......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الأربعاء، 3 يوليو 2013

استقلال الجزائر( أبعاد ودلالات )



استقلال الجزائر ( أبعاد ودلالات )
الحمد لله الذي أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، الحمد لله الذي من علينا بالحرية والانتصار ، بعد قرن وربع من القهر و الاستعمار ، وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصفى المختار ، صلى الله عليه وعلى آله الأطهار ، وصحابته الأخيار ، صلاة وسلاما دائمين متلازمين ما بقي الليل والنهار . أما بعد / فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

إخوة الإيمان: في مثل هذه اليوم الأغر الأزهر ((الخامس من شهر جويلية)) خرج الجزائريون مرددين ذلك الشعار الخالد .. الذي يعبر عن طبيعة ثورتنا وربانيتها .. قائلين : " يا محمد مبارك عليك الجزائر عادت اليك ". وهو شعار له أكثر من دلالة في نفوسنا ، فهو من أبرز مظاهر تعلق الجزائرين بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، وقد كانوا بدأوا ثورتهم يوم الاثنين ؛ تيامنا بالمولد النبوي الشريف ، بل قيل أن أن ذلك اليوم صادف 12 ربيع الأول ، الموافق للفاتح نوفمبر... فبدأوها بذكرى ميلاد رسول الله وختموها - يوم الاستقلال -بقولهم : " يا محمد مبارك عليك الجزائر عادت اليك "..

نعم ، ففي مثل هذه اليوم الأغر الأزهرعادت الجزائر إلى حاضرة الإسلام ، وإلى جسم الأمة العربية والإسلامية ، بعدما أراد لها الأعادي أن تكون أندلسًا ثانية ، وبعدما بذلت الصليبية الماكرة كلما في وسعها لابتلاع هذه الأرض الطاهرة الزكية ، وبعدما وضعت فرنسا ما وضعت  من المخططات الشيطانية ، لصد هذه الأمة عن عقيدتها الإسلامية  ؛ لتحل مكانها عقيدة الصليب والوثنية ، وتلك غاية أعداء الإسلام في كل حقبة زمنية، لقد دلت على ذلك العديد من النصوص الشرعية ، منها قوله تعالى : (( ولن ترضي عنك اليهود و لا النصارى حتى تتبع ملتهم )) وقاله تعالى أيضا : (( و لا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا )) ففعل (( لا يزال )) يفيد الدوام والاستمرارية ، و (( حتى )) تفيد انتهاء الغاية ، والغاية - هاهنا  - هي إخراج المسلمين عن دينهم ، بمختلف الوسائل الحربية ، سواءٌ المسلحة منها أو الفكرية والثقافية ، و من هنا نستخلص – أيها الإخوة الكرام - الحقائق الآتية :

الحقيقة الأولى : أن الحرب على الجزائر كانت حربا عقائدية ، هدفها طمسُ معالم الإسلام ومحوُ الهوية الوطنية ، هذا هو الهدف الرئيس ! وما سواه فأهداف ثانوية.

الحقيقة الثانية : أن الحرب على الإسلام ومعتنقيه لن تتوقف ، فهي وإن توقفت عسكريا فلن تتوقف بالوسائل الأخر ، من ثقافات ماجنة ، و أفكار إلحادية ، وصدق الباري جل ثناؤه إذ يقول : (( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون )).

الحقيقة الثالثة : أن ثورتنا المجيدة إنما استحقت نصر الله وتأييده ؛ لكونها كانت نصرة لله ونصرة لدين الله ، ولو لم تكن تلك غايتها لما استطاعت إلى تحقيق النصر سبيلا ، وإن الشواهد القرآنية لتؤكد – بوضوح - هذه الحقيقة التاريخية ، هذه الحقيقة التي ينبغي أن يعيها أبناء اليوم ؛ لما لها من عظيم الأهمية ،  يقول الله تعالى : (( وما النصر إلا من عند الله )) إذن : الله هو الذي نصرنا ، فلله الحمد والمنة ، ولكن لماذا نصرنا ؟ والجواب: يقول الله تعالى : (( ولينصرن الله من ينصره )) ويقول تعالى أيضا : (( إن تنصروا الله ينصركم )) والنتيجة : أن ثورتنا المقدسة إنما استحقت نصر الله وتأييده ؛ لكونها كانت نصرة لله ومن إجل إعزاز دينه والتمكين له.

ولقد أدرك شاعر الثورة هذه الحقيقة فصرح بها قائلا :

و لولا الوفاء لإسلامنا..........لما قرر الشعب يوما مئاله

و(( لولا )) حرف امتناع لوجود ، فعدم إحراز النصر امتنع لوجود الوفاء للإسلام ، وبالوفاء للإسلام تحقق النصر ولله الحمد والمنة.

الحقيقة الرابعة : أن العدو وإن يئس في احتلال أرضنا وصدنا عن ديننا ، فلن ييئس في التحريش بيننا ، تدفعه إلى ذلك دوافع شتى ، منها:

1-الحسد والبغضاء ، قال تعالى : " قد بدت البغضاء من أفواههم و ما تخفي صدورهم أكبر " وتلك طبيعة متأصلة في نفوس أعداء الإسلام على مختلف مللهم ونحلهم ، ولن تتغير تلك الطبيعة إلى يوم يبعثون ، ومن ظن أنه سيأتي يوم يحبون فيه الإسلام وأهله فهو واهم و جاهل بالسنن الكونية ، وبالحقائق القرآنية.

2-زعزعة أمن المسلمين واستقرارهم ؛ وذلك لأجل إعاقة مسيرتهم الربانية ، الهادفة إلى إسعاد البشرية في عاجلها وعاقبة أمرها ، ولأنه إذا تفرق المسلمون سهل ابتلاعهم والقضاء عليهم ، وقديما قيل : ((فرق تسد )) ، و لذلك فهم يخافون خوفا شديدا من الوحدة الإسلامية ، ويرون أن الوحدة الوطنية سبيل إلى تحقيق الوحدة الإسلامية . فانتبهوا لهذه المكائد واعتبروا يا أولي الأبصار !!! وإياكم ثم إياكم والوقوعَ في مصائد أعدائكم .

الحقيقة الخامسة : أن الله تعالى قد جعل لكل شيء سببا ، وعلينا احترام قانون السببية ، و معلوم أن ما أحرزناه من نصر، وما ننعم به اليوم  من حرية و سيادة وطنية ، فبسبب تضحيات الشهداء الأبرار ، ذوي العقيدة الراسخة وأولي الهمم العالية ، الذين قدموا أرواحهم فداء لعقيدتهم وشعبهم ووطنهم ، وبذلوا في سبيل ذلك دماءهم الطاهرة الزكية ؛ ولهذا كان فضلهم علينا عظيما ، والله تعالى يقول : ((ولا تنسوا الفضل بينكم )) ، وكيف يمكن لحر أصيل أن ينسى أو يتناسى فضل من أكرمه وأحسن إليه ، خصوصا  إذا كان ذلكم المحسن قد ضحى من أجل سعادتكم وسيادتكم بحياته الغالية !!!  وهو ما فعله الشهداء الأبرار، ولقد قائلهم :

واقض يا موت في ما أنت قاض ** أنا راض إن عاش شعبي سعيدا
أنا إن مت فالجزائر تحــــــــــــيا ** حــــــــــرة مســــــتقلة لن تبيدا

واعلموا - أيها الإخوة - أن الوفاء للشهداء يقتضي توقيرهم وإجلالهم والدعاء لهم ، والمحافظة على إنجازاتهم ، المتمثلة في استرجاع السيادة والحرية ، وإنما نحفظ هذا الإنجاز العظيم بحفظ الثوابت الوطنية ، وهي :

الإسلام ديننا -- والعربية لغتنا -- والجزائر وطننا – ونضيف إليها : (( والوحدة سبيلنا )) ، لأن الوحدة هي السبيل إلى حفظ بقية البنود ، وان الظروف الراهنة تقتضى إعطاءها مزيدا من العناية والأولوية .

اللهم لك الحمد على نعمة النصر ، ولك الحمد على نعمة الحرية والسيادة ، ولك الحمد على نعمة الأمن والاستقرار ، اللهم ارحم شهداءنا الأبرار ، واغفر لهم وتقبلهم بأحسن ما تتقبل به عبادك الصالحين ، وجازهم عنا خير الجزاء ، وأمِنا اللهم في أوطاننا ، ووفق ولاة أمورنا إلى ما تحبه وترضاه ، ووحد بين صفوفنا ، واجمع كلمتنا على الحق والدين ،  وانصرنا على من عادانا ، ومن أرادنا بخير فوقه لكل خير ، ومن أرادنا بسوء فاشغله بنفسه واجعل تدبيره في نحره ، وصل اللهم و سلم وبارك على سيدنا ونبينا و مولانا محمد وعلى آله وصحبه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

هناك 3 تعليقات:

  1. بارك الله فيك ايها الخطيب المفوه المعاصر ونسال الله تعالى ان ينفع الامة بعلمك وان يجعل ذلك في ميزان حسناتك امين

    ردحذف
  2. عفا الله عنك فأنا دون هذا الإطراء بكثير .

    ردحذف
  3. بارك الله فيك و شكرا جزيلا

    ردحذف