محامد
الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات
أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه ، ومن تبعهم بإحسان
إلى يوم الدين وسلم تسليماً وبعد .
تمهيد
يَحُلُّ شهر الله المُحرَّم فيتذكَّر المسلمون ذلك الحدث العظيم ، الذي قلَب
موازين التاريخ ، وغيَّر وجه البشريَّة ، إنَّه حادث الهجرة النبوية المباركة ، من
مكَّة المشرَّفة إلى المدينة النبويَّة المنورة ، التي كانت سبيلاً إلى إنشاء
الدولة الإسلامية ؛ حيث شعَّ نور الإسلام في الأصقاع ، ودخل النَّاسُ في الدين
أفواجًا.
وبهذه المناسبة سنقف وقفة موجزة نستلهم منها العبر
والعظات .
ذلك لأن حديثنا عن الهجرة ، أو عن أي محطة من محطات السيرة النبوية ، ليس حديثا عن واقعة تاريخية مجردة وقعت وانتهت ، وإنما هو حديث عن منهج تشريعي ، فالسيرة النبوة ومنها الهجرة تعد ترجمة واقعية للتشريع الإسلامي ؛ لأن حياة النبي صلى الله عليه و سلم تتميز عن حياة بقية العظماء والمصلحين عبر التاريخ كله ، بأن حياته صلى الله عليه و سلم كل ما فيها من أقوال أو أفعال أو إقرار أو مواقف تعد قدوة و تشريعاً ، فقد عصمه الله جلّ جلاله عن الخطأ في أقواله، و في أفعاله، و في مواقفه، فهو كما وصفه ربه :" وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى"، وقال تعالى :"لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ".
ولذلك فعندما نستعرض سيرته صلى الله عليه و سلم فإنما نريد أن أن نستخلص منها الدروس التي على أساسها نبني حاضرنا ومستقبلنا ، ومن خلالها نهتدي إلى تحقيق السعادة والسيادة في عاجلنا وعاقبة أمرنا ...
ذلك لأن حديثنا عن الهجرة ، أو عن أي محطة من محطات السيرة النبوية ، ليس حديثا عن واقعة تاريخية مجردة وقعت وانتهت ، وإنما هو حديث عن منهج تشريعي ، فالسيرة النبوة ومنها الهجرة تعد ترجمة واقعية للتشريع الإسلامي ؛ لأن حياة النبي صلى الله عليه و سلم تتميز عن حياة بقية العظماء والمصلحين عبر التاريخ كله ، بأن حياته صلى الله عليه و سلم كل ما فيها من أقوال أو أفعال أو إقرار أو مواقف تعد قدوة و تشريعاً ، فقد عصمه الله جلّ جلاله عن الخطأ في أقواله، و في أفعاله، و في مواقفه، فهو كما وصفه ربه :" وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى"، وقال تعالى :"لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ".
ولذلك فعندما نستعرض سيرته صلى الله عليه و سلم فإنما نريد أن أن نستخلص منها الدروس التي على أساسها نبني حاضرنا ومستقبلنا ، ومن خلالها نهتدي إلى تحقيق السعادة والسيادة في عاجلنا وعاقبة أمرنا ...
ومن أهم الدروس التي تأخذ من الهجرة النبوية ما يلي :
الدرس الأول: لا تفقد الأمل مهما كانت
الظروف قاسية
فدروب الحياة عموما وطريق الدعوة خصوصا مليء بالمتاعب والعوائق والمثبطات... لكن الهجرة تعلمنا ألا نيأس و لا نفقد الأمل أبدا ، فها هو النبِيُّ - صلى الله عليه وسلَّم - قد مكثَ في مكة مدَّةً من الزَّمن، يدعو قومه إلى
الهدى، فما آمن معه إلاَّ قليل ، وكم عاش الاضطهاد والنَّكال ، وكم عُذِّب هو وأصحابُه
، فلم يكن لِيَثنِيَه كلُّ ذلك عن دعوته ، بل ما زاده ذلك إلا إصرارًا وثَباتًا ، ولم يفقد الأمل و مضى يبحث عن حلول بديلة ،
فخرَجَ إلى الطائف باحثًا عن أرض صالحة للدَّعوة ، لكنْ وُوجِهَ هناك بأقسى مِمَّا
توقَّع، فأُوذي وأُهين، وقُذِف بالحجارة، وخرج من الطَّائف مطرودًا مُهانًا وقد
تَجاوز الخمسين، ورغم كل ذلك لم يفقد الأمل ، وأخذ يَعْرض نفسه بإصرار على القبائل في موسم الحجِّ ، وهو يقول: "ألاَ رجل يَحْملني إلى قومه، فإنَّ قريشًا قد منعوني أن أبلِّغ كلام ربِّي" ابن ماجه
فرفضَتْ معظم القبائل دعوتَه وقابلته بالصدود
والهجران ، حتى فتح الله له صدور الأنصار، فكانت بيعة العقبة الأولى والثَّانية ،
وكانت سفارة مصعب بن عمير إلى المدينة ، الذي هيَّأ التُّربة الصالحة لاستمرار
الدَّعوة، وتكوين الدَّولة في المدينة النبويَّة ، فكانت الهجرة تتويجًا لِعَمَل
دؤوب ، وصَبْر شديد، وحركة مستمرة لا تعرف الكلل أو اليأس أو الملل ، ولما كان صلى
الله عليه وسلم في طريقه إلى الهجرة لحقه
سراقة بن مالك ليفتك به فرده الله بمعجزة باهرة ، وكان مما قال له صلى الله عليه
وسلم " كيف بك يا سراقة إذا
لبست سواري كسرى" وكان كسرى من أقوى الأقوياء في عصره ، سبحان الله ؟
رجل طريد في الصحراء ، يبشر من يطارده
بسواري كسرى الذي لم يكن ليحلم به أحد من العرب ، لا جرم إنه الأمل والطموح ،
لذلك: لا تفقد الأمل مهما كانت الظروف قاسية ،
حقيقة تمر أمتنا اليوم بمرحلة صعبة وخطيرة ، وقد تكالبت عليها قوى الشر في الداخل
والخارج ، لكن لا ينبغي أن نفقد الأمل .... ومن يدري ؟ فقد يأتي يوم – وهو لا بد
آت – يجلس فيه أضعف المسلمين على كرسي
أباما أو بوتين ، وما ذلك على الله بعزيز.
الدرس الثاني :
التضحية برهان على صدق الإيمان
كلنا ندعي الإيمان ، ولا بد لكل دعوى من إقامة البرهان على صدقها ، وبرهان صدق الإيمان هو التضحية في سبيل الله ، فلا إيمان بغير تضحية ، والمتأمل في الهجرة النبوية يجد أنها كانت نصرة للدعوة الإسلامية بتضحيات أكبر من
تلك التي كانت تقدم في مكة ، وأي تضحية أكبر من ترك الديار والأموال والأهل
والأولاد .... فهذا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلَّم - يغادر بلده
الذي وُلِد فيه وترعرع ، وترك أقرباءه وعشيرته ، وقال وهو يغادرها بِنَبْرة حزينة:
"واللهِ إنَّك لَخيْر أرْض الله، وأحبُّ أرْض الله
إلى الله، ولوْلا أنِّي أُخْرِجْت منْك ما خرجْتُ" الترمذي .
وكذلك فعل صحابته
الكرام رضي الله عنهم .
· فأبو بكر جعل
نفسه وأهله وأمواله في خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
· وعلي يفديه
بنفسه.
· وصهيب لَمَّا
أراد الهجرة، قال له كُفَّار قريش: أتيتنا صعلوكًا حقيرًا ، فكثر مالُك عندنا ،
وبلَغْتَ الذي بلغت ، ثم تريد أن تَخْرج
بِمالك ونفسك؟ والله لا يكون ذلك، فقال لهم صهيب:
"أرأيتم
إنْ جعلْتُ لكم مالي، أتخلُّون سبيلي؟" قالوا: نعم ، قال: "فإنِّي قد جعلتُ لكم مالي"، فبلغ ذلك رسولَ الله - صلى الله
عليه وسلَّم - فقال: "رَبِح صهيب"
ونماذج التضحيات
والفداء لا حصر لها في الهجرة الميمونة ، ولم يكن لأصحابها من غاية ترجى إلا
ابتغاء وجه ربهم الأعلى :"… الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون ." أولائك هم الصادقون في إيمانهم ، فكانت التضحية برهانا على
صدق الإيمان.
· فما ذا قدمنا نحن اليوم من تضحيات نصرةً لديننا ونبينا ؟
· وأين بنات المسلمين من أسماء التي كانت تجوب الفيافي في الظلماء مشكلة وحدها
خلية إسناد لتزويد النبي وصاحبه بالطعام والشراب وهما في غار ثور؟
· وأين شبابنا من علي الذي نام في مكان النبي ليفديه بنفسه ؟ ومن عبد الله من
أبي بكر الذي كان يتسمع أخبار الكفار نهارا ليزود بها النبي ليلا وهو في غار ثور؟
أين
بناتنا الآن ؟ وأين أبناؤنا ؟ وما ذا قدموا لإسلامهم ؟ وهل هم في مستوى إعزاز دين
الله ورفع رايته؟
وما أخال الإجابة
عنكم بخافية ، لذلك ينبغي أن نتخذ من مناسبة الهجرة نقطة انطلاق في محاسبة دقيقة
لأنفسنا ؛ لنندفع بعدها للاصطلاح مع الله تعالى ؛ فيعود إلينا من أمجادنا ما قد
ذهب.
الدرس الثالث: اختيار الصحبة مما يعين على نوائب الحق
لم تكن الهجرة بالأمر الهين ، بل
كانت مهمة عظيمة وخطيرة ، وقد اختار النبي صلى الله عليه وسلم لهذه المهمة صاحبا
ورفيقا عظيما كان في مستوى تلك المهمة ، وهو سيدنا أبوبكر ، الذي ضحى بكل شيء من
أجل نصرة حبيبه ورفيقه محمد صلى الله عليه وسلم ، ولما وصلا إلى غار ثور المهجور ،
الذي يحتمل أن يكون مملوءا بالأفاعي والسباع ، أبى أبو بكر إلا أن يسبق النبي إلى
الغار ؛ ليفديه بنفسه من الأخطار المحتملة ، لله ما أعظمك وما أروعك يا سيدي أبا
بكر ؟ وقبح الله الطاعنين فيك وفي إمامتك ؟
لذلك أيها الإخوة : ينبغي أن نختار للمهمات
الصعبة الرجال الذين هم أقوى إيمانا وأعظم وفاءً وأكثر تضحية وإقداما .....
الدرس الرابع: إذا حفظ الدين حفظ معه كل شيء وإذا ضاع الدين
ضاع معه كل شيء
أيها الإخوة : هذا الدرس له علاقة
بمقاصد الشريعة الإسلامية ، فإن الله تعالى قد أنزل شرائعه لحفظ المصالح الكلية
الخمس ، وهي الدين والنفس والعقل والنسل والمال ،
وحفظ الدين واقع في أعلى المراتب من تلك المصالح ، فإذا تعارضت مصلحة حفظ الدين مع
حفظ بقية المصالح [النفس العقل والنسل والمال]
قدم
حفظ الدين أبدا ، لأن بقية المصالح لا تحفظ إلا بحفظ الدين ؛ ولذلك لما ضحى
الصحابة بكل شيء في سبيل نصرة دينهم ، عاد إليهم كل شيء ، عادت إليهم مكة ... وعادت إليهم ديارهم وأموالهم ... ولو آثروا البقاء في مكة مع الأهل
والأموال وتركوا نصرة دينهم لضاع منهم كل شيء .
فاعلم أنه متى كان بقاؤك في دارك
مع أهلك وأموالك أحب إلى قلبك من تضحياتك في سبيل نصرة دينك فأنت فاسق ، وأنت مهدد
بالعذاب بين لحظة وأخرى ، ولتعي هذه الحقيقة تأمل معي هذه الآية:
" قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون
كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره
والله لا يهدي القوم الفاسقين"
كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره
والله لا يهدي القوم الفاسقين"
"فتربصوا حتى يأتي الله بأمره " أي انتظروا حتى يأتيكم عقاب الله.
"والله لا يهدي القوم
الفاسقين" وهم الذين يؤثرون
الأشياء الثمانية المذكورة في الآية على الله ورسوله والجهاد في سبيله..
والخلاصة :
أنه إذا حفظ الدين حفظ معه كل شيء وإذا ضاع الدين ضاع معه كل شيء.
الدرس الخامس: أتخذ الأسباب
وكأنها كل شيء وتوكل على الله وكأنها ليست بشيء
وتعلمنا الهجرة من خلال تلك الخطة
المحكمة التي رسمها النبي صلى الله عليه وسلم، أن استحقاق التأييد الإلهي
لا يعني التفريط في تقديم الأسباب ٬ وتوفير ما يمكن توفيره من وسائل النصر ٬ فقد
وضع النبي صلى الله عليه وسلم خطةً محكمةً لهجرته.
حيث كتم تحركه ٬ واستأجر دليلاً ذا كفاءة عالية٬
واختار غار ثور٬ الذي يقع جنوب
مكة تضليلاً للمطاردين٬ وحدد لكل شخص مهمةً أناطها به ، فكلف عبد الله بن أبي بكر
بتقصي الأخبار٬ وعامر بن فهيرة راعي أبي بكر بمحو الآثار ٬ وكلف أسماء بنت أبي بكر بإيصال الزاد ، وكلف علياً
أن يرتدي برده ٬ وينام على سريره تمويها لكفار
قريش.
هكذا اتخذ صلى الله عليه وسلم الأسباب وكأنها
كل شيء في النجاح ٬ ثم توكل على الله
وكأنها ليست بشيء ؛ فحينما أحاط المشركون بالغار ، قال
أبو بكر: يا رسولَ الله ، لو نظرَ أحدُهم إلى أسفلِ قدميه لرآنا ، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : "يا أبا بكر ، ما ظنك باثنين
الله ثالثهما". وأنزل الله تعالى في ذلك: " إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه
الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا
فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة
الله هي العليا والله عزيز حكيم".
فلله ما أروعها من
كلمات ! تلك التي عبر بها صلى الله عليه وسلم في أصعب المواقف وأشدها خطرا ! "لا تَحْزَنْ إِنَّ
اللَّهَ مَعَنَا " ، فما دام الله معنا فمن علينا ؟ وما دام
الله معنا فلن نغلب ، ولن
نهزم ، ولن نضل، ولن نضيع ، ولن نيأس أبدا ؛ لأن الله معنا.
أيها
الإخوة : إن الهجرة النبوية ترشدنا إلى أن نأخذ بالأسباب ، وتعلمنا أن التوكل الحقيقي هو أن نأخذٌ بكل الأسباب ، ونسدٌ كل الثغرات ، ونغطي
كل الاحتمالات ... وبعدها نتوكل على رب الأرباب ... أما أن تأكل الفواكه بلا غسيل وتقول إني سميت الله عليها ،
وإني متوكل عليه ، فهذا غباء لا مكان له في الإسلام ، وقد روي أن "من
أكل التراب فقد أعان على قتل نفسه".
وقد أتاح هذا الفهمٌ السقيم لأعدائنا أن
ينتصروا علينا في غفلةٍ من الزمن ، فبينما نحن في غفلتنا ساهون ، إذا أعداؤنا
يصنعون ويخترعون ... حتى تفوقوا علينا في مختلف الميادين ، ففرضوا علينا بعدئذ إرادتهم ، وأصبحت كلمتنا سائبة وكلمتهم مسموعة ؛ ذلك
لأننا لم نأخذ بتوجيهات إسلامنا ، فأين هي القوة التي أمرنا بإعدادها في قوله
تعالى : "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ
مِنْ قُوَّةٍ ". ومعلوم أن لكل عصرٍ قوته
الخاصة ، وقوة هذا العصر هي العلم ، فإذا أردنا أن نؤثر في الناس ونفرض هيبتنا على
الأمم ، فينبغي أن نتحكم في العلوم العصرية في مختلف مجالات الحياة ، العسكرية والمدنية وغيرها ...
الدرس السادس: المسجد والأخوة عاملان أساسيان لقيام مجتمع
الإيمان
ولما وصل النبي صلى الله عليه وسلم
إلى المدينة ، كان أول ما بدأ به بناء المسجد ثم الإخاء بين المهاجرين والأنصار ،
ولهذا العمل دلالتان هامتان ، وهما :
أ- أن المسجد هو أول وأهم ركيزة فى بناء المجتمع
الإسلامى ’ ذلك أن المجتمع الإسلامى إنما يكتسب صفة الرسوخ و التماسك
بالتزام نظام الإسلام وعقيدته و آدابه ، وإنما ينبع ذلك كله من روح المسجد ووحيه ؛
لذلك سارع النبي صلى الله عليه وسلم لبنائه فور وصوله إلى المدينة.
ب- وأنه لا
يمكن لأى دولة أن تنهض وتقوم إلا على أساس من وحدة الأمة وتساندها ، ولا
يمكن لكل من الوحدة والتساند أن يتم بغير عامل التآخي و المحبة
المتبادلة ؛ لأجل ذلك سارع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإخاء بين المهاجرين
والأنصار، وما قيمة المسجد إذا لم تتحقق فيه الأخوة بين المؤمنين ؟
وللأسف قد ضاعت الأخوة بين المسلمين في هذا
العصر ، وتفرقوا إلى أحزاب وشيع ، ونظر كل منهم إلى أخيه نظرة حقد وعداء ، فهاهم
المسلمون – اليوم - يقتلون و يعذبون وتنتهك أعراضهم وحرماتهم .. في فلسطين وسوريا
والعراق ومصر وبورما ... وما تحرك أحد لنجدتهم ؟ أهذه أمة محمد التي جاء وصفها في
السنة المطهرة بأنها كالجسد الواحد ...؟
اعلموا - أيها الإخوة - أننا إذا لم نحافظ
على أخوتنا ووحدتنا فلن تقوم لنا قائمة ، ولن يبالي الله بنا في أي واد هلكنا
.
الدرس السابع: حافظ على صلتك بربك تدرك ثواب الهجرة إلى نبيك
أيها الإخوة : كلنا يستطيع أن يدرك ثواب الهجرة .
فمن هجر
المعاصي فهو مهاجر: قال - صلى الله عليه وسلَّم -: "الْمُسلم
من سَلِم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر مَن هجر ما نَهى الله عنه"
متَّفَق
عليه.
ومن هجر الكفرة والفجرة
فهو مهاجر، قال الله تعالى: " وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ
وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا "والهجر الجميل : هو الذي لا عتاب
فيه.
ومن حافظ على عبادة الله في زمن الفتن فهو كالمهاجر في سبيل الله ، قال - صلى الله عليه وسلَّم -: "عبادة في الهرج كهجرة إلي". والهرج يعني كثرة الفتن وانقلاب الموازين ، فللمحافظ
على عبادة ربه في ظل هذا الهرج أجر المهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الختام
وفي الختام : إن الهجرة النبوية هي إحدى المحطات البارزة
في السيرة النبوية ، والسيرة النبوية بصفة عامة ومنها الهجرة تعتبر ترجمة واقعية
للتشريع الإسلامي ، ومن أهم الدروس التي تؤخذ من الهجرة:
-
لا تفقد الأمل مهما كانت الظروف قاسية
-
التضحية برهان على صدق الإيمان
-
اختيار الصحبة مما
يعين على نوائب الحق
-
إذا حفظ الدين حفظ
معه كل شيء وإذا ضاع الدين ضاع معه كل شيء
-
حقيقة التوكل أن تأخذ
بالأسباب وكأنها كل شيء وأن تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء
-
المسجد والأخوة عاملان
أساسيان لقيام مجتمع الإيمان
-
إذا حافظت على صلتك
بربك أدركت ثواب الهجرة إلى نبيك
نسأل
الله تعالى أن يوفقنا إلى الأخذ بهذه التوجيهات ، وأن يجعلنا من عباده الذين يستمعون
القول فيتابعون أحسنه ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
شكرا لك شيخنا وبارك الله فيك حقا دروس قيمة نسال الله ان يوفقك ويحفظك
ردحذفما شاء الله يت شيخ
ردحذف