......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الثلاثاء، 8 ديسمبر 2015

مكانة الصحابة الكرام

الحمد لله الذي سهل لعباده المتقين إلى مرضاته سبيلا ، وأوضح لهم طرق الهداية وجعل اتباع الرسول عليها دليلا ، واتخذهم عبيدا له فأقروا له بالعبودية ولم يتخذوا من دونه وكيلا ، واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة نشهد بها مع الشاهدين ، و ندخرها عند الله عدة ليوم الدين ، واشهد أن الحلال ما حلله والحرام ما حرمه والدين ما شرعه ، وان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور ، واشهد أن محمدا عبده المصطفى ، ونبيه المرتضى  ، ورسوله الصادق المصدوق ، الذي لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، أرسله رحمة للعالمين وحجة للسالكين ، وحجة على العباد أجمعين ، فصلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ، صلاة دائمة بدوام السموات والأرضين، مقيمة عليهم أبدا لا تروم انتقالا عنهم ولا تحويلا.
"  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" (آل عمران102)
أيها الإخوة الكرام:
كم نحن في حاجة إلى التعرف على تاريخ وسير أسلافنا الصالحين ، الذين هم قدوتنا ، ومنهم نستمد قوتنا ، وتاريخهم ليس مجرد أحداث مدونة أوقائع مسجلة ، بل هو الكنز الذي يحفظ مقومات الأمة فكرا وعقيدة وثقافة وتجربة ... والأمة التي لا تفقه تاريخها ، ولا تحفظ حق رجالها أمة ضعيفة هزيلة مصير إلى الزوال والاندثار...
لأجل ذلك ينبغي أن ندرس سير صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن نتعرف على حياتهم ومواقفهم ومناقبهم وفضائلم .... لا سيما في هذا العصر الأنكد الذي تتعرض فيها الأمة الإسلامية إلى أبشع الهجمات وأقوى الضربات ، التي تستهدف أمتنا في تراثها العقائدي والفكري والفقهي والسلوكي ... وأكبر خطر يهدد أمتنا وكياننا .. هذه الطوائف التي تنتسب للإسلام وتتحدث باسمه .. وفي الحقيقة إنما تتخذ من الإسلام مطية لضرب الأمة الإسلامية من الداخل .. وهي طوائف كثيرة ومتعددة يجمعها قاسم مشترك هو: [ تشكيك الأمة في تراثها الإسلامي ثم سلخها عن أصالتها]. وأخطرها على الإطلاق تلك الطوائف الشيعية التي تطعن في صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته ... حتى وجدنا  من شبابنا من صار يشك في عدالة الصحابة ؟ وأصبحنا نتلقى أسئلة غريبة في هذا الشأن ؟
اعلموا أيها الإخوة أن أصحاب رسول الله هم خير البريئة ، فقد اختارهم الله لصحبة نبيه ، ونشر الرسالة الخاتمة ، وحفظ الشريعة الخالدة ، فولا الصحابة ما حفظ القرآن العظيم ولا السنة المطهرة.
وعدالتهم معلومة ، فهي من مسائل العقيدة القطعية ، أو هي مما هو معلوم من الدين بالضرورة ،  ودلائل ذلك لا حصر لها ، نذكر منها في هذا المقام:
أولا: أنه لا مأخذ للشريعة إلا عن طريق الصحابة
فإذا كانوا مطعونا في عدالتهم كما يدعي هؤلاء الشيعة .. فمعنى ذلك أن الشريعة كلها باطلة ، وهذا محال ؛ لأن الله تعالى قال :" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" . والقرآن لم يحفظ بملائكة نزلت من السماء؟   بل حفظ بجهود الصحابة الكرام ، " بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ ".
ثانيا: القرآن يشهد بعدالة الصحابة وفضلهم
 ومن ذلك ، قوله تعالى :"َ لقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ لسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً".  قال سيدنا جابر بن عبد الله- رضي الله عنه-: (كنا ألفاً وأربعمائة) أي ؛ الذين تحت الشجرة ،  كلهم قد رضي الله عنهم ....
"والرضى من الله صفة قديمة فلا يرضى إلا عن عبد علم أنه سيوافيه على موجبات الرضى ، ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه أبداً ...". 
فالله يقول أني  رضيت عن الصحابة ، وهؤلاء الشيعة يقولون لا ، بل هم كفرة فسقة ... والنتيجة: أن الشيعة هم الكفرة الفجرة ؛ لأنهم يكذبون القرآن صراحة.
  ثالثا: ومن السنة المطهرة
1-  قوله صلى الله عليه وسلم-:" لا تسبوا أحداً من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه" رواه مسلم.
2-  وعن سعيد بن المسيب عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-"إن الله اختار أصحابي على الثقلين سوى النبيين والمرسلين". [رواه البزار في مسنده بسند رجاله موثوقون]
3-  وفى الصحيحين عن أنس - رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار) وفى رواية:(لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق".
رابعا: من أقوال السلف في الصحابة
1-  قال عمر: " من فضلني  على أبى بكر نقيم عليه حد المفتري".
2-  وقال أمير المؤمنين علي بن أبى طالب: "لا يفضلني أحد على أبى بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري".
فإذا كان الخليفتان الراشدان عمر وعلي - رضي الله عنهما يجلدان حد المفتري من يفضل علياً على أبي بكر وعمر، أو من يفضل عمر على أبى بكر مع أن مجرد التفضيل ليس فيه سب ولا عيب، علم أن عقوبة السب عندهما فوق هذا بكثير.
3-  وقال سفيان الثوري - في قوله تعالى- :"قُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ وسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَذِينَ اصْطَفَى".  قال: هم أصحاب محمد  صلى الله عليه وسلم.
4-  وهذا الإمام مالك رحمه الله يستنبط من قوله تعالى :"مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ  ... لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ" كفر من يبغض الصحابة ؛ لأن الصحابة يغيظونه ، ومن غاظه الصحابة فهو كافر، ووافقه الشافعي وغيره.
5-  وقال سيدنا ابن عمر رضي الله عنهما قال: "من كان مستناً فليستن بمن قد مات، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا خير هذه الأمة، أبرها قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونقل دينه، فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم، فهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا على الهدى المستقيم".
خامسا : بيان عقيدة أهل السنة في الصحابة
1-  يقول أبو زيد القيراوني – مبرزا عقيدة أهل السنة في الصحابة الكرام - : ".. وخير القرون القرن الذين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنوا به ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، وأفضل الصحابة الخلفاء الراشدون المهديون ، أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين ، وأن لا يذكر أحد من صحابة الرسول إلا بأحسن ذكر ، والإمساك عما شجر بينهم ، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج ، ويظن بهم أحسن المذاهب".
2-  ويقول أبو جعفر الطحاوي :" .. ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان ".
وهَيْهاتَ هَيْهاتَ أنْ نحُصِيَ في هذهِ العُجالةِ ما للصحابة الكرام  مِنَ الفضْلِ الجَلِيِّ ؛ والقدْرِ العَلِيِّ، ولكنْ حَسْبُنا ما استحضَرْناهُ مِنْ فضائلهم ودلائل عدالتهم ، وفي ظل هذه الفتن المتلاحقة ، وأمام هذا الدجل الذي بدأ يغزو أبناءنا ، حتى وجد من يمارس الطقوس الشيعية في بعض مساجد بلادنا ،  بات لزاما على المسلمين أن يتحصنوا بالعلم الشرعي الذي طريقه الكتاب والسنة ، وفهم الأئمة الهداة الأربعة ؛ فذلك هو  الملاذ لحفظ مرجعيتنا الدينية ووحدتنا الوطنية.
باركَ اللهُ لي ولكم في الفرقانِ والذِّكرِ الحكيمِ، ووفَّقَنا للاعتصامِ به وبما كانَ عليهِ النبيُّ الكريمُ ؛ عليهِ أفضلُ الصلاةِ وأزكَى السلام والتسليمِ ؛ مِنَ الهَدْيِ القَويمِ ؛ والصراطِ المستقيمِ ، أقولُ ما تسمعونُ وأستغفرُ اللهَ الغفورَ الحليمَ ، لي ولكم مِنْ كلِّ ذَنْبٍ وحَوْبٍ فتوبوا إليهِ واستغفروه إنَّه هوَ التوَّابُ الرحيمُ. 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق