......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الاثنين، 13 يناير 2014

المبحث التاسع : " المسح على الخفين والجبيرة "


المطلب الأول: المسح على الخفين

أولا: تعريف المسح على الخفين: [1]

الخف مفرد خفاف ، ومثناه : خفان رفعا ، وخفين نصبا وجرا.
والمراد به :ما يستر القدمين من جلد مخروز ، ويمكن متابعة المشي عليه.
ومعنى المسح على الخفين: إمرار اليد المبلولة بالماء عليهما ، بدلا من غسل الرجلين في الوضوء ، لذكر أو أنثى ، في حضر أو سفر ، ولو كان سفر معصية.

ثانيا : حكم المسح الخفين:

المسح على الخفين رخصة جائزة ، بدليل قوله تعالى : " وامسحوا برؤوسكم وأرجلَكم إلى الكعبين " ، فقد قَرَأَها  ابْنُ عَبَّاسٍ و أَنَسٌ وَعَلْقَمَةُ وَأَبُو جَعْفَرٍ بِالْخَفْضِ:(وأرجلِكم) ، والقراءة بالخفض محمولة على المسح على الخفين.
وقد ثبت بالنقل المتواتر أن النبي – صلى الله عليه وسلم – مسح الخفين ، ومن ذلك :
ما رواه البخاري عن المغيرة بن شعبة رضي اللَّه عَنهُ عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "أنه خرج لحاجته، فأتبعه المغيرة بإداوة[2] فيها ماء، فصب عليه حين فرغ من حاجته، فتوضأ ومسح على الخفين"[3].

ثالثا: شروط جواز المسح على الخفين:

أ‌-       شروط الماسح:
1-    أن يلبسه على طهارة كاملة ، فإن لبسه محدثاً ، ثم أراد الوضوء والمسح عليه فلا يجوز.
2-    أن تكون الطهارة التي لبس بعدها الخف مائية لا ترابية ، فلا يصح أن يلبسه بعد التيمم.
3-  أن لا يقصد بلبسه لمجرد الرفاهية  أو التنعم ، أو لمجرد النوم به ، أو لكونه حاكماً .... بل ينبغي أن يقصد به  إتباع السنة ، أو اتقاء حرٍ أو برد أو عقرب وشبهها.
4-  أن لا يكون عاصياً بلبسه ، كالرجل المحرم بحج أو عمرة ، لوجوب تجرده من المخيط ، ومثله الغاصب فلا يصح المسح على خف مغصوب.

ب‌-   شروط الممسوح:
1-    أن يكون الخفان مصنوعين من جلد ، فإن كانا من كتان أو قطن فلا يصح المسح عليهما.
2-    أن يكونا طاهرين، أي صنعا من جلد طاهر لا من جلد ميتة ولو دبغ.
3-    أن يكونا مخروزين لا ملصوقين أو منسوجين.
4-  أن يكونا ساترين للقدمَيْن مع الكعبين، فإن كان الخف مثقوبا قدر ثلث القدم فأكثر، فلا يصح المسح عليه ، ولو التصق الخرق بحيث لم يظهر منه القدم.
5-    أن يمكن متابعة المشي فيهما عادة ، أما إن كان واسعا تنسلت منه القدم فلا يصح المسح عليه .
6-  أن لا يكون على محل المسح المفروض (وهو أعلى الخف) حائل يمنع وصول الماء إلى الخف ، كخرقة أو شمع أو عجين .. أما إن كان الحائل في أسفل الخف فلا مانع ؛ لأنه لا يتوجب مسح أسفله على القول المعتمد بل يُندب.
رابعا: مبطلات المسح على الخفين:
1-    يبطل المسح على الخفين بطروء موجب من موجبات الغسل، كجنابة أو حيض أو نفاس.
2-    يبطل المسح بخرق الخف قدر ثلثِه فأكثر، أما الخرق اليسير فمغتفر.
3-    خروج القدم من الخف ، عمدا أو سهوا.

خامسا: مدة المسح على الخفين:

المشهور أن المسح على الخفين لا يحدد بمدة معلومة ، فيجوز المسح عليهما من غير توقيت ، ما لم يخلعهما ، و ما ورد من في تحديد المدة بيوم وليلة للمقيم ، وثلاثة أيام بليالهن للمسافر ، فمحمول على الندب لا الوجوب .

سادسا : الكيفية المستحبة في المسح على الخفين:

وهي : أن يضع باطن أصابع يده اليمنى فوق أطراف أصابع قدمه اليمنى، ويضع يده اليسرى تحت أصابعها ويمر بيده على خف رجله اليمنى إلى الكعبين، ويفعل في خف رجل اليسرى عكس ذلك ، بحيث يضع يده اليسرى فوق أطراف أصابع رجله اليسرى ، وأصابع اليد اليمنى من تحتها ويمر بهما إلى الكعبين.
ومسح ظاهر الخفين واجب ، وأما مسح باطنها فمستحب.

المطلب الثاني: المسح على الجبيرة

أولا: تعريف المسح على الجبيرة:

- الجبيرة - والجمع جبائر - تطلق على ما يوضع على الجراح ، كالأعواد التي يربط بها العضو المكسور، أو اللزقة التي توضع على القروح ونحوها ، أو الخرقة التي توضع على العين ، أو القرطاس الذي يوضع على الصدغ لصداع ونحوه ، ومثل ذلك العمامة إذا خيف الضرر بنزعها.
- ومعنى المسح عليها: إمرار اليد المبلولة بالماء عليها مرة واحدة ، من غير تشديد ، في طهارة صغرى أو كبرى. 

ثانيا: حكم المسح على الجبيرة:

حكم المسح على الجبيرة الوجوب أو الإباحة ، في الوضوء والغسل، بدلا من غسل العضو المريض أو مسحه.
- فيكون المسح واجبا: إذا خشي الهلاك ، أو الضرر المؤدي إلى إتلاف أحد الحواس ، أو تعطيله عن بعض وظائفه.
- يكون المسح مباحا: إذا خشي شدة ألم أو تأخر شفاء من غير هلاك أو تلف أحد الحواس.
- ولا يجوز المسح إن توهم الضرر ، أو خشي مجرد المشقة .

ثالثا: دليل مشروعيتها:

- ما روي عن علي رضي اللَّه عَنهُ قال: انْكَسَرَتْ إِحْدَى زَنْدَيَّ ، فَسَأَلْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «فَأَمَرَنِي أَنْ أَمْسَحَ عَلَى الْجَبَائِرِ»[4].
- وما روي عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً، فَأَصَابَهُمُ الْبَرْدُ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ[5] وَالتَّسَاخِينِ[6]»[7]. فإذا جاز المسح على العمائم والخفاف لأجل البرد ، فمن باب أولى جوازه على الجبائر لأجل الجراح ونحوها.


ثالثا: شرائط المسح على الجبيرة:

1-   أن يكون غسل العضو المريض يضر به ، بحيث يؤدي إلى هلاك أو ذهاب منفعة ، أو حدوث ألم شديد ، أو تأخر شفاء أو زيادة مرض.
2-      ألا يقدر على مسح الجرح  وشبهه مباشرة ، وإلا لزمه ذلك.
3-      ألا يخشى الضرر من غسل بقية الأعضاء ، وإلا انتقل إلى التيمم.
4-      ألا تعم الجراح أغلب الجسد في الغسل ، أو أغلب أعضاء الوضوء في الوضوء ، وإلا انتقل إلى التيمم.
5-   أن يعمم موضع جبيرته بالمسح ، بأن يغسل الجزء السليم من البدن - في والوضوء أو الغسل- ثم يمسح على الجزء المريض جميعه .
6-      و لا يشترط في الجبيرة وضعها عل طهارة ، و لا يشترط فيها مدة معينة .

رابعا : حالات تعذر مسح الجراح:

1- إن كانت الجراح في أعضاء التيمم (الوجه واليدين) كلاً أو بعضاً ، يتركها بلا غسل ولا مسح لتعذر مسها ، ويتوضأ وضوءاً ناقصاً ؛ إذ لو تيمم لتركها أيضاً ، ووضوء أو غسل ناقص مقدم على تيمم ناقص.
2- أما إذا كانت الجراحات في غير أعضاء التيمم :
    - فقيل: يتيمم ليأتي بطهارة ترابية كاملة.
    - وقيل: يغسل الصحيح ويسقط محل الجراح.
    - وقيل: يتيمم إن كان الجريح أكثر من الصحيح.
    - وقيل: يجمع بين الغسل والتيمم ، فيغسل الصحيح ويتيمم للجريح، ويقدم الغسل على التيمم لئلا يفصل بين الطهارة الترابية وبين ما فعلت له بالمائية.

خامسا : مبطلات المسح على الجبيرة:

-         يبطل المسح على الجبيرة بسقوطها أو نزعها من موضعها .
-         وإن حصل ذلك أثناء الصلاة بطلت صلاته ، سواء سقطت عن برء أو عن غير برء.
-    وإن نزعها بعد المسح لوضع دواء على الجرح ، ردها ومسح عليها ، إن لم يطل الزمن ، فإن طال الزمن بطلت الطهارة كلها، فيستأنفها من جديد.
-    أما إن نزعها بعد المسح عليها لبرء ، وأراد المحافظة على طهارته ، فعليه أن يبادر إلى تطهير ما تحتها بالغسل ، إن كان مما يغسل كالوجه واليدين ، أو بالمسح إن كان مما يمسح كالرأس ، بحيث لا تفوته الموالاة ، أما إن تراخى حتى طال الزمن بطلت الطهارة كلها، فيستأنفها من جديد.



[1] راجح في مبحث المسح على الخف والجبيرة :
                              - بلغة السالك المعروف بحاشية الصاوي على الشرح الصغير. 1/ 52.
                              - ومنح الجليل شرح على مختصر سيد خليل. 1 /12.
[2] بإداوة : هِيَ إِنَاء الْوضُوء.
[3] البخاري: ج 1/ كتاب الوضوء باب 47/200.
[4] سنن ابن ماجه رقم 657
[5] العصائب: هي العمائم جمع عمامة.
[6] التساخين: هي الخفاف جمــع خف.
[7] سنن أي داود رقم 146

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق