سائل يقول : ".. سمعنا من احد المنابر خلال الجمعة السابقة أنه تسقط صلاة الجمعة الموافقة لصلاة عيد الأضحى المبارك لهذه السنة هل هذا صحيح. و شكرا".
الجواب : هذه المسألة فيها لأهل الفقه مذهبان مشهوران :
أحدهما :
ذهب الحنابلة إلى أنه إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة ، سقطت صلاة الجمعة
على من حضر صلاة العيد ، فيجوز أن تصلى ظهرا في البيوت ، وقالوا يستثنى من
هذا الحكم الإمام ، فإنه يجب عليه أن يقيم الجمعة إذا حضر معه عدد تصح بهم
الصلاة[1].
واستدلوا
لهذا بحديث أَبِي هُرَيْرَةَ أن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: "قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ
شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ".[2].
والثاني
: ذهب جمهور العلماء ومنهم السادة المالكية إلى أنه إذا وافق يوم العيد
يوم الجمعة فلا تسقط صلاة العيد ولا صلاة الجمعة ، بل تصل كل منهما في
وقتها ؛ لأن صلاة العيد سنة مؤكدة ، وصلاة الجمعة واجبة ، يأثم تاركها بغير
عذر شرعي كالمرض والسفر ونحوهما[3].
والصحيح ما عليه جُمهور العلماء ، لكن يمكننا التوفيق بين المذهبين والجمع بين دلائلهما فنقول:
-
الذين يأتون لصلاة العيد من الأرياف والبوادي والقرى البعيدة ، يجوز لهم
التخلف عن الجمعة ، ولْيصلوها ظهرا في ديارهم كما قالت الحنابلة. أما
المقيمون في المدينة وما في حكمها من الديار القريبة ، فلا تسقط عنهم
الجمعة كما قال الجُمهور.
وقد يقول قائل ما الدليل على هذا التأويل أو هذا التقسيم ؟ والجواب من وثلاثة جوه:
1-
أن صلاة الجمعة واجبة اجماعا ، وصلاة العيد سنة ، ولا يسقط واجـب بأداء
سنة. فكما لا تُسقط الجمعةُ العيدَ التي هي أضعف ، كان أولي أن لا يُسقط
الأضعفُ الآكدَ ، وهذا توجيه لا مدفع له.
2-
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ " ، وهو قد كان
مقيما في المدينة ، فوجب على من كان مقيما في المدينة مثله أن يجمع ؛
لقوله عليه الصلاة والسلام: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي"[4].
3-
ثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم أرخص في التخلف عن الجمعة لمن شهد صلاة
العيد ، فتعين حمله على أهل القري الخارجة عن المدينة ؛ فهؤلاء يشق عليهم
أن يبقوا في المدينة منتظرين حتى يصلوا الجمعة ، ويشق عليهم أيضا أن يعودوا
إليها إذا رجعوا إلى ديارهم على ما بهم من شغل العيد كذبح الأضاحي وسلخها ،
والمشقة تجلب التيسير اتفاقا ، وقد أخذ بهذا عثمان رضي الله فأذن لأهل
العوالي في التخلف عن إتيان الجمعة ، وبه قال بعض المالكية.
والله أعلم
-------------------------------------------------------------------------------------
1- المغني لابن قدامة 2/ 266
2- رواه أبو داود في سننه رقم 1073
3- [شرح التلقين للمازري المالكي1 / 1036] و [الجامع لمسائل المدونة للصقلي3/ 863].
4- رواه البيهقي في السنن الكبرى رقم 3856
-------------------------------------------------------------------------------------
1- المغني لابن قدامة 2/ 266
2- رواه أبو داود في سننه رقم 1073
3- [شرح التلقين للمازري المالكي1 / 1036] و [الجامع لمسائل المدونة للصقلي3/ 863].
4- رواه البيهقي في السنن الكبرى رقم 3856
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق