المطلب الأول : حكم صلاة الجماعة و فضلها وبعض الأحكام
المتعلقة بها
حكم
صلاة الجماعة
أ-
سنة مؤكدة .
في الصلوات
الخمس أداء وقضاء في كل بلد وفي كل مسجد وبحق كل مصل ، ويقاتل أهل البلد إن تركوها
جميعا لاستهانتهم بالسنة ؛ لما روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم
الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية ) .
ب-
مندوبة.
في العيدين
والكسوف والاستسقاء والتراويح.
ت-
مكروهة.
في باقي النوافل إذا صليت في المسجد أو في مكان
يكثر تردد الناس إليه ، أو بجماعة كثيرة ، وجائزة إذا كانت بجماعة قليلة في المنزل
أو في مكان لا يكثر تردد الناس إليه.
ث-
شرط صحة للصلاة
الجمعة.
فضل
صلاة الجماعة
ورد في فضلها أحاديث كثيرة نذكر منها:
1) روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : (
صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم بخمسة وعشرين جزءا ) (شرح الموطأ : ج 1 / ص 394 ) .
2) وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: ( صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبعة وعشرين درجة ) (البخاري : ج 1 / كتاب الجماعة والإمامة باب 2 / 619 ).
إدراك فضل صلاة الجماعة :
يحصل فضل الجماعة بإدراك ركعة كاملة بسجدتيها مع
الإمام لا أقل ، ويكون ذلك بانحناء المأموم بحيث يمكن يديه من ركبتيه أو مما
قاربهما قبل رفع الإمام رأسه من الركوع .
إعادة صلاة الجماعة :
تندب إعادة الجماعة في حالتين :
1) تندب إعادة الجماعة جماعة لا فرادى في داخل المساجد الثلاثة : المسجد
الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى إذا
كانت الجماعة الأولى خارج هذه المساجد الثلاثة.
2) تندب إعادة الجماعة لمن لم
يحصل على فضيلة الجماعة ، كمن صلى بصبي فقط ، أو صلى منفردا ولو حكما ( كمن أدرك ما دون
الركعة مع الإمام ) ولو في الوقت الضروري ، بنية الفرض مع جماعة أخرى ، مأموما لا إماما ؛ لأنها فريضة بحقهم وقد تكون
نافلة بحقه فهو مفوض إلى الله تعالى في قبول أيتهما شاء لفرضه وجعل الأخرى نفلا .
شروط إعادة صلاة جماعة :
1)
ألا تكون الصلاة المراد إعادتها صلاة
مغرب ؛ لأن النافلة لا تكون ثلاثا.
2) ألا تكون صلاة عشاء بعد
صلاة الوتر ؛ لأنه إن أعادها وجب عليه إعادة الوتر ، وإن أعاد الوتر لزمه مخالفة
قوله صلى الله عليه و سلم : ( لا وتران في ليلة ) وإن لم يعده لزمه مخالفة
قوله صلى الله عليه و سلم : ( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ).
3) أن لا يكون مريد الإعادة إماما راتبا ؛ لأن الإمام الراتب إذا دخل المسجد
ولم يجد أحدا صلى منفردا وصلاته منفردا كصلاته جماعة فضلا وحكما إلا أنه ينوي بها
الإمامة.
4) أن لا يكون مريد الإعادة صلاها سابقا منفردا بأحد المساجد الثلاثة : المسجد
الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى إلا
إذا أراد إعادتها جماعة في نفس هذه المساجد فجائز.
الأحكام المترتبة على المكلفين إذا أقيمت الصلاة الحاضرة
من قبل الإمام الراتب في المسجد:
1)
تكره إقامة جماعة
أخرى قبل إقامة الإمام الراتب أو بعده.
2)
تحرم إقامة جماعة
أخرى أثناء إقامة الراتب.
3) يحرم على المكلف ابتداء صلاة فرض أو نفل فردا أو جماعة في المسجد أو رحبته
بعد الشروع في إقامة الصلاة للإمام الراتب لما في ذلك من الطعن في الإمام.
4)
من وجد في المسجد
الصلاة قائمة من قبل الإمام الراتب يجب عليه ما يل:
ü الدخول فيها إذا لم يصلها بعد أو صلاها منفردا.
ü الخروج من المسجد إذا كان صلاها جماعة .
ü متابعة الإمام صورة في الصلاة إذا كان عليه فرض سابق لهذه الصلاة مع نيته
منفردا.
ü قطع صلاته إذا كان يصلي
الفريضة المقامة أو أي نافلة أخرى بسلام ، والدخول مع الإمام مطلقا سواء عقد ركعة
أم لا ، إن خشي بإتمامها فوات ركعة مع الإمام من الصلاة المقامة .
المطلب الثاني : شروط الإمام
1)
الإسلام : فلا
تصح الصلاة خلف كافر ولو لم يعلم بكفره حال الاقتداء.
2) البلوغ : فلا يصح اقتداء البالغ بالصبي المميز في
الصلاة المفروضة ؛ لأنها بحقه نافلة والفريضة لا تصح خلف النافلة أما في الصلاة
النافلة فيصح الاقتداء.
3) العقل : فلا تصح إمامة المجنون حالة جنونه أما إذا
كان جنونه غير مطبق وصلى إماما في حالة الإفاقة صحت الصلاة.
4) تحقق الذكورة : فلا تصح إمامة المرأة مطلقا سواء كانت
الصلاة نافلة أم فريضة ، وسواء كان المؤتمون رجالا أو نساء ، وكذلك الخنثى المشكل
لا تصح إمامته لغيره ولو لمثله ، أما المرأة إذا اقتدى بها نساء صحت صلاتها هي فقط
.
5) الطهارة من الحدث والخبث : فمن تعمد الحدث فيها
أو حال الإحرام فسدت صلاته وصلاة المأمومين ، ولو لم يعلم المأمومين بذلك إلا بعد
الفراغ من الصلاة . أما إن نسي الإمام حدثه ودخل في الصلاة ثم تذكره بعد السلام أو
قبله أو غلبه الحدث كأن سبقه البول أو الريح ولم يعمل عملا بعد تذكره أو حدثه
وإنما خرج من الصلاة وأشار لهم بالإتمام صحت صلاة المأمومين دون الإمام . هذا إذا
كان المأمومون لا يعلمون بحدث إمامهم قبل الدخول معه أما إذا علموا ومع ذلك دخلوا
معه في الصلاة ولو نسيانا بطلت صلاتهم . وحكم صلاة الإمام والمأموم إذا علق
بالإمام خبث كالحكم إذا كان محدثا .
6) عدم المأمومية : أي أن لا يكون مسبوقا أدرك ركعة كاملة
فأكثر مع إمامه وقام ليقضي ما فاته بعد سلام إمامه ، فلا يصح أن يقتدي به أحد ولو
لم يعلم أنه كان مأموما . أما إذا لم يدرك مع إمامه ركعة كاملة وقام لأداء صلاته
بعد سلام إمامه فإنه يصح الاقتداء به وينوي الإمامة بعد أن كان ناويا الاقتداء.
7) القدرة على أداء الأركان القولية ( أي أن يكون
قارئا ) والفعلية ( أي أن لا يكون عاجزا ).فإن عجز عن أداء
ركن واحد منها وكان المأموم قادرا عليه فلا تصح الصلاة خلفه إلا لمن كان يساويه في
العجز في ذلك الركن ، كأخرس يصلي بمثله ، وعاجز عن القيام يصلي بمثله . ويستثنى من
ذلك من يصلي بالإيماء فلا يصح أن يكون إماما لمثله لأن الإيماء لا ينضبط . وتصح
صلاة أمي بأمي بشرط أن لا يوجد القارئ قبل الدخول في الصلاة فإن وجد القارئ ( يحسن
قراءة مالا تصح الصلاة إلا به ) قبل دخول الأمي بالصلاة مع الأمي فلا تصح صلاتهما
إلا أن يقتديا بالقارئ وهكذا.
8) العلم بما لا تصح الصلاة إلا به: من شروط وأركان
ولو لم يميز الركن عن الشرط بخلاف ما إذا اعتقد بفرض أنه سنة أو أن جميع أجزء
الصلاة سنة فلا تصح الصلاة.
9) ألا يكون الإمام مبتدعا: ولو كان غير كافر
ببدعته كالمعتزلي والخارجي فإن كان كذلك فعلى المأموم أن يعيد صلاته التي صلاها
مؤتما به في وقتها ولو الضروري .
المطلب الثالث : شروط الاقتداء
1) نية القدوة : بأن ينوي المأموم الاقتداء بإمامه قبل
تكبيره الإحرام ، فمن دخل بالصلاة منفردا ثم رأى إماما وهو في الصلاة فلا يصح
الاقتداء به لعدم وجود نية الاقتداء من أول الصلاة ، وكذا من دخل الصلاة مقتديا
فلا يصح أن ينوي الانتقال إلى الصلاة منفردا ( أي ينوي مفارقة الإمام ) إلا لضرورة
كأن أطال عليه الإمام أما نية الإمامة من قبل الإمام فليست شرطا لصحت صلاة المأموم
ولو في صلاة الجنازة إلا في أربعة مواضع : في صلاة الجمعة ، و في صلاة
الجمع بين العشاءين لمطر ، وفي صلاة الخوف ، وللمستخلف لأنه دخل في الصلاة مأموما
لتتميز حالته الثانية عن الأولى .
2)
المساواة :
أ - في
ذات الصلاة : فلا تصح الصلاة إن كان الإمام أدنى حالا من المأموم أي
لا يصح اقتداء مفترض بمتنفل وأما العكس كاقتداء مصل للضحى بقاض لفريضة الصبح بعد
طلوع الشمس فجائز.
ب - في صفة
الصلاة من الأداء والقضاء : فلا يصح أداء خلف قضاء ولا عكسه لذا لا يصح اقتداء من
يصلي الصبح بعد طلوع الشمس بمن أدرك ركعة قبل طلوعها لأن الأول يصلي قضاء والآخر
أداء . ويجوز اقتداء مسافر بمقيم إلا أنه يتم الصلاة معه.
3) المتابعة : وهي أن يكون فعل المأموم واقعا عقب فعل
الإمام فلا يسبقه ولا يساويه ولا يتأخر عنه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إنما الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه .
فإذا كبر فكبروا . وإذا ركع فاركعوا . وإذا قال : سمع الله لمن حمده . فقولوا :
اللهم ربنا لك الحمد . وإذا سجد فاسجدوا . وإذا صلى جالسا صلوا جلوسا أجمعون )
(مسلم : ج 1
/ كتاب الصلاة باب 19 / 86 )
المطلب الرابع : مكروهات الإمامة
1- تكره إمامة ذي سلس كبول ونحوه ، وذي قَرْح أي دمل سائل لصحيح ، ومثلهما كل
من تلبس بنجاسة معفو عنها لسالم منها، لا لمثله.
2- وكره إمامة أغلف (غير المختون)، ومجهول أي لم يعلم حاله أهو عدل أو فاسق،
ومثله مجهول النسب.
3- تكره إمامة أعرابي ( ساكن البادية ) لغيره من أهل الحضر ولو في سفر ولو كان
أقرأ منهم . أما إمامته لأمثاله فغير مكروهة.
4- تكره إمامة فاسق بجارحة من جوارحه كشارب خمر أو عاق لوالديه ولو بفساق مثله
ما لم يتعلق فسقه بالصلاة فلا تصح إمامته كأن يخل بركن أو شرط .
5-
تكره إمامة من كرهه
أقل القوم أما من كرهه أكثر القوم أو كلهم فتحرم إمامته.
6- ويكره جعل الخصي ومن يتكسر في كلامه كالنساء وولد الزنا إماماً راتباً في
فرض أو سنة كعيد، ولا يكره إذا لم يجعل إماماً راتباً.
7- وتكره الصلاة بين الأساطين أي الأعمدة ، وصلا ة المأموم أمام أو قُدَّام
الإمام بلا ضرورة، وإلا لم تكره.
8- ويكره اقتداء من بأسفل السفينة بمن بأعلاها، لعدم تمكنهم من ملاحظة الإمام،
وقد تدور، فيختل عليهم أمر الصلاة، بخلاف العكس، أي اقتداء الأعلى بالأسفل.
9-
وكره صلاة رجل بين
نساء وعكسه أي امرأة بين رجال.
10-
وكره إمامة بمسجد
بلا رِداء يلقيه الإمام على كتفيه، بخلاف المأموم والمنفرد، فلا يكره لهما عدم
الرداء، بل هو خلاف الأولى.
11-
وكره تنفل الإمام
بالمحراب؛ لأنه لا يستحقه إلا حال كونه إماماً، ولأنه قد يوهم غيره أنه في صلاة
فرض، فيقتدي به.
12-
وكره صلاة جماعة
بعد صلاة الإمام الراتب، وإن أذن لغيره في ذلك.
المطلب الخامس: جائزات الإمامة
تجوز إمامة بعض الأشخاص مع كونها خلاف
الأولى في كل ما يأتي:
1-
تجوز إمامة الأعمى،
وإمامة مخالف في الفروع ، وإمامة ألكن: وهو من لا يكاد يخرج بعض الحروف من مخارجها
لعجمة أو غيرها، مثل أن يقلب الحاء هاء، أو الراء لاماً، أو الضاد دالاً.
2- إمامة محدود لقذف أو شرب أو غيرها ، وإمامة عنِّين (وهو من له ذكر صغير لا يتأتى
به الجماع ، أو من لا ينتشر ذكره) ، وإمامة أقطع يداً أو رجلاً، وأشل، على
الراجح فيهما، ومجذوم (أي من قام به داء الجذام) لكن إن اشتد جذامه، وجب تنحيته عن
الإمامة، بل عن الاجتماع بالناس.
3- وجاز إمامة صبي بمثله، وجاز إسراع لإدراك الصلاة جماعة بلا خبب (هرولة) .
4- وجاز بمسجد قتل عقرب وحية وفأرة. وجاز إحضار صبي شأنه لا يعبث، أو ينكف إذا
نهي، وإلا منع إحضاره.
5- وجاز البصق القليل في مسجد فيه حصباء أو تراب أو تحت حصيرة، ويمنع الكثير
أو البصق في المسجد المبلَّط ، أو فوق الحصيرة ، أو على حائط المسجد لتقذيره.
6- وجاز خروج امرأة لا أرب للرجال فيها لمسجد الجماعة والعيد ونحوه .
7- وجاز فصل مأموم عن إمامه بنهر صغير أو طريق أو زرع ، لا يمنع من رؤية أفعال
الإمام أو سماعه، للأمن من الخلل في صلاته.
8- وجاز مع خلاف الأولى علو مأموم على إمامه ولو بسطح في غير جمعة ، لأن
الجمعة لا تصح بسطح المسجد. ويكره علو إمام على المأموم إلا العلو اليسير أو
لضرورة أو لقصد تعليم المأمومين كيفية الصلاة، وبطلت الصلاة إن قصد بالعلو الكبر.
9- وجاز التبليغ خلف الإمام واقتداء الناس بسبب سماع المبلِّغ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق