ، إما بالماء ويسمى استنجاء، أو بالأحجار -  وما شابهها ويسمى - استجمارا .
 والأصل في الاستنجاء الندب ، سئل الإمام مالك عن غسل الفرج من البول والغائط هل جاء فيه أثر ؟ فقال : " بلغني أن بعض من مضى كانوا يتوضؤون من الغائط (أي يغسلون الدبر من الغائط) وأنا أحب أن أغسل الفرج من البول " .
إلا أنه يجب الاستنجاء بالماء - إن وجد الماء الكافي - في الحالات التالية :
§   لإزالة بول الأنثى لتعدية المخرج إلى الجهة المقعدة . لما روي عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يسأل عن الوضوء من الغائط بالماء فقال سعيد : " إنما ذلك وضوء النساء "[17]. أي يتعين الماء للنساء أما الرجال فيجزئهم الحجارة.
§        إذا انتشر البول أو الغائط على المخرج انتشارا كبيرا ، كأن يصل الغائط إلى الإلية أو يعم البول معظم الحشفة.
§        لإزالة دم الحيض والنفاس والاستحاضة إن كانت المرأة لا تستطيع الغسل لفقد الماء الكافي أو لمرضها.
§   لإزالة المذي الخارج بلذة معتادة بنظر وغيره ، مع وجوب غسل جميع الذكر بنية رفع الحدث عن ذكره ، ولا نية على المرأة في إزالة مذيها.
§   لإزالة المني إن كان عاجزا عن الغُسل لفقد الماء الكافي أو لمرض، ما لم يلازمه نزول المني على وجه السلس ، فهذا يعفى عنه ولا يلزم الاستنجاء منه.

المطلب الرابع  : مستحبات الاستنجاء

1)  أن يكون باليد اليسرى ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه "[18].
2)    بل اليد اليسرى بالماء قبل الاستنجاء ؛ لئلا تلاقي النجاسة على جفاف فيقوى تعلق الرائحة بها.
3)    أن يسترخي قليلا حال الاستنجاء لأنه أمكن من التنظيف.
4)  غسل اليد بعد الاستنجاء بتراب أو نحوه ؛ لحديث ميمونة رضي الله عنها قالت:"وضع رسول الله صلى الله عليه و سلم وضوءا لجنابة فأكفأ بيمينه على يساره مرتين أو ثلاثا ثم غسل فرجه ثم ضرب يده بالأرض أو الحائط مرتين أو ثلاثا"[19].
5)  يندب أن يكون الغسل أو المسح وترا،  وينتهي ندب الإيتار بالسبع ، فإذا نقي بالثامن فلا يندب الإيتار للتاسع، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من توضأ فليستنثر ومن استجمر فليوتر "[20].
6)    يندب تقديم القبل في إزالة النجاسة على الدبر.
7)  يندب أن يجمع بين الأحجار والماء ، فيزيل النجاسة بالحجر أولا ثم يتبع المحل بالماء، وإن أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أولى ، ويجوز الاقتصار على الأحجار فقط أو ما شابهها ، وهو ما يسمى بالاستجمار ضمن شروط.
المطلب الخامس  : شروط الاستنجاء [21]

1)  أن يكون الشيء المستعمل جافا غير مبتل، كحجر وقطن وصوف، أما إذا كان مبتلا فلا يجوز الاستجمار به؛ لأنه ينشر النجاسة.
2)  أن يكون طاهرا فلا يجوز الاستجمار بشيء نجس، كعظم ميتة أو روث حيوان محرم الأكل؛ لما روى البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " أتى النبي صلى الله عليه و سلم الغائط فأمرني بأن آتيه بثلاثة أحجار فوجدت حجرين والتمست الثالثة فلم أجده فأخذت روثة فأتيته بها فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال : هذا ركس "[22] .
3)    أن يكون منقيا للنجاسة فلا يجوز بالأملس كالزجاج.
4)    أن يكون غير مؤذ فلا يجوز بالحجر المدبب.
5)  أن يكون غير محترم شرعا ، فلا يجوز أن يكون بمطعوم الآدمي ويشمل كل شيء حتى الملح والدواء ، ولا بما له شرف كالذهب والفضة ، أو بما هو مكتوب ؛ لأن للحروف حرمة ولو بأجنبي.


[1] لا يوجد تشريع سماوي أو وضعي أهتم بموضوع قضاء الحاجة وفصل أحكامها وبين آدابها كالتشريع الإسلامي ، وقد تعجب الكفار و لا يزالون يتعجبون من شمولية هذا الدين لمختلف جوانب الحياة ، وروي أن جماعة من المشركين قالوا لسلمان الفارسي : " قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخَرَاءَةَ ، فقال : أجل" (رواه مسلم 1/ 223/رقم 262).
[2] الترمذي : ج 4 / كتاب اللباس باب 16 / 1746  
 [3]الترمذي : ج 4 / كتاب اللباس باب 16 / 1745   
[4] الخُبُث : بضم الخاء والباء جمع خبيث وهو ذكر الشياطين. والخبائث : جمع خبيثة وهي أنثى الشياطين 
[5] سنن ابن ماجه . كتاب الطهارة...باب:ما يقول الرجل أذا دخل بيت الخلاء. رقم196.
  [6]البخاري : ج 1 / كتاب الوضوء باب 9 / 142
   [7]أبو داود : ج 1 / كتاب الطهارة باب 17 / 30  
 [8]  سنن ابن ماجه . كتاب الطهارة...باب:ما يقول الرجل إذا دخل من الخلاء. رقم301
 [9]  البيهقي : ج 1 / ص 96 ، والحديث مرسل ، والمرسل عند المتقدمين ما سقط من سنده الصحابي ، وأرسله التابعي إلى النبي ، وهو من أنواع الضعيف ، إلا أنه يستدل به في فضائل الأعمال كما هو معروف . أما المرسل عند المتأخرين : فهو الذي أغنت شهرته عن ذكر سنده ، فهو صحيح وزيادة .
   [10]أبو داود : ج 1 / كتاب الطهارة باب 7 / 15  
  [11]أبو داود : ج 1 / كتاب الطهارة باب 6 / 14   
  [12]أبو داود : ج 1 / كتاب الطهارة باب 19 / 35  
[13]  أبو داود : ج 1 / كتاب الطهارة باب 16 / 29
[14] سميت بالملاعن ؛ لأن الناس يلعنون من تغوط فيها.
 [15]أبو داود : ج 1 / كتاب الطهارة باب 14 / 26   
 [16]أبو داود : ج 1 / كتاب الطهارة باب 4 / 8  
[17] أخرجه مالك في الموطأ . كتاب الطهارة . باب جامع الوضوء. ح رقم 34
[18]مسلم : ج 1 / كتاب الطهارة باب 18 / 63   
 [19]البخاري : ج 1 / كتاب الغسل باب 16 / 270
 [20]البيهقي في الكبرى باب المضمضة.... 51 رقم الحديث238
[21] الاستجمار : مأخوذ من الجمار وهي الحصى الصغيرة 
 [22]البخاري : ج 1 / كتاب الوضوء باب 20 / 155

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق