......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الاثنين، 29 أغسطس 2016

التحذير من الأفكار المضللة وضرورة إخضاعها للميزان الشرعي

قد يغضب علي من يستهدفهم هذا المنشور ؟ لكنني لا استهدف الذوات بل أناقش ما يُنشر ويُذاع ؟ ولا يُعقل أن ندع قذائف الباطل تنهال علينا ونحن نملك المضاداتِ التي تزهقها.
ولا يهمني - بعد هذا - أن يسخط على بعضهم كما لا يرتاح ضميري أن يحمدني البعض الآخر ، ما دمت مطمئنا إلى الفكرة التي تملأ عقلي ، ومنطلقا مما تمليه علي حقائق هذا الدين.
لا ننكر أننا في زمن قد كثر فيه المتقوِّلون بالرأي والهوى والتشهي ، وقد يصلون في كثير من الأحيان إلى تضليل العامة وذوي القصور الثقافي عن قصد أو عن غير قصد ؛ فيفتنونهم ويصدونهم عن الدين الحق ، وأمام هذه الأمواج المتلاطمة من الفتن والأفكار المتناقضة التي أصبح الحليم فيها حيران ، وفي ظل هذا التطور الهائل لوسائل الاتصال التي أصبح العالَم فيها كمجموعة تجلس حول مائدة مستديرة ....
هنا يبرز دور المثقف المسلم في تصويب التصورات والأفكار ، وتمييز صحيحها من سقيمها ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة من خلال عرضها على الميزان الشرعي الذي لا يعتريه الخطأ ، و " لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه ".
وقد آثرت أن أنبه - هاهنا - إلى حقيقة هامة ، وهي :
أننا حينما نكتب مقالا أو حتى نألف كتابا نقرر فيه تصويب فكرة أو تخطيئها ، لا يعني ذلك أن ما قررناه هو الحق الذي لا ريب فيه ، وأن مقالنا أو كتابنا هو بمنزلة الوحي الذي لا يُناقش ، فالعبرة ليست بقول القائل ، ولو كان ذلك القائل هو جمهور الفقهاء ؟ وإنما العبرة بدليل القائل وقوة حجته ومدى اتفاقها مع أصول الشرع وقواعده الكلية و الجزئية ، لأن العقول وحدها لا تستقل بإدراك ما هو مصلحة أو مفسدة ، أو ما هو حق أو باطل ، أو ما هو صواب أو خطأ........
نعم ، قد تدرك العقول ذلك ؛ ولكنها تابعة لا متبوعة ، فالقاعدة العامة - المتفق عليها بين المسلمين على مختلف مذاهبهم - هي : " متى تعارض العقل والنقل قدم النقل أبدا " ، فلا حاكمية للعقول بإطلاق ، وإلا لقال من شاء ما شاء ...
ومن أجل ذلك كان لابد لاعتبار أي فكرة يطرحها المفكرون من ضوابط تحدد معناها ومجالها ثم تقرر صحتها أو فسادها ... وبذلك يُصان الدين وتُحفظ العقول ، وتوصد الأبواب في وجه المتقوّلين بالهوى والتشهي ، خصوصا أولائك الهادفين بأفكارهم إلى تشكيك الأمة في تراثها الفقهي والعقائدي والتاريخي، بحجة حرية التعبير والتفكير ، كأولائك الكتاب الذين هداهم تفكيرهم إلى إنقاذ التاريخ الإسلامي بتغيير معالمه ، أو تغيير مفهوم الصحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ليتذرعوا بذلك إلى محاكمة صحابة قد مضوا بأنهم قد ماتوا على غير ملة الإسلام .....
وكأولائك الكتاب الذين عمدوا إلى تسخير ما أوتوا من مواهب فكرية في مناصرة وتمجيد اتجهات ومذاهب معينة ؛ لإغراء الناس بالإلتحاق بركبها غير آبهين بمآلاتها ......
وعلى الرغم من أننا كنا ولا نزال نكن لبعض هؤلاء المودة والإخاء ، ونرمقهم بالمهابة والإعزاز ، إلا أن الحق أحب إلينا منهم ، وإنك لو أمعنتَ النظر جيدا في ما قالوا وفي ما كتبوا لوجدته عبارة عن كلمات سائبة يناقض آخرُها أولَها ، لا تستهدف حقا .. لاتخدم دينا و لاوطنا .. لا تجلب مصلحة و لا تدرأ بمفسدة ... بل لا تخلف إلا آثارا سيئة من التصادم شأنها شأن القائم بالتحريش بين الديكة ليقف متفرجا على تصارعها ... أين العقل ؟ أين الحكمة ؟ أين المنطق ؟ أين النظر إلى مآلات الأفعال ...
وهذا علاوة على تجردها عن الدلائل المعتبرة الواضحة الدلالة ، وإن وجد فيه دليل فهو إما منسوخ أو ضعيف أو محتمل أو معارض بما هو أقوى منه ، وقلما تجد فيها صوابا.
وقد وضعت بين يدي القراء هذا التنبيه ؛ ليكونوا حذرين من كل ما يُكتب ويُذاع من الأفكار ، وأن يزنوها بميزان الشرع المتمثل في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما انبثق عنهما من قواعد وأصول ، على ضوء ما فهمه سلف هذه الأمة ، والأئمة الهداة الأربعة ، الذين أجمعت الأمة على تلقي مذاهبهم بالقبول إذْ " لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها "
وحسبي أني قد بلغت والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق