......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الجمعة، 26 أغسطس 2016

الحلقة(13) حديث : " ما أسفل الكعبين في النار "

حديث : " ما أسفل الكعبين في النار "(1(
ووكذا حديث :" ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر اليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم المسبل(*)والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذبة"(2)
هما حديثان صحيحان ولكن قد أسيء فهمهما ؛ إذا أخذ بهما قوم على إطلاقهما ، بينما هما مقيدان بأحاديث اخرى ، منها :
" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه .." (3).
 "
لا ينظر الله يوم القيامة الى من جر إزاره بطرا"(4) والبطر هو الكبر.
فالوعيد الوارد في الحديث الأول والثاني إنما هو في حق من جر ثوبه وأرخى إزاره خيلاء أي تكبرا وتبخترا وإعاجبا بنفسه ... كما بينه الحديث الثالث والرابع.. أما من أرخى ثوبه حتى تجاوز كعبتيه من غير خيلاء ولا تكبر .. فلا يشمله الوعيد بالنار.
وهذا الذي عليه جمهور اهل العلم (5)
والدليل ذلك أمور :
 1كثرة الروايات التي جاءت مقيدة لحرمة الإسبال بالخيلاء.

 2أن المقام الذي ورد فيه النهي يدل على أن جر الثوب في ذلك الزمن كان علامة على الفخر والتكبر ، لذلك نهي عنه حتى لا يقع المسلم في التشبه بالمتكبرين.

3شدة العقوبة المترتبة على الإسبال تدل على خطورة المعصية ، وهذا لا ينطبق إلا على من فعله خيلاء تكبرا.

4جاء في رواية أبي داود :"وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة"(6)
فقوله:( من المخيلة) ، يدل على واقع الناس في تلك الفترة ، أن اغلبهم كانوا يفعلون ذلك خيلاء ، فنهي الصحابة عنها لئلا يتشبهوا بالمتكبرين فيساء بهم الظن.5قوله صلى الله عليه وسلم - لابي بكر وقد كان يرخي ثوبه - " لستَ ممن يصنعه خيلاء" رواه البخاري(5784).
وبالكشف عن هذه الحقيقة يتجلى لك الخطأ الذي وقع فيه بعض الشباب حينما تمسكوا بظاهر احاديث النهي عن الإسبال، فحكموا على الملايين من المسلمين بأنهم في النار ؛ لأن سراويلهم أو أقمصتهم طويلة .. ثم جعلوا تقصير القميص عنوانا أو دليلا مميزا للفرقة الناجية عن الفرق الهالكة والعياذ بالله.
وغفلوا عن أمر خطير وهو أن ما فوق الكعبين قد يكون في النار إذا قصد به التكبر ، وأن من قصر قميصه خيلاء لا ينظر الله إليه ، لأن الوعيد الوارد له ارتباط بالنية والمقصد ، و(الأعمال بالنيات) ، و(الأمور بقاصدها(
ومما يؤيد هذه الحقيقة قول الحكيم الترمذي :
"
وكان في بادئ الأمر رفع الإزار إلى نصف الساق تجنبا للخيلاء والمراءاة ، فلم يزل الناس في تبديل من سوء ضمائرهم حتى صار ذلك تصنعا ومراءاة ، فكان من شمر الإزار والقميص ممقوتا لسوء مراده" (7) ثم ذكر بأن عمر بن عبد العزيز كان قميصه وجبته تضرب شراك نعليه(8(
اللهم فقهنا في ديننا وألهمنا رشدنا.
--------------------------------------------------
(*) المسبل هو الذي يرخي ثيابه ويجرها.
(1) رواه البخاري في صحيحه رقم : (5787
(2) رواه مسلم في صحيحه رقم:(106
(3) رواه البخاري رقم(5784
(4) رواه البخاري رقم(5788(

 (5) انظر شرح مسلم للنووي ج2ص183.
(6)
سنن أبي داود رقم 3925.
(7)
انظر المنهيات للحكيم الترمذي ص 54.
(8)
نفسه ص 55

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق