......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الخميس، 24 مارس 2016

المخاطر التي تحيط بالجزائر وسبل مواجهتها ودعم الجيش الشعبي الوطني

الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً.

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ" (البقرة208)

ايها المؤمنون: اعلموا أن الأمة الإسلامية والعربية اليوم تمر بمرحلة جد خطيرة ، ولن نكون مبالغين إن قلنا أنها من أصعب المراحل على الإطلاق ، وذلك لتعدد وتداخل المخاطر التي تحدق بها ، وأهم تلك الأخطار ما يأتي:
1- خطر قوى الشر والطغيان التي تكالبت عليها – في هذه المرحلة - من كل جانب ، بهدف تقسيمها إلى دويلات ضعيفة هزيلة ؛ ليسهل ابتلاعها والقضاء عليها ،  وتلك هي أهم أسباب الحروب القائمة اليوم في دول شقيقة ، كسوريا واليمن والعراق وليبيا ، والدافع إلى هذا المخطط الرهيب ثلاثة أسباب أحدهما: الخوف من المد الإسلامي المتنامي في الأقطار الغربية ، والثاني: حماية أمن إسرائيل حتى تظل هي القوة القاهرة في المنطقة. والثالث: صرف الأنظار عن القضية الفلسطينية والأقصى الشريف ، التي تعد قضية مصيرية للإسلام والمسلمين. 

2- والخطر الثاني هو ظهور  المجموعات الإرهابية المنظمة ، في كيان الأمة العربية والإسلامية ، وبعض تلك المجموعات مدعوم من طرف قوى خارجية كبرى ، تستعمله لضرب الأمة من داخلها بغرض إضعافها ، ومن أجل أن تبرر به تدخلاتها في الأقطار العربية والإسلامية ، بذريعة محاربة الإرهاب ، وهي في الحقيقة لا تحاربه ، بل تدعمه لأنه يخدم مصالحها.

3- والخطر الثالث هو ظهور الطائفية في هذه المرحلة ، حتى أصبحت الحرب في عدة مناطق عربية قائمة على أساس طائفي ، بين الشيعة وأهل السنة ، وللصهونية العالمية – بلا ريب – يد في ذلك.

والجزائر ليست بمنأى عن هذه المخاطر ، بل هي وجهة مقصودة لهذا المخطط الرهيب ، وبإذن الله تعالى ومعونته وتوفيقه  ستخيب آمالهم ، وسيجعل الله كيدهم وتدبيرهم في نحورهم ، مصداقا لقوله تعالى:"وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ" (120) ، لكن لا بد لنا – بعد أن نتوكل على الله – أن نأخذ حذرنا ، وأن نتهيأ ونستعد لمواجهة أي خطر محتمل ، انطلاقا من قوله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا " (النساء71) ، فحدودنا اليوم مشحونة ومتوترة ومهددة ، والطوائف الإرهابية تحاول غزونا بحق ، ولن تتوانى عن ذلك متى سمحت لها الفرصة.

وجيشنا اليوم – ولله الحمد – يقوم بأداء واجبه الوطني على أحسن ما يرام ، في حماية أمن الأمة واستقرارها ، ويتصدى بقوة لكل المحاولات البائسة التي تستهدف و حدتنا ووطننا ، وهو يغطي  في الساعة الراهنة حدودا يبلغ طولها 6,385 كم تتوزع كالتالي: تونس 965 كم ، ليبيا 982 كم ، النيجر 956 كم ، مالي 1,376 كم ، موريتانيا 463 كم ، الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية 43 كم ، المغرب 1,601 كم. فالجيش اليوم يغطي كل هذه المناحي ؛ لأنها جميعا مستهدفة ، ويكفيه مكرمة وتشريفا أن ينال فضل الرباط في السبيل الله ،الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم :" رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها"[رواه البخاري ومسلم]. والمقرر في الفقه الإسلامي أن للعسكريين أجر المرابطين منذ أن تسجل أسماؤهم في الديوان العسكري العام ، عاملين  كانوا أو متعاقدين أو احتياطيين ، وإنه لمن الواجب علينا أن نخصه بدعواتنا في صلواتنا وخلواتنا وسرنا وعلانيتنا ، فلولاه لكنا قد طردنا من بيوتنا ، ولستبيحت حرمانتا.

أيها الإخوة الكرام: في ظل هذه المخاطر التي تحدق بنا يجب علينا – وأكثر من أي وقت مضى – أن نتحلى باليقضة والحذر ، وأن نستعد ونتهيأ لكل الاحتمالات والخيارت التي تقتضيها ضروة المحافظة على وطننا ، الذي هو مستقرنا ومأوانا و فيه نبتنا، وعلى حبه ثبتنا، ومن نباته غذينا وفي سبيله أوذينا .... حقيقة أن جيشنا يقوم بأداء واجبه بجدارة كما ذكرنا آنفا ، لكن يجب علينا أن نكون له عونا  وسندا ، وذلك واجب لا مزية لنا فيه  ،  والشعب الجزائري معهودً أمرُه في مثل هذه المواقف الصعبة ، فهو شعب شهم بطل مغوار ذو أنفة وعزة وإباء ، لا يعطي الدنية من دينه أو وطنه أومبادئه أبدا ، وسيتجاوز هذه الأزمة بسلام بإذن الله تعالى ، كما تجاوز غيرها من الأزمات  عبر تاريخه ، قال العارف بالله سيدي عبد الرحمن الثعالبي رحمه الله تعالى:


إنّ الجزائــــر في أحوالها عجـــــــب   ولا يدوم بها للناس مكــروه 
 ما حلّ عُسر بها أو ضاق مُتسع   إلا ويُسر من الرحمن يتلـوه  

ومن أهم ما يجب أن نعمل على تحقيقه في هذه الظروف الصعبة ، أن نعمل على ترسيخ الوحدة الوطنية ، فهي الأساس في المحافظة على قدرات الأمة و بنائها ، وهي السبيل إلى تمكينها من الوقوف في وجه أي خطر محتمل ؛ فنحن مطالبون بإقامتها في حياتنا وفي علاقاتنا، وهي فريضة ضرورية لا خيار لنا فيها ، فالواجب على كل فرد من أفراد المؤمنين أن يكون لإخوانه كالبنيان في التماسك والالتحام ، حتى نكون كما قال نبينا صلى الله عليه على وآله وسلم:"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"[رواه مسلم].

وعلينا أن نأخذ العبرة من الأمم التي دب إليها داء  الفرقة والاختلاف ، والذي كانت نتائجه وخيمة ؛ حيث أودى بها الانهيار والدمار والخراب .... "فاعتبروا يا أولي الأبصار".واعلموا أن العدو الخارجي لا سبيل له علينا ، ولن يستطيع النيل من ديننا أو من وطننا ، إذا ما اتحدنا وتضامنا وكنا يدا واحدة على من سوانا ، " وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" (الأنفال46).

ومن أجل المحافظة على وحدتنا بجب أن نكون متفطنين وحذرين من الأفكار الغريبة والدخيلة على ديننا وثقافتنا ووطننا ، فهي من أخطر ما يهدد الوحدة الوطنية ؛ لذلك يجب التفطن لها والقضاء عليها في مهدها ، و لا ننتظر حتى يشتد أمرها ثم نسعى لإزالتها ؛ تطبيقا للقاعدة الفقهية :"الضرر يدفع بقدر الإمكان". ودفع الضرر بقدر الإمكان معناه الحيلولة دون وقوعه ، وذلك باتخاذ الإجراءات والاحتياطات الكفيلة بالوقاية منه.

ومن أهم تلك الأفكار الغريبة:

1- تلك الأفكار المتطرفة التي تقوم على أسس عقائدية تكفيرية وتضليلية، كالطوائف التي تكفر المسلمين وترميهم بالضلال والابتداع ثم تستحل دماءهم وأموالهم ، فالإرهاب أصله فكرة ترسخ في الذهن ، ثم تنمو وتتطور حتى تصبح عملا مسلحا.
2- تلك الأفكار التي تقوم على أسس عقائدية طائفية ، كالتشيع الذي ينشأ في البداية كجماعة تظهر الولاء لأهل البيت عليهم السلام ، تندبهم وتنوح عليهم وتلعن الصحابة الكرام ، ثم سرعان ما تتحول تلك الجماعة إلى ميلشيات مسلحة.

وأمام هذه الأخطار الواقعة أو المتوقعة لا يجوز لنا أن نفرط في وحدتنا وأخوتنا ، مهما كانت الظروف ! ومهما اختلفنا في وجهات النظر ، فلا مجال – في ظل الظروف الراهنة – للقول بأن هذا من الحزب الفلاني وذاك من الحزب الفلاني ، أو هذه سلطة وتلك معارضة ، أو هذا صوفي وذاك سلفي ، أو هذا إخواني وذاك وطني .... فلا عبرة اليوم بكل هذه المسميات ، اليوم يوجد عنصر واحد ذومصير مشترك ، أبوه الإسلام ، أمه الجزائر.

ونسأل الله تعالى أن يمن علينا في هذه البقعة الطاهرة – الجزائر – بالأمن والاستقرار ، والعافية المعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة ، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ، ومن أرادنا  بسوء  فنسأل الله أن يجعل تدبيره في نحره وأن يشغله بنفسه .

ونسأل الله تعالى أن يحمي أبناءنا في القوات المسلحة من كل مكروه ، وأن يسدد رميهم ويهلك عدوهم ، وأن يمددهم بريح النصر.

ونسأل الله تعالى للقائمين بشؤون هذه الأمة، ألفة تجمع الشمل، ووحدة تبعث القوة، ورحمة تضمد الجراح، وتعاونا يثمر المنفعة، وإخلاصا يهون العسير، وتوفيقا ينير السبيل ، وتسديدا يقوم الرأي ويثبت الأقدام، وحكمة مستمدة من تعاليم الإسلام وروحانية الشرق وأمجاد العرب، وعزيمة تقطع دابر الاستعمار من النفوس، بعد أن قطعت دابره من الأرض.

ونعوذ بالله ونبرأ إليه من كل داع يدعو إلى الفرقة والخلاف، وكل ساع يسعى إلى التفريق والتمزيق ، وكل ناعق ينعق بالفتنة والفساد.

وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه والحمد لله رب العالمين


هناك تعليقان (2):

  1. بارك الله فيك ياإمام نسال الله الامن والامان للبلاد والعباد

    ردحذف
  2. تكرم شيخنا الفاضل أجدت وأفدت

    ردحذف