......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الجمعة، 10 يونيو 2016

مبطلات الصيام والأحكام المتعلقة بالكفارة

مبطلات الصيام والأحكام المتعلقة بالكفارة 

أولا : مبطلات الصيام 

مبطلات الصيام التي توجب القضاء دون الكفارة كثيرة ، يمكن ان نجملها في سبعة أمور:

1 - الجماع أو الأكل أو الشرب سهوا.

-  أما الجماع سهوا فمتفق عليه ، فهو مفسد للصوم موجب للقضاء سواء كان فيه إنزال أم لا.
-  وأما الأكل والشرب سهوا ففيهما القضاء عند علمائنا المالكية خلافا للشافعية الذين قالوا بأنه لا قضاء فيهما عملا بحديث:"إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه"(رواه البخاري رقم 1933). أما المالكية فحملوا هذا الحديث على أمرين:

الأول : رفع المآخذة الأخروية ، أي أنه لا إثم عليه.
والثاني : إنما هو في صوم النافلة دون الفريضة.

ومذهب مالك ارجح ؛ لأن فيه احتياطا للعبادة ، وسدا للذريعة ؛ فلو قلنا بعدم وجوب القضاء على من افطر سهوا لتهاون الناس في الاحتياط لصومهم من المفسدات..
كما أنه - مذهب مالك - جارٍ على القياس على أصول الشريعة كمن ترك صلاة نسيانا فيلزمها قضاؤها متى ذكرها ،  وكذلك الصيام.

2    من أفطر جاهلا بحرمة شهر رمضان أو مخطئا في التقدير.

 كمن افطر جاهلا بحرمة الأكل في رمضان ؛ كأن يكون حديث عهد بالإسلام.. فعليه القضاء دون الكفارة ؛ لانه غير منتهك لحرمة الشهر. وكذلك من أفطر مخطئا في التقدير ، كمن ظن بقاء الليل فأكل أو شرب.. ومثله من سمع الآذان الثاني وهو يأكل أو يشرب ... فإن ابتلع شيئا غلبة أو سهوا بعد سماعه للآذان فقد بطل صومه ولزمه القضاء ، وإن لفظ ما في فمه فلا قضاء عليه. أما الأذان الأول فلا يجب فيه الإمساك فله أن يأكل ويشرب بعده.

3- من أفطر لعذر مبيح أوموجب للفطر :

-  كالمريض الذي يُرجى شفاؤه ، والمسافر سفرا يباح فيه الفطر ، وهو ما كانت مسافته (84كلم تقريبا) ، فيباح لهما الفطر ويجب عليهما القضاء لقوله تعالى:"فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر".
-  وكذالك الحائض والنفساء يجب عليهما الفطر والقضاء.
 - وأيضا الحامل والمرضع يباح لهماالفطر ، سواء كان الفطر بسبب الخوف على النفس ، أو بسبب الخوف على الجنين والرضيع ، ويجب عليهما القضاء ، ولكن هل يطعمان أم لا ؛ قيل : أنهما يطعما إن أفطرتا خوفا على الجنين أو الرضيع ، لا على النفس ، والصحيح أنه لا إطعام عليهما ، وهو ما كان يفتي به الشيخ أحمد إدريس رحمه الله ، ويقول بأنه لا دليل على الإطعام.

4- من أفطر غلبة أي من غير اختيار منه.
كمن وصل شيء مائع(سائل) إلى حلقه ، كأن يتمضمض أو يشتنشق فيسبقه الماء إلى حلقه ... أو كمن وصل شئ إلى جوفه غلبة سواء كان مائعا أو جامدا  ...ففي كل ذلك عليه القضاء فقط.   

5- من غلبه القيء.

فإن ابتلع منه شيئا غلبة أو سهوا فعليه القضاء ، وإن لم يبتلع من شيئا فلا قضاء عليه وصومه صحيح.أما من تعمد القيء فعليه القضاء ولو لم يبتلع منه شيئا ، فإن ابتلع من شيئا غلبة أو سهوا فعليه القضاء ايضا ، وأما إن ابتلع منه شيئا عامدا مختارا فعليه القضاء والكفارة كما سيأتي.

6- خروج المذي.
 إذا كان بسبب مقدمات الجماع ، من مدامة النظر إلى محاسن المرأة ، أو قبلة ، أو مداعبة ، أو تفكر في أمور الجماع..

7- خروج المني إذا كان بسبب النظر والتفكر من غير مداومة عليهما.
 فالمعتمد في المذهب أن فيهما القضاء دون الكفارة ، وقال بعضهم بل فيهما القضاء والكفارة . والله اعلم.

ثانيا : الكفارة وأحكامها:

أولا : تعريف الكفارة

المراد بالكفارة أن يكفر المنتهك لحرمة رمضان عن ذنبه ، ويحصل التكفير عن الذنب بفعل أحد خصال الكفارة التي سيأتي بيانها.

ثانيا: حكم الكفارة
الكفارة واجبة على من انتهك حرمة الشهر الفضيل ، كمن جامع أو اكل أوشرب عامدا مختارا في نهار رمضان.
ودليل وجوبها : ما روي عن الرجل الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : " هلكت يا رسول الله ، فقال له النبي وما أهلكك ؟ قال: وقعت على أهلي في نهار رمضان .. فخيره النبي صلى الله عليه وسلم بين صيام شهرين متتابعين أو عتق رقبة مؤمنة أو إطعام ستين مسكينا " أخرجه البخاري

فعلة إيجاب الكفارة - عند علمائنا المالكية - هي انتهاك حرمة الشهر
سواء كان الانتهاك بجماع او أكل أو شرب أو غير ذلك ..وهذا خلاف لجمهور الفقهاء الذين يرون ألا كفارة إلا في الجماع خاصة ، ولكل حجته ودليله.

ثالثا: شروط وجوب الكفارة

لا تجب الكفارة إلا بثلاثة شروط وهي:
1)    التعمد: فلا كفارة على من جامع أو أكل أو شرب ناسيا أو مخطئا في التقدير ، كمن أفطر ظانا بقاء الليل.
2)    الاختيار: فلا كفارة على من أفطر مكرها من غير اختيار منه.
3)  الانتهاك لحرمة رمضان: فلا كفارة على من افطر لعذر مبيح للفطر كالمرض والسفر ... ولا كفارة على من افطر عامدا في غير رمضان ، كمن افطر عامدا في صيام النذر ، أو صيام قضاء رمضان..

رابعا: حالات انتهاك حرمة رمضان.

1-    الجماع عمدا. سواء أنزل أم لم ينزل.
2-    إخراج المني، باستمناء ، أو مباشرة ، أو استمرار في التفكر والنظر.
3-    إيصال شيء إلى المعدة عن طريق الفم عمدا ، سواء كان سائلا أو جامدا..
4-    التقيء عمدا وابتلاع شيء منه اختيارا من غير غلبة.
5-    التأويل البعيد. وهو ما استند فيه المفطر إلى أمر موهوم غير محقق.

 ومن صور التأويل البعيد:

-  من عزم على السفر فافطر ثم لم يسافر.
-  من اغتاب فظن ان الغيبة مبطلة للصوم فأفطر.
-  من ظن أن مرضا سيصيبه فافطر قبل أن يمرض.
-  من ظنت ان الحيض سيأتيها فأفطرت قبل مجيء الحيض.
-  إذا ثبت الشهر يوم الشك فاستمر في الفطر ولم يمسك بقية يومه.
-  من شاهد هلال رمضان فرد الحاكم شهادته فظن اباحة الفطر فافطر.

ففي كل هذه الحالات يجب عليه القضاء والكفارة معا.

اما من افطر متأولا تأويلا قريبا فعليه القضاء دون الكفارة ، ومن صور التأويل القريب:

- من افطر ناسيا فظن انه لا يجب عليه الإمساك فاستمر في الفطر.
-  من سافر دون مسافة القصر فظن إباحة الفطر فأفطر.
-  من قدم من السفر قبل الفجر فظن اباحة الفطر صبيحة تلك الليل فأفطر.

ففي هذه الصور عليه القضاء فقط ، ولا كفارة عليه
.

خامسا: أنواع الكفارة

الكفارة ثلاثة انواع وهي على التخيير، فليتخير المكفر منها ما يناسبه.

1) إطعام ستين مسكينا ، وهو افضل الأنواع الثلاثة ؛ لعموم منفعته ، ومقداره مد لكل مسكين ،  وتجزئ قيمته المالية وهو ما اختاره فقهاء البلدة ، وتقدر القيمة حسب سعر الدقيق(السميد) في بلادنا باعتباره القوت الغالب لأهل البلدة ، وتقدر قيمة المد الواحد پـــــــ 25 دينار جزائري. 
2)     صيام شهرين متتابعين.
3)    عتق رقبة مؤمنة.

سادسا : بعض المسائل المتعلقة بالكفارة

المسألة الأولى
صوم الكفارة لا يُحسب بالأيام ، وإنما يحسب بالأشهر القمرية ، والشهر قد يكون فيه 29 أو 30 يوما ، وعليه قبل أن يشرع في الصيام إن يتجنب صيام الشهر الذي فيه أيام يحرم صومها ، كعيد الاضحى ...فإن شرع في الصيام ثم طرأ عليه عذر من مرض أو سفر ..فأفطر ، فإنه يبني على ما تقدم وصيامه صحيح ، وكذلك لو أفطرت المرأة في أيام العادة فإنها تبني على ما تقدم ، وكذلك من أفطر ناسيا فإنه يمسك ويتم صيامه ويقضي ذلك اليوم .أما إذا أفطر لغير عذر بطل صيامه كله وابتداه من جديد ؛ لأن التتابع شرط في صيام الكفارة.

المسألة الثانية
هل يصح في الكفارة دفع قيمة اطعام 60 مسكينا الى مسكين واحد ؟

الجواب: في المسألة قولان:


القول الأول: لا يصح ذلك عند المالكية والشافعية والحنابلة ، بل لابد من إطعام 60 مسكينا كما في نص الحديث.

والقول الثاني : قال الحنفية يصح إخراج الكفارة لمسكين واحد، ولكن لا يجوز أن تدفع له دفعة واحدة ، بل لابد من إطعامه إياها في ستين يوماً ؛ لأن تجدد الحاجة كل يوم يجعله كمسكين آخر فكأنه صرف القيمة لستين مسكيناً.

المسألة الثالثة
هل تجب الكفارة على المرأة إذا جامعها زوجها في نهار رمضان ؟

الجواب:

مذهب جمهور العلماء - منهم - المالكية - إذا طاوعت المراة زوجها على الجماع فعليها القضاء والكفارة ، أما إذا أكرهها على الجماع أو كانت ناسية أو جاهلة فعليها القضاء فقط.
وذهب الشافعية - في المعتمد - إلى انه لا كفارة عليها مطلقا.

والله اعلم.



هناك تعليق واحد:

  1. نريد تخريج جميع هذه الأحكام جزاكم الله خيرا

    ردحذف