المطلب الأول: المسح على الخفين
الخف مفرد خفاف ، ومثناه : خفان رفعا ، وخفين
نصبا وجرا.
والمراد به :ما يستر القدمين من جلد مخروز ،
ويمكن متابعة المشي عليه.
ومعنى المسح على الخفين: إمرار اليد المبلولة
بالماء عليهما ، بدلا من غسل الرجلين في الوضوء ، لذكر أو أنثى ، في حضر أو سفر ،
ولو كان سفر معصية.
ثانيا : حكم المسح الخفين:
المسح على الخفين رخصة جائزة ، بدليل قوله
تعالى : " وامسحوا برؤوسكم وأرجلَكم إلى الكعبين " ، فقد
قَرَأَها ابْنُ عَبَّاسٍ و أَنَسٌ
وَعَلْقَمَةُ وَأَبُو جَعْفَرٍ بِالْخَفْضِ:(وأرجلِكم) ، والقراءة بالخفض
محمولة على المسح على الخفين.
وقد ثبت بالنقل المتواتر أن النبي – صلى الله
عليه وسلم – مسح الخفين ، ومن ذلك :
ما رواه البخاري عن المغيرة بن
شعبة رضي اللَّه عَنهُ عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "أنه خرج
لحاجته، فأتبعه المغيرة بإداوة[2] فيها ماء، فصب عليه حين فرغ من
حاجته، فتوضأ ومسح على الخفين"[3].
ثالثا: شروط جواز المسح على
الخفين:
أ-
شروط الماسح:
1- أن يلبسه على
طهارة كاملة ، فإن لبسه محدثاً ، ثم أراد الوضوء والمسح عليه فلا يجوز.
2- أن تكون الطهارة
التي لبس بعدها الخف مائية لا ترابية ، فلا يصح أن يلبسه بعد التيمم.
3- أن لا يقصد بلبسه لمجرد
الرفاهية أو التنعم ، أو لمجرد النوم به ،
أو لكونه حاكماً .... بل ينبغي أن يقصد به إتباع السنة ، أو اتقاء حرٍ أو برد أو عقرب وشبهها.
4- أن لا يكون عاصياً بلبسه ، كالرجل
المحرم بحج أو عمرة ، لوجوب تجرده من المخيط ، ومثله الغاصب فلا يصح المسح على خف
مغصوب.
ب-
شروط الممسوح:
1- أن يكون الخفان
مصنوعين من جلد ، فإن كانا من كتان أو قطن فلا يصح المسح عليهما.
2- أن يكونا طاهرين،
أي صنعا من جلد طاهر لا من جلد ميتة ولو دبغ.
3- أن يكونا مخروزين
لا ملصوقين أو منسوجين.
4- أن يكونا ساترين
للقدمَيْن مع الكعبين، فإن كان الخف مثقوبا قدر ثلث القدم فأكثر، فلا يصح المسح
عليه ، ولو التصق الخرق بحيث لم يظهر منه القدم.
5- أن يمكن متابعة
المشي فيهما عادة ، أما إن كان واسعا تنسلت منه القدم فلا يصح المسح عليه .
6- أن لا يكون على
محل المسح المفروض (وهو أعلى الخف) حائل يمنع وصول الماء إلى الخف ، كخرقة أو شمع
أو عجين .. أما إن كان الحائل في أسفل الخف فلا مانع ؛ لأنه لا يتوجب مسح أسفله
على القول المعتمد بل يُندب.
رابعا: مبطلات
المسح على الخفين:
1-
يبطل المسح على الخفين بطروء موجب من موجبات
الغسل، كجنابة أو حيض أو نفاس.
2-
يبطل المسح بخرق الخف قدر ثلثِه فأكثر، أما
الخرق اليسير فمغتفر.
3-
خروج القدم من الخف ، عمدا أو سهوا.
خامسا: مدة المسح
على الخفين:
المشهور أن المسح على الخفين لا
يحدد بمدة معلومة ، فيجوز المسح عليهما من غير توقيت ، ما لم يخلعهما ، و ما ورد
من في تحديد المدة بيوم وليلة للمقيم ، وثلاثة أيام بليالهن للمسافر ، فمحمول على
الندب لا الوجوب .
سادسا : الكيفية المستحبة
في المسح على الخفين:
وهي : أن يضع باطن
أصابع يده اليمنى فوق أطراف أصابع قدمه اليمنى، ويضع يده اليسرى تحت أصابعها ويمر
بيده على خف رجله اليمنى إلى الكعبين، ويفعل في خف رجل اليسرى عكس ذلك ، بحيث يضع
يده اليسرى فوق أطراف أصابع رجله اليسرى ، وأصابع اليد اليمنى من تحتها ويمر بهما
إلى الكعبين.
ومسح ظاهر الخفين
واجب ، وأما مسح باطنها فمستحب.
المطلب الثاني: المسح على الجبيرة
أولا: تعريف المسح على الجبيرة:
- الجبيرة - والجمع جبائر - تطلق
على ما يوضع على الجراح ، كالأعواد التي يربط بها العضو المكسور، أو اللزقة التي
توضع على القروح ونحوها ، أو الخرقة التي توضع على العين ، أو القرطاس الذي يوضع
على الصدغ لصداع ونحوه ، ومثل ذلك العمامة إذا خيف الضرر بنزعها.
- ومعنى المسح عليها: إمرار اليد المبلولة بالماء عليها مرة واحدة
، من غير تشديد ، في طهارة صغرى أو كبرى.
ثانيا: حكم المسح على الجبيرة:
حكم المسح على
الجبيرة الوجوب أو الإباحة ، في الوضوء والغسل، بدلا من غسل العضو المريض أو مسحه.
- فيكون المسح
واجبا: إذا خشي
الهلاك ، أو الضرر المؤدي إلى إتلاف أحد الحواس ، أو تعطيله عن بعض وظائفه.
- يكون المسح مباحا: إذا خشي شدة ألم أو تأخر شفاء من
غير هلاك أو تلف أحد الحواس.
- ولا يجوز المسح إن توهم الضرر ، أو خشي مجرد المشقة .
ثالثا: دليل مشروعيتها:
- ما روي عن علي رضي اللَّه عَنهُ قال:
انْكَسَرَتْ إِحْدَى زَنْدَيَّ ، فَسَأَلْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، «فَأَمَرَنِي أَنْ أَمْسَحَ عَلَى الْجَبَائِرِ»[4].
- وما روي عَنْ
ثَوْبَانَ، قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
سَرِيَّةً، فَأَصَابَهُمُ الْبَرْدُ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ[5] وَالتَّسَاخِينِ[6]»[7].
فإذا جاز المسح على العمائم والخفاف لأجل البرد ، فمن باب أولى جوازه على الجبائر
لأجل الجراح ونحوها.
ثالثا: شرائط المسح على الجبيرة:
1-
أن يكون غسل العضو المريض يضر به ، بحيث يؤدي إلى هلاك أو
ذهاب منفعة ، أو حدوث ألم شديد ، أو تأخر شفاء أو زيادة مرض.
2-
ألا يقدر على مسح الجرح وشبهه مباشرة
، وإلا لزمه ذلك.
3-
ألا يخشى الضرر من غسل بقية الأعضاء ، وإلا انتقل إلى التيمم.
4-
ألا تعم الجراح أغلب الجسد في الغسل ، أو أغلب أعضاء الوضوء في الوضوء ، وإلا
انتقل إلى التيمم.
5-
أن يعمم موضع جبيرته بالمسح ، بأن يغسل الجزء السليم من البدن
- في والوضوء أو الغسل- ثم يمسح على الجزء المريض جميعه .
6-
و لا يشترط في الجبيرة وضعها عل طهارة ، و لا يشترط فيها مدة
معينة .
رابعا : حالات تعذر مسح الجراح:
1- إن كانت الجراح في أعضاء التيمم (الوجه
واليدين) كلاً أو بعضاً ، يتركها بلا غسل ولا مسح لتعذر مسها ، ويتوضأ وضوءاً
ناقصاً ؛ إذ لو تيمم لتركها أيضاً ، ووضوء أو غسل ناقص مقدم على تيمم ناقص.
2- أما إذا كانت الجراحات في غير أعضاء التيمم
:
- فقيل: يتيمم ليأتي بطهارة ترابية
كاملة.
- وقيل: يغسل الصحيح ويسقط محل الجراح.
- وقيل: يتيمم إن كان الجريح أكثر من الصحيح.
- وقيل: يجمع بين الغسل والتيمم ، فيغسل الصحيح
ويتيمم للجريح، ويقدم الغسل على التيمم لئلا يفصل بين الطهارة الترابية وبين ما
فعلت له بالمائية.
خامسا : مبطلات المسح على
الجبيرة:
-
يبطل المسح على الجبيرة بسقوطها أو نزعها من موضعها .
-
وإن حصل ذلك أثناء الصلاة بطلت صلاته ، سواء سقطت عن برء أو
عن غير برء.
-
وإن نزعها بعد المسح لوضع دواء على الجرح ، ردها ومسح عليها ،
إن لم يطل الزمن ، فإن طال الزمن بطلت الطهارة كلها، فيستأنفها من جديد.
-
أما إن نزعها بعد المسح عليها لبرء ، وأراد المحافظة على
طهارته ، فعليه أن يبادر إلى تطهير ما تحتها بالغسل ، إن كان مما يغسل كالوجه
واليدين ، أو بالمسح إن كان مما يمسح كالرأس ، بحيث لا تفوته الموالاة ، أما إن تراخى
حتى طال الزمن بطلت الطهارة كلها، فيستأنفها من جديد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق