الحمد لله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين ، وأكرمنا بهذه
الشريعة الإسلامية الواضحة الغراء ، القائمة على أساس جلب المصالح و
درء المفاسد ، فمن اتبع هداها نال سعادة الدنيا والآخرة ، و من جحدها وكفر بها حشر
في زمرة الأشقياء الجاهلين ، والكفرة الفاجرين .
والصلاة والسلام على إمام
الأنبياء والمرسلين ، وسيد الأولين والآخرين ، محمد بن عبد الله أكرم الرسل ،
وأفضل البشر ، وأول العظماء الخالدين ، صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين ،
وصحابته أجمعين ، ومن اهتدى بهديهم واستن بسنتهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين .
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"
أما بعد /
أيها الإخوة
الكرام : هنيئا لكم عيد الفطر المبارك ، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، واعلموا
أن من أعظم ما يُتقرب به إلى الله في هذه المناسبة الكريمة: (صلة الأرحام) ، وهو موضوع هام
وخطير ، وجدير بالطرح ؛ خصوصا وأننا قد أصبحنا نعيش في عصر اهتم فيه
كل فرد بمصلحته الخاصة ، وتقطعت فيه الروابط والصلات ، وانشغل فيه
الابن عن أبيه ، وقاطع القريب قريبه ، وصار كل يشكو أقاربه ؟ هذا يشكو؟ وذاك يشكو؟
وكأننا لا نتلوا كتاب الله ولا نقرأ سنة نبينه صلى الله عليه وسلم.
وإنها لظاهرة من
الخطورة بمكان ؛ لكونها من ذرائع تفكك المجتمع الإسلامي ، الذي أراد الشارع له أن
يكون كالبنيان يشد بعضه بعضا ، أو كالجسد الواحد يتألم بعضه لبعض
، وبالتواصل بين الأقارب يصلح المجتمع ، وبصلاحه تصلح الأمم ، ومن لم يك
نافعاً لأقاربه فمع غيرهم من باب أولى لا ينفع ، ولذلك رفع الشارع من فضيلة
صلة الرحم ورتب عليها ثوابه وعقابه كما سنرى ، وأجمع أهل العلم على أن صلة
الرحم واجبة على كل إنسان كوجوب الصلاة والزكاة ... والواجب هو ما يثاب فاعله
ويعاقب تاركه.
وقد أرتأيت في خطاب هذا اليوم أن أحدثكم
بإيجاز عن (أهمية صلة الرحم ودورها
في المجتمع)، فأقول وبالله التوفيق:
أولا : صلة الرحم وسيلة
لجلب البركات والرحمات
وتتمثل تلك البركات المجتلبة
بسبب التواصل بين ذوي الأرحام في ثلاثة أمور وهي: المحبة في الأهل ، والزيادة في الأموال ، والتأخير في العمر ، وإذا انتشرت تلك البركات بين
الأهل انعكست آثارها على المجتمع بأكمله ؛ لأن المجتمع عبارة عن مجموعة
من الأسر والعائلات ، فيصير كل فرد من أفراده محبوبا بين أهله مباركا له في ماله
ممدودا له في أجله ، ولو لم يكن لصلة الرحم إلا هذه المكرمة لكانت كافية
لصناعة المجتمع الجدير بالاستخلاف والتمكين، ودليل ذلك:
قال– صلى الله عليه وسلم -
: " إن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر "[أخرجه الترمذي] . وعن عائشة - رضي اللّه عنها- قالت: قال رسول اللّه
صلّى اللّه عليه وسلّم: "صلة الرّحم وحسن
الجوار، أو حسن الخلق يعمّران الدّيار، ويزيدان في الأعمار"[أخرجه البخاري].
أما المجتمع المتقاطع فهو محجوب عن رحمة الله ، محروم من بركات السماء، ففي الحديث: " القاطع للرحم منقطع من رحمة الله" [أخرجه البخاري] . وبالمفهوم المخالف أن واصل الرحم موصول برحمة الله.
وفي حديث آخر :" ما من ذنب أجدر أن
يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة
الرحم "[خرجه الترمذي].
ثانيا : صلة الرحم وسيلة
لتحقيق مقصد وحدة الصف
فالشريعة الغراء قاصدة لبناء
مجتمع مترابط متماسك ، مثله في الحديث النبوي كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو
، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، وعرفنا قصدها من خلال التتبع لجزئيات
الأحكام، المختلفة في موضوعاتها والمتفقة في معناها ، كالدعوة إلى الأخوة والصلة ،
والنهي عن التنازع والتقاطع والتدابر ، وتحريم الذرائع المفضية إلى الإخلال
بالوحدة الإسلامية ، كتحريم الغيبة والنميمة مع أن كليهما قول صدق .....
وصلة الأرحام هي من أقوى
الوسائل المحققة لهذا المقصد ، إذ بها تتحقق المودة وتتوثق عرى القرابة وتزول البغضاء
والشحناء ، ومن ثم فلا غرابة أن يرتب عليها الشارع عظيم ثوابه ، كما رتب على
نقيضها عظيم عقابه ، ذلك لأن الفعل يتعاظم أجره بحسب عليه من مصالح ، كما يتعاظم
إثمه بحسب ما يترتب عليه من مفاسد ، ولما كانت قطيعة الرحم مفسدتها
عظيمة جاءت مقترنة باللعنة في القرآن، عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال
رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :
"إنّ
اللّه خلق الخلق، حتّى إذا فرغ من خلقه قامت الرّحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من
القطيعة، قال: نعم ، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا ربّ.
قال: فذاك لك ، ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "اقرؤا إن شئتم (فَهَلْ
عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا
أَرْحامَكُمْ أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى
أَبْصارَهُمْ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها" [محمد22].
ثالثا : صلة الرحم وسيلة
للتعاون على نوائب الدهر
فمن الفوائد الهامة لصلة
الرحم ، أنها من أعظم ما يستعان به على نوائب الدهر بمختلف أشكالها وتعدد مجالاتها
، وفي مطلع الإسلام ، كان لعشيرة النبي – صلى الله عليه وسلم – دور
بارز في حماية الدعوة ، وهكذا يمكن استثمار العلاقات العشائرية في نصرة الحق
وتأييده ، في كل زمان ومكان ، لكن ذلك موقوف على مدى التواصل بين الأرحام ، إذ
الأرحام المتقاطعة لا يرجى منها نفع لذاتها أو لغيرها ، ولهذا قال علي ابن أبي
طالب – رضي الله عنه- :" أكرم عشيرتك فإنهم جناحك الذي
تطير به ، وبهم تصول وبهم تجول ، وهم العدة عند الشدة ،أكرم كريمهم وعد سقيمهم ،
وأشركهم في أمورك ، ويسر على معسرهم ، ولا يكن أهلك أشقى الخلق بك "
وقال الشاعر :
أخاك
أخاك إن مـــن لا أخا له ** كساع إلى الهيجاء بلا سلاح
وإن
ابن عم المرء فاعلم جناحه ** وهل ينهض البازي بغير جناح
رابعا : صلة الرحم وسيلة
لتحقيق السعادة
فمن أبرز أسباب السعادة أن
يعيش المجتمع مبرأ من وساوس الضغينة وثوران الأحقاد ، وصلة الرحم تقضي على تلك
الأمراض في مهدها ، مما يجعل المجتمع المسلم قائما على عواطف المحبة المشتركة ،
والمودة الشائعة ، والتعاون المتبادل ، والمجاملة الدقيقة ، وبذلك يكون كما وصف
القرآن الكريم : " والذين جاءوا من بهدهم يقولون ربنا اغفر لنا
ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك
رؤوف رحيم" وقد
جعل الشارع الحكيم الرحم ملتقى تتشابك عنده الصلات وتتوثق ، وبذلك يسعد المجتمع
ويتحقق الأمان على وجه الأرض، ومن هنا نعلم السر في ربط حق الرحم بحق
الله في التقوى والعبادة في أكثر من آية ووصية ، من ذلك قوله تعالى : " واتقوا الله الذي
تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا "[النساء1].
والخلاصة:
أن صلة الرحم لها دور عظيم
في تماسك المجتمع ، وتحقيق سعادته وأمنه واستقراره ، وتجسيد المقاصد الشرعية التي
قصد الشارع تحقيقها في كيان أمة الإسلام ، وأن صلة الرحم مجلبة
للنعم دافعة للنقم ، موصلة إلى رضوان الله في الدار الآخرة ، أما المجتمع المتقاطع
فهو محجوب عن رحمة الله ، محروم من بركات السماء وخيراته والعياذ
بالله.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً أتاه فقال: " إن لي أقارب أحسن إليهم فيسيئون إليّ، فقال: إن كنت صادقاً فيما تقول فإن الله تعالى سيورثك دارهم"[خرجه الترمذي]. والمقصود بذلك أن صلة ذي الرحم المقاطع تقتضي استمرار نسل الواصل، وطول عمره.
كما تقتضي قرب آجال المقاطعين وانتقاص ذريتهم ، لذلك سيرثهم الواصل، قال الزبيري وهو من مشاهير النسابين من قريش: "قد جربنا ذلك في أنساب قريش، فما من بيت كان أهله يصلون الرحم إلا استمرت ذريتهم، وطالت أعمارهم، وما من بيت اشتهر أهله بقطيعة الرحم وعدم الصلة ، إلا قصرت أعمارهم وانتفت ذرياتهم".
وننبه في
الأخير إلى أن صلة الرحم واجبة ولو كان القريب مبتدعا أو فاسقا ، وبعض الناس
يبررون قطع أرحامهم بكون القريب كاشحاً، أي: حاسداً ومقاطعاً ، وهذا ليس مبررا
لقطع الرحم ، بل هو مما يزيد الأجر، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" ليس الواصل بالمكافئ إنما الواصل من يصل من
يقطعه"، فالواصل هو الذي يصل من يقطعه من أرحامه، وليس
الواصل المكافئ الذي إذا أحسن إليه ذو رحمه أحسن إليه في المقابل، فهذا مكافئ فقط
وليس واصلاً.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً أتاه فقال: " إن لي أقارب أحسن إليهم فيسيئون إليّ، فقال: إن كنت صادقاً فيما تقول فإن الله تعالى سيورثك دارهم"[خرجه الترمذي]. والمقصود بذلك أن صلة ذي الرحم المقاطع تقتضي استمرار نسل الواصل، وطول عمره.
كما تقتضي قرب آجال المقاطعين وانتقاص ذريتهم ، لذلك سيرثهم الواصل، قال الزبيري وهو من مشاهير النسابين من قريش: "قد جربنا ذلك في أنساب قريش، فما من بيت كان أهله يصلون الرحم إلا استمرت ذريتهم، وطالت أعمارهم، وما من بيت اشتهر أهله بقطيعة الرحم وعدم الصلة ، إلا قصرت أعمارهم وانتفت ذرياتهم".
وفي الختام نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول
فيتبعون أحسنه
وأن ويفقنا إلى ما يحبه ويرضاه
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا ونبينا ومولانا محمد وعلى
آله الطاهرين وصحبه أجمعين
وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين
ملاحظة : إن أردت الإلمام بمسائل صلة الرحم
وأحكامها ، فانظر هذا البحث المنشورعلى موقعي
اضغط هنا " صلة الرحم ودورها في المجتمع "
اضغط هنا " صلة الرحم ودورها في المجتمع "
نقدم قروضًا للكيانات الخاصة والتجارية بمعدل فائدة سنوي منخفض جدًا يبلغ 2٪ وهذا للقضاء على التاريخ المتنامي لسوء الائتمان ، ولكن أيضًا لتحقيق ربح ثابت لشركتنا وعملائنا. هل يفقدك النوم ليلاً قلقًا بشأن كيفية الحصول على قرض؟ الاتصال: Sunshine Finance الآن عبر البريد الإلكتروني:
ردحذفcontact@sunshinefinser.com أو
WhatsApp: +919233561861
شكرًا