......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الجمعة، 23 يناير 2015

خطبة في نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعنوان:

ما أبعد المسافة بين خير الأنام وبين شاتميه اللئام
لم يزل الذين عميت قلوبهم وانطمست بصائرهم يؤذون نبي الله محمدا - صلى الله عليه وسلم –  وهم بذلك إنما يستجلبون لعنة الله وغضبه ، ويستعجلون عقوبته في العاجل والآجل ." إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا "[ الأحزاب 57 ]  وأنى لشتائم هؤلاء القوم أن تنال مقام صاحب النفس الزكية ، والشمائل العلية ؟ ! بل ستعود عليهم بالخزي والوباء ، دون أن تصل إلى مرماها البعيد ،كما  يعود البصاق على وجه قاذفه  نحو رجل قد تربع على كرسيه خلف أسوار قصر مشيد فوق قمة عالية ، و لا جرم أن المسافة بعيدة جدا  بين هؤلاء السفهاء ، وبين محمد الذي اجتباه ربه ، وخاطبه بقوله  " وإنك لعلى خلق عظيم " [القلم 4 ] فهو كالبحر المحيط يرمى بالأحجار فتتلاشى في أغواره دون أن تؤثر  فيه شيئا . 
و"ما يضير البحر أمسى زاخرا...إن رمى فيه غلام بحجر"
ثم ما ذا حقق المسيئون لرسول الله – صلى الله عليه وسلم - ؟ حتى كرروا إساءتهم إليه تارة أخرى ؟ !
هل صــــــــدوا الناس عــــــن دين الإســــلام؟
أم هــل بغضـوا للمـؤمنـين نبيهم عليه السلام؟
كـــلا ! إن الإساءات المتكررة لم تزد الناس إلا تسابقا إلى الدخول في دين الله أفواجا ، ولم تزد المؤمنين إلا  حبا لنبيهم ، وإيمانا بصدق رسالته ، وتمسكا بشريعته الغراء.
و لا يفهم من ذلك إلا أنه إحدى الدلائل البارزة على صدق نبوته - صلى الله عليه وسلم-   إذ كلما أساء إليه السفهاء كثر أنصاره ومحبوه ، وتوالت الإبداعات والتضحيات في نصرته ، وصدق الله  العظيم إذ يقول: " يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون" [التوبة 32].
و الإساءة لنبي الإسلام –  عليه صلاة الله  وسلامه –  هي إحدى الوسائل المنتهجة في السعي إلى إطفاء نور الله تعالى، وتلك سنة مستمرة  إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ؛ ومن الحقائق التي ينبغي أن نعيها جيدا – ونحن نواجه هذه الهجمة الشرسة - أن تلك الإساءات المتكررة لم تأت عفوية دون تخطيط مسبق ،  كما أنها ليست ناشئة عن جهل بحقيقة النبي محمد صلى الله عليه وسلم   وما اتسم به من كريم الصفات ، بل الذين تولوا كبرها منهم يعلمون – يقينا- أنهم أمام   نبي مرسل بالحق ، و أنه  في الذؤابة من  البر  والكمال ،  تبعد الدنايا عنه كبعد السماء على الأرض ،  ولكن لا يستطيعون إبداء هذه الحقيقة  ؛ لعلل نفسية كامنة في ضمائرهم ، وقد قال الله تعالى في أقوام من قبلهم قد تشابهت قلوبهم : " فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ "[ النمل 14]
وأحسن البصيري حينما قال:
قد تنكر العينُ ضوءَ الشمس من رمد             وينكرُ الفمُ طعمَ الماءِ من ســـقمِ

أما المنصفون من علماء الغرب فقد أبدوا إعجابهم بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، منوهين بجهوده الجبارة ، ومشيدين بعظيم إنجازاته في مختلف مجالات الدين والدنيا ، وأقوالهم في ذلك لا حصر لها ،  نذكر منها :

قال الدكتور ما يكل هارت Michael Heart  – في معرض حديثه عن أسباب اختياره  لمحمد صلى الله عليه وسلم    من مجموع المائة الخالدين - :
" لقد اخترت محمدا في أول القائمة ، ولا بد أن يندهش كثيرون لهذا الاختيار ،  ومعهم حق في ذلك ، ولكن محمدا عليه السلام هو الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحا مطلقا على المستوى الديني والدنيوي.

وقال الحكيم الروسي تولستوي: 
ومما لا ريب فيه أن النبي محمدا كان من عظام الرجال المصلحين ، الذين خدموا المجتمع الإنساني خدمة جليلة و يكفيه فخرا أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق ، وجعلها تجنح للسكينة والسلام وتؤثر حياة الزهد ، ومنعها من سفك الدماء و تقديم الضحايا البشرية ، وفتح لها طريق الرقي والمدنية ، وهو عمل عظيم لا يقوم به إلا شخص أوتي قوة ، ورجل مثل هذا جدير بالاحترام "

وقال المفكر الانجليزي ( برنارد شو George Bernard Shaw) :" ما أحوج العالم إلى محمد  !!  ليحل مشاكل العالم وهو يحتسي فنجان قهوة ".

فما أعظم محمدا صلى الله عليه وسلم    وما أحوج البشرية إليه  ! ولو أن هؤلاء الحيارى الذين تقطعت بهم السبل ، و ذهبوا كل مذهب  بحثا عن حلول لأزماتهم الخانقة ، ومشكلاتهم المستعصية ، لو أنهم عادوا إلى هذا النبي الأكرم ، فاقتفوا آثاره واتبعوا هداه ، لوجدوا الحل الذي بات مستحيلا ممكنا ، ولوجدوا الأفق أوسع ، والدار أجمع ، والسعادة أوفر .

وقال لين بول   -stalnley lane pooleفي معرض حديثه عن صفات النبي محمد صلى الله عليه وسلم" : -...وعلى شفتيه ابتسامة حلوة ، وفي فيه نغمة جميلة كانت تكفي وحدها  لتسحر سامعها ،  وتجذب القلوب إلى صاحبها جذبا  "
  فانظر إلى قوله :  "كانت تكفي وحدها..." فكيف إذا أضيف إليه ذلك الكم الهائل ، من شمائله الزكية وأخلاقه الرفيعة  !  كصدقه وأمانته ، وحيائه وعفته ، وتواضعه وشجاعته.........

فليت المنشغلين بمحاولات حجب أشعة الشمس عن إضاءة أرجاء الكون الفسيح ، يوجهون جزءا من انشغالاتهم إلى البحث عن حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم ، ولو فعلوا ذلك لاهتدوا إلى أن الشمس إنما أعدت ليهتدوا بنورها في ظلمات البر والبحر، وأنه لمن الحماقة محاولة حجب أشعتها ، وكذلك حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق