الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ،
سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد /
مقدمة
إن الأسرة هي الأساس الذي يتكون منه المجتمع ، فإذا صلحت الأسر
صلح المجتمع وإذا فسدت الأسر فسد المجتمع ....
ولأجل هذا سعى خصوم الإسلام إلى تخريب المجتمعات الإسلامية بضرب مكوناتها الأساسية، وهي الأسر التي تقوم –
في الإسلام - على الطهر والعفاف والاحترام المتبادل بين مكوناتها وأركانها .......
فجاءوا بمخططات عديدة لتحقيق هذا الغرض ، من ذلك
ما يسمونه باليوم العالمي للمرأة ،
وهو اليوم الثامن من شهر مارس الذي تبنته منظمة الأمم المتحدة منذ سنة 1977م. دفاعا
عن حقوق المرأة كما يدعون ، وتحقيقا لما يسمونه بالمساواة الكاملة بين الرجل
والمرأة كما يزعمون .
ولكن حديثهم عن المرأة ليس دفاعا عن مصالحها ، أو
حفاظا على كرامتها وعفافها ... وإنما هو دعوة شيطانية لانسلاخ المرأة عن قيمها
وأخلاقها ... باعتبارها عاملا أساسيا في تكوين الأسرة ، فإذا فسدت المرأة أفسدت الأسرة
والمجتمع معا.
ومما دعوا إليه
بهذه المناسبة:
§
الدعوة إلى الإباحية والحرية
الجنسية .
§
تهميش دور الزواج في بناء
الأســرة .
§
إباحة الإجهاض.
§
تشجيع المرأة على رفض
الأعمال المنزلية، بحجة أنها أعمال بغير أجر............الخ
§ وقد دعوا البلدان الإسلامية إلى ضرورة مراجعة قوانين أسرها ؛ لأنها قوانين مستمدة من الشريعة
الإسلامية.
لقد كان استهداف المرأة المسلمة مخططا رهيبا
من طرف الغربيين ، وعلى رأسهم اليهود ، الذين قال قائلهم :"كأس وغانية يفعلان بالأمة
المحمدية ما لا يفعله ألف مدفع ودبابة، فأغرقوها في حب المادة والشهوات".
)) يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره
الكافرون((
ومن شبهاتهم:
أولا : ادعاؤهم بأن
الإسلام يكمم أفواه النساء، ويمنعهن من التحاور والتعبير عن آرائهن بكل حرية )) كبرت
كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا (( فهذه خولة بنت ثعلبة تحاور رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - في قضية زوجها الذي ظاهر منها، فينزل القرآن مقرا
بمشروعية هذا الحوار، وأحقية المرأة في أن تدافع عن نفسها إن تجاوز زوجها حدود
المعاشرة بالحسنى،فقال تعالى: " قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ
الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ
تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ "المجادلة: 1 .
وهي التي استوقفت عمر بن الخطاب
قائلة: "يا
عمر، قد كنت تدعى عميرا، ثم قيل لك عمر، ثم قيل لك أمير المؤمنين، فاتق الله يا
عمر، فإنه من أيقن بالموت خاف الفوت، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب، وهو واقف يسمع
كلامها، فقيل له: يا أمير المؤمنين أتقف لهذه العجوز هذا الوقوف؟ فقال: والله لو
حبستني من أول النهار إلى آخره لا زلت إلا للصلاة المكتوبة، أتدرون من هذه العجوز؟
هي خولة بنت ثعلبة سمع الله قولها من فوق سبع سموات، أيسمع رب العالمين قولها ولا
يسمعه عمر" .
ثانيا : ادعاؤهم بأن
الإسلام يظلم المرأة فقد فاضل بينها وبين الرجل في الإرث ، ))
كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا (( ، فهذا التفاضل
هو عين العدل ؛ فالرجل يأخذ ضعف المرأة في الميراث ؛ لأنه مكلف بالنفقة على زوجته ، فهو يحتاج إلى نصيب
أكبر ، كما أن الرجل مكلف بدفع المهر إلى زوجته والمرأة لا تدفع شيئا ...... وهناك حالات في الإرث يقع فيها التساوي بين الذكر والأنثى ، كمن ترك ابنا وأما وأبا فيستوي
هنا الأب والأم ، حيث يأخذ كل منهما السدس ، ﴿ وَلأبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ﴾ [النساء11.
وقد تأخذ الأنثى أكثر من الذكر ، كمن ترك بنتا وأما وأخا شقيقا فللبنت النصف وللأم السدس وللأخ
الشقيق الثلث تعصيبا.
عيد المرأة وكرامتها في تمسكها بإسلامها:
إن عيد المرأة كلمة
حق أريد بها باطل ، فالإسلام قد جعل أيام المرأة كلها عيدا ، فعزة المرأة وكرامتها
وحريتها وسعادتها إنما تكن في تمسكها بإسلامها ..... وهؤلاء جاءوا ببدعة عيد
المرأة ليردها عن إسلامها.
لقد كانت المرأة – قبل الإسلام – متاعا رخيصا يباع ويشترى كالبهيمة
والمتاع ، و يُتشاءم منها وتُزدرى ، و تُكْرَه
على الزواج والبِغَاء ، و تُورث ولا تَرث ، و تُملَك ولا تَمْلِك ، وللزوج حق
التصرف في مالها بدون إذنها ، بل قد أُخْتلِفَ فيها في بعض الديانات ،
هل هي إنسان ذو نفس وروح كالرجل أم لا ؟!
وبلغ
الأمر بأهل الجاهلية إلى أن أحدهم حينما تولد له بنت يتشاءم منها و يستاء
، و يبغضها بغضا شديدا،ولا يستطيع مقابلة الرجال من شدة ما يشعر به من
الخزي و الخجل ، ثم يبقى مترددا بين أمرين: إما أن يمسك تلك
البنت ويدعها تعيش مهانة ، وإما أن يدفنها و هي حية ، ويتركها تحت التراب حتى
تموت !! قال الله تعالى مصورا هذا المشهد الرهيب
: " وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل ووجهه
مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في
التراب ألا ساء ما يحكمون "[ النحل59 ].
فلما جاء الإسلام أنقذ المرأة من مما كانت فيه من أوضاع سيئة ، وحررها من العبودية ، ورعى لها حقوقها ، و
منحها حق الاختيار والتصرف في شؤونها وفق الضوابط الشرعية ، قال صلى الله عليه وسلم : " لاَ
تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلاَ تُنْكَحُ البِكْرُ حَتَّى
تُسْتَأْذَنَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا ؟ قَالَ : أَنْ
تَسْكُتَ "[1] . وسوى
بينها وبين الرجل في كثير الحقوق والواجبات ، ففي الحديث النبوي" إِنَّمَا
النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ [2]" .
ورفع من شأنها و أوصى بها كل خير ، وكرمها أيما تكريم !!
كرمها أمــا ،
قال صلى الله عليه وسلم - لمن استأذنه في
الجهاد- : " هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ
؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَالْزَمْهَا ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ
تَحْتَ رِجْلَيْهَا [3]" .
- و كرمها زوجــة ، قال صلى الله
عليه وسلم : " خَيْرُكُمْ
خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي[4] " .
- و كرمها بنــتا وأخــتا ، قال صلى الله عليه وسلم : " مَنِ
ابْتُلِيَ مِنَ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا
مِنَ النَّارِ[5] " .
وقال أيضا : " لَا يَكُونُ
لِأَحَدٍ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَوْ بِنْتَانِ ، أَوْ أُخْتَانِ فَيَتَّقِي اللَّهَ
فِيهِنَّ، وَيُحْسِنُ إِلَيْهِنَّ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ [6]".
- و كرمها أجنبــية ، قال صلى الله
عليه وسلم : "السَّاعِي
عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، أَوِ
القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ " [7] .
الخاتمة
فأي شيء
تريده المرأة بعد هذا الإكرام الذي حباها الإسلام به ؟ وأي شيء يريده دعاة تحرير
المرأة بعد هذا ؟ لاشك إنهم يريدون أن يعودوا بالمرأة إلى الجاهلية الأولى ؛ وأي
كرامة تبقى للمرأة إذا خلعت حجابها الذي هو عنوان كرامتها ، وفقدت حياءها وعفتها
وطهارتها ... وصارت متاعا رخيصا يباع ويشترى ، ويتسلى بها الفسقة ثم يرمونها كرمي
الجيف للكلاب ؟؟؟ وهذا ما يريده لها أعداء الإسلام وأذنابهم في بلاد المسلمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
"وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا
ظَهَرَ مِنْهَا"
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم احفظنا بالإسلام قائمين وقاعدين ، وردنا إلى ديننا ردا جميلا ، واحظنا
من كيد أعدائنا ، وأرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل بطلا وارزقنا
اجتنابه.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والحمد لله رب العالمين.
.................................................................................................................
الهوامش
[1] صحيح البخاري . كتاب ( النكاح
) باب :( لاَ يُنْكِحُ الأَبُ وَغَيْرُهُ البِكْرَ وَالثَّيِّبَ إِلَّا
بِرِضَاهَا ) حديث رقم : [5136]
[2] أخرجه البيهقي في السنن الكبرى / كتاب
: (الطهارة) باب ( الْمَرْأَةِ
تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ ) حديث
رقم : [796]
[3] أخرجه النسائي في السنن الصغرى / كتاب : ( الجهاد ) باب : ( الرُّخْصَةُ فِي التَّخَلُّفِ
لِمَنْ لَهُ وَالِدَةٌ ) حديث رقم : [3104]
[4] أخرجه النسائي في السنن الكبرى. كتاب( النفقات
) بَابُ ( فَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَهْلِ ) حديث رقم : [15699]
[5] أخرجه مسلم في صحيحه / كتاب:( البر والصلة والآداب )
باب: ( فَضْلِ الْإِحْسَانِ إِلَى الْبَنَاتِ ) حديث رقم : [2629]
[6] أخرجه البيهقي في الآداب . باب: ( في
رَحْمَةِ الْأَوْلَادِ وَتَقْبِيلِهِمْ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ ) حديث رقم : [23]
[7] أخرجه البخاري في صحيحه. كتاب : (
النفقات ) باب : ( فَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الأَهْلِ ) حديث رقم : [5353]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق